ندّدت 56 منظمة مدنية تونسية، اليوم الإثنين، بممارسات الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، مطالبة بـ"وضع حدّ لحالات الغرق المريبة لمراكب المهاجرين غير النظاميين عند السواحل التونسية".
وأصدرت المنظمات المدنية بيانها المشترك، عقب وقفة احتجاجية نُظّمت أمس الأحد في مدينة جرجيس الواقعة على الساحل الجنوبي لتونس للمطالبة بالكشف عن مصير المفقودين في غرق مركب هجرة، في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، كان على متنه 18 مهاجراً من أبناء المدينة.
وجاء في البيان الصادر عن المنظمات المدنية أنّ اختفاء مراكب المهاجرين وانتشار حطام مراكب أخرى قبالة الساحل التونسي في أثناء محاولات للوصول إلى إيطاليا أمران تكرّرا في السنوات الماضية.
من جهته، رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 575 ضحية ومفقوداً منذ بداية عام 2022 وحتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني منه. وأكّد المتحدث الرسمي باسم المنتدى رمضان بن عمر لـ"العربي الجديد" أنّ "هذه المراكب تختفي من دون أن تترك أيّ أثر وتضع العائلات والمقرّبين في حالة من عدم اليقين والحداد".
أضاف بن رمضان أنّ "العامَين الماضيَين شهدا تواتراً في الحوادث العنيفة للحرس البحري على امتداد السواحل التونسية"، مشيراً إلى أنّ "هذه الممارسات العنيفة موثّقة ومدعّمة بتسجيلات فيديو تُبثّ على شبكات التواصل الاجتماعي". وشرح أنّ الحوادث العنيفة التي تحصل في البحر الأبيض المتوسط وعند السواحل التونسية هي "مناورات خطرة يأتي بها الحرس البحري في وجه مراكب الهجرة غير النظامية، وذلك في مسعى إلى إحباط عمليات الهجرة التي تُقلّ مهاجرين من جنسيات مختلفة". أضاف أنّ "القوة المفرطة تُستخدَم في الغالب في هذه المناورات في البحر، الأمر الذي يتسبّب في مآسٍ عديدة بحسب شهادات ناجين".
وأفاد بن عمر أنّ "المنظمات الموقّعة على بيان اليوم الإثنين قرّرت التوجّه إلى الرأي العام لقطع السردية التي يحاول الحرس البحري ترويجها حول استخدام المهاجرين آلات حادة لمنع الحرس البحري من التصدي لاجتياز الحدود البحرية". بالنسبة إليه، فإنّ "عمليات الاعتراض تسبّبت في مآسٍ عديدة، فيما يواصل الاتحاد الأوروبي تزويد تونس بمزيد من الوسائل لمراقبة سواحلها ومحاولة الإيحاء بتجنّب هذه المآسي".
ولفتت المنظمات المدنية في بيانها إلى أنّ "أدلة تشير إلى تورّط خفر السواحل التونسية بشكل مباشر في مناورات خطرة أودت بحياة عشرات المهاجرين". أضافت أنّ "شبكة هاتف إنذار المتوسط (Alarm Phone)، وهي خط هاتفي طارئ للأشخاص الذين يعانون من محنة في البحر، جمعت كثيراً من الشهادات والصور ومقاطع الفيديو المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تسلّط الضوء على السلوك العنيف للحرس البحري التونسي في أثناء عمليات الاعتراض في البحر".
وتابعت المنظمات أنّ "تحويل السواحل التونسية إلى مقبرة بحرية لا يرجع فقط إلى ممارسات عناصر الحرس البحري التونسي، بل تشكّل هذه الممارسات جزءاً من التشديد المستمرّ للضوابط على طول هذا الطريق من أجل تقليل عدد الوافدين إلى السواحل الإيطالية بأيّ ثمن".
وبين عامَي 2011 و2022، خصّصت الدولة الإيطالية 47 مليون يورو (نحو 50 مليون دولار أميركي) لتونس بهدف مراقبة الحدود وتدفقات الهجرة بحسب بيانات المنظمات المدينة، وقد أُنفقت الأموال بمعظمها على استيراد زوارق دوريات للحرس البحري التونسي وإصلاح أخرى.
كذلك خصّص صندوق الطوارئ الائتماني لأفريقيا التابع للاتحاد الأوروبي 30 مليون يورو (نحو 32 مليون دولار أميركي) لتونس بين عامَي 2018 و2023 لتنفيذ نظام متكامل لمراقبة الحدود البحرية.
وفي سياق متصل، كشفت بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعام 2022، حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول منه، أنّ السلطات التونسية اعترضت ما لا يقلّ عن 30.604 مهاجرين، بزيادة نسبتها 38 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021 وبأكثر من ستة أضعاف مقارنة بعام 2019.