عادت المخاوف لتلاحق النازحين العائدين لمدنهم وبلداتهم في ريف محافظة إدلب المحرر شمالي غرب سورية، وذلك مع تصاعد وتيرة خروقات النظام والقوات الموالية له لوقف إطلاق النار في المنطقة.
مدينة بنش التي تشهد هدوءا في الوقت الحالي رغم كونها على خطوط تماس المعارك، يعيش سكانها حالة من التأهب، خاصة أنها شهدت حركة نزوح غير مسبوقة منذ مطلع العام الجاري، ويمكن أن تطاول قذائف مدفعية النظام الأحياء بكاملها.
محمد الرجب الذي عاد لافتتاح بقالته في بنش يوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ الحياة في الوقت الحالي تسير على طبيعتها، ويقول: "بالنسبة لي هناك خوف من نزوح ومعاناة جديدة، وهذا صعب علينا كوننا مررنا بتجربة صعبة بعد وصول النظام لمنطقة قريبة جدا من المدينة. المخاوف موجودة دائما والجو مشحون بالخوف، لكن علينا مواصلة حياتنا كما هي عليه، وفي حال تعرضت المدينة للقصف لن يكون أمامنا سوى النزوح من جديد".
وشهدت مناطق جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي خلال الأيام الماضية حركة نزوح لعشرات العوائل مع تصاعد وتيرة خروقات قوات النظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه في الخامس من مارس/ آذار الماضي، إذ أكد فريق "منسقو استجابة سورية" وصول هذه العوائل لمناطق المخيمات العشوائية في الريف الشمالي لمحافظة إدلب.
وأكد الفريق في بيان صدر عنه يوم أمس الأربعاء، أن المنطقة المحررة في إدلب لم تعد قادرة على استيعاب موجة نزوح جديدة، ولا الجهات المعنية بالشأن السوري قادرة على إيقاف هذا التصعيد العسكري، ليتمكن المدنيون من العودة لمناطقهم والاستقرار فيها.
في المقابل يوضح أبو محمد (45 عاما) وهو من أهالي منطقة جبل الزاوية لـ"العربي الجديد"، أنه شهد خلال الشهر الماضي الكثير من عمليات القصف، وكان مرغما على التحمل، لكن مع عودة الطيران لسماء المنطقة أصبح الخطر كبيرا ولم يكن لديه خيار آخر سوى النزوح مع عائلته لمنطقة أكثر أمنا في إدلب.
ويتابع أبو محمد "يبدو أن حياتنا ستمضي على هذا النحو، سنعيش أياما يشغلها النزوح بحثا عن الأمان فقط، من الجيد أننا نملك خيمة يمكن أن نأوي إليها أينما ننزح وهذا العزاء الوحيد لنا في الوقت الحالي، أما عن العودة فلن أتخلى عنها أبدا، وعند استقرار المنطقة سأحاول الرجوع ولو لأقضي أياما قليلة في بيتي، فكما يقال عتبة الألم وصلت لأقصاها".
وكانت مناطق ريف إدلب الجنوبي ومنها مدينة أريحا إضافة لمدن بنش وسرمين، شهدت في يناير/ كانون الثاني مطلع العام الحالي موجات نزوح غير مسبوقة، ووصل عدد النازحين خلال الحملة العسكرية التي بدأتها قوات النظام بدعم روسي لنحو 1.7 مليون نازح، بينما قدّرت أعداد العائدين خلال مايو/ أيار الماضي بنحو 300 ألف.