تونس: "القمصان البيضاء" في مواجهة كورونا

03 ابريل 2020
مبادرات محليّة لتعقيم الأماكن العامة في تونس(العربي الجديد)
+ الخط -
منذ بدء أزمة كورونا، يجول جنود "القمصان البيضاء"، متسلّحين بمرشّات المواد المعقّمة وصبر كبير لمواجهة الوباء، في الشوارع التونسية والإدارات والفضاءات العامّة، والمنازل وأماكن الحجر الصحّي، لتعقيمها من أجل محيط خال من الجراثيم وفيروس كورونا.

بقميصه الأبيض، وحماس كبير، مندفعاً تارة، ومرشداً الأعوان التابعين له، تارة أخرى، يتولّى الستّيني، صالح الجبابلي، الإشراف على عمليات التعقيم.

يقول الجبابلي، وهو مستشار بلدي، ورئيس لجنة الصحة والنظافة في بلدية منزل جميل، في محافظة بنزرت شمال غربي تونس، لـ"العربي الجديد"، إنّ الوباء فرض عليهم التجنّد للقيام بحملات تعقيم واسعة، خاصة في الأماكن المزدحمة، من بنوك وبريد ومحطات نقل، مشيراً إلى أنهم لاحظوا تجاوباً كبيراً من المواطنين، في أغلب الحملات التي يقومون بها. وأضاف قائلاً:"يرحّبون بنا، في كلّ مكان، ويطلبون منّا تعقيم هذا الحي أو ذاك، ورغم ضعف الإمكانات، إلاّ أنّ فلاّحي الجهة مثلاً، أحضروا مرشّاتهم الخاصة، وقام بعض العمّال بالتطوّع لمساعدتنا، وهناك من ساهم بمادة الجفال التي نستعملها في التعقيم"، مشيراً إلى أنّهم يتلقون أيضا مساعدات من الولاية، هي عبارة عن مواد مطهّرة.

ويضيف الجبابلي، أنّ العملية قد تبدو بسيطة للبعض، إلاّ أنّه لا بد من التقيّد ببعض التوصيات الضرورية لتعقيم أي فضاء، والقضاء على الفيروسات. مضيفاً أنّه، كمشرف على العمل، يحاول دفع فريق العمل لإتمام واجباتهم، داعياً بعض المتطوّعين الذين يشاركون في بعض هذه العمليّات، إلى اتباع التوصيات الصحيّة وعدم المجازفة، خاصة في الأماكن التي يوجد فيها المصابون بكورونا.


ويقول إنّ رائحة المواد التي يتم استعمالها في التعقيم، مقلقة كثيراً، ومع ذلك فهم مجبرون على تحمّلها، للقضاء على الميكروبات وتعقيم الفضاءات، خاصة تلك التي تعرف تجمّعات كبيرة.

وأوضح الجبابلي، أنّ مجال عملهم يرتكز على المحيط الخارجي، وقد تمكّنوا من الانتهاء من تعقيم المدينة، وبرمجوا دورة ثانية من حملات التعقيم الإضافية. وتستمر عملية التعقيم، حوالي ساعتين، يبقى بعدها المكان معقّماً لعدّة أيام. وأكّد الجبابلي أنّه منذ انطلاق الحظر الشامل، تقلّص وجود التونسيين في المحيط الخارجي.

أمّا الشاب سالم القارح، منسّق "جمعية مرحمة" في تطاوين، جنوب تونس، فقال إنّه شارك منذ انطلاق الحجر الصحّي في تونس، في العديد من حملات التعقيم تحت إشراف "مرحمة" وبالتعاون مع بلدية الجهة و إدارة الصحة، وشملت مركز البريد والبلديات والأسواق والمخابز ومراكز الشرطة والمعتمديات ومراكز المقيمين في الحجر الصحي.

ويضيف القارح أنّ تعقيم الفضاءات التي يوجد فيها مرضى كورونا يتطلّب اتخاذ احتياطات أكبر. إذ شارك في حملة بوادي القمح، والتي كان فيها نحو خمسة مصابين بالفيروس، مؤكّداً أنّهم عقّموا أيضاً مساكن المصابين، ومنزل سيدة توفيت مؤخراً بالوباء. ولفت إلى أنّهم يحاولون اتباع الإرشادات والتوصيات في كل عملية.

ويوضح أنّه لم يشارك سابقاً في عمليات تعقيم في المؤسسات العامة والفضاءات الكبرى، بل لم يكن هناك مثل هذه المبادرات سابقا، لكنها ظهرت مع انتشار فيروس كورونا. وأضاف القارح أنّ أدوات العمل ومواد التعقيم ومزجها، يتمّ تحت إشراف البلدية، إذ يتمّ إرشادهم حول كيفيّة استعمال المواد.

ولفت إلى أنّ "جمعية مرحمة" توفّر لهم عادة القمصان البيضاء، التي يتم استعمالها لمرة واحدة فقط، كما مواد التعقيم ومبيدات الرشّ، وأضاف أنّهم يعتمدون التعقيم بالبخار في الفضاءات الداخليّة، ويبقى المكان بعدها معقّماً لمدة 3 أو 5 أيام، ويعتمدون مادة الجفال لتعقيم الفضاءات الخارجية، لأنّ مساحتها أكبر.

(العربي الجديد) 
المساهمون