كان العيد في مدينة كفرنبل مختلفاً عما هو عليه الآن وبعض أهلها في النزوح؛ فالأقارب والأصدقاء بعيدون على قرب المسافة. هذا هو الحال بالنسبة لأحمد العلي، الذي يقطن اليوم في بلدة كفرتخاريم، شمالي إدلب، نازحًا من كفرنبل. اقتصر العيد لديه على الأهل وبعض من بقي له من الأقارب، أما من فرقته المسافات والحدود عنهم فكان "واتساب" الوسيلة الوحيدة لديه لمعايدتهم.
يقول العلي لـ"العربي الجديد": "كنازح خرجت من بلدتي مكرهاً أشعر بالحزن؛ فهذا العيد الأول لي خارج مدينتي، الأقارب مفرقون ونازحون والبعض منهم خارج سورية، وكذلك الأمر بالنسبة للأصدقاء، أرى الأطفال في الشارع يلعبون بالأراجيح. هناك اثنتان فقط في الخارج؛ قلة من الأطفال النازحين من يستطيعون اللعب بهما، والزحام شديد عليهما".
كلّ من فقد بيته وهُجّر تكون أولى الأماني لديه العودة، كما يقول العلي؛ "هي الخلاص بالنسبة للنازح، وشعور بالأمان في بيت كبر فيه ومدينة ألف وجوه أهلها، واعتاد أن يعيش العيد فيها بكلّ الظروف".
في مدينة بنش، التي تبعد نحو 7 كيلومترات عن مدينة إدلب، أجواء العيد حاضرة وبقوة للمرة الأولى منذ سنوات، فهناك حالة من الطمأنينة لدى الأهالي بأن الطائرات الحربية لن تقصف المدينة وتحرمهم الهدوء.
يقول الثلاثيني محمد الرجب من أبناء المدينة، لـ"العربي الجديد"، إن "في هذا العيد متنفسًا للأهالي في المدينة، مع غياب القصف والخوف منه، وهذا الأمر انعكس إيجاباً على الجميع، فالأطفال يلعبون وشوارع المدينة تغص بالأهالي، وأجواء العيد وطقوسه هذه لم تشهدها المدينة منذ سنوات مضت".
ويمضي قائلًا: "في الأعياد التي بعد انطلاقة الثورة، عشنا دائماً في خوف من القصف والغارات الجوية والمجازر، لكن في هذا العيد نعيش نوعاً من الاستقرار الذي فقدناه. نرجو أن يدوم، وكل ما نرجوه هو الخلاص من النظام الذي حرمنا فرحة العيد وحرمتنا قنابل طائراته وصواريخ جيشه وقذائف مدفعيته من الكثير من الأحبة، وغيبت سجونه المقربين، نرجو الخلاص من الظلم وأن يعم الأمن والسلام مناطقنا".
أما أبو أسعد، المهجر من بلدة الدار الكبيرة في ريف حمص الشمالي، والذي يقيم في بلدة الدانا بريف إدلب، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أنه "يتمنى لقاء أهله في بلدته وأن يجتمع مع أقاربه"، مشيراً إلى أنه "متفائل بالخلاص من ظلم النظام، الذي تسبب بالمآسي والآلام لملايين السوريين، ودمر بيوتهم وهجرهم واعتقل منهم".
ويتابع: "أتمنى أن أعود لبلدتي وبيتي وأعيش الأمان والهدوء، وأن يمر العيد عليّ بين الأهل والأقارب والأحبة، وأرجو الخلاص مما نحن فيه".
وعيد الفطر الحالي هو العيد العاشر للسوريين في ظل الثورة، وأتاحت حالة الهدوء وغياب الطائرات الحربية عن سماء المناطق المحررة في إدلب عودة أجواء العيد التي غابت عن المنطقة لسنوات، رغم الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها المنطقة في الوقت الحالي.