وكانت اللجنة الحكومية العليا لمواجهة كورونا، قد أعلنت، مساء الاثنين الماضي، تعافي الحالة الوحيدة التي سُجِّلَت في مدينة الشحر بحضرموت، في العاشر من إبريل/ نيسان الجاري، وقالت إن الفحوصات الجديدة على المصاب ومخالطيه، كانت سالبة.
ويبدو أنّ المنظمات الأممية العاملة في اليمن لم تقتنع بالرواية الحكومية، ففضلاً عن عدم إدراج منظمة الصحة العالمية حالة الإصابة اليمنية في خانة المتعافين بتقريرها اليومي الخاص بالشرق الأوسط، رغم مرور 30 ساعة من إعلان التعافي، ظهرت وكالة الإغاثة التابعة للمنظمة، في بيان موحد، تعرب فيه عمّا وصفته بـ"مخاوف بالغة" من وجود وإمكانية الانتشار السريع للفيروس باليمن.
وذكر البيان أنّ اليمن بقي حتى الآن، خلافاً لبقية بلدان منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، بحالة واحدة مؤكدة مخبرياً لكورونا أُعلِنَت في حضرموت، في 10 إبريل/ نيسان الجاري.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي، في بيانها: "حذّرنا منذ أول إصابة من أن الفيروس موجود الآن في اليمن، وقد ينتشر بسرعة (..) العوامل كلها موجودة هنا، مستويات منخفضة من المناعة العامة، ومستويات عالية من الضعف الحاد، ونظام صحي هشّ ومثقل".
لم تكتفِ المسؤولة الأممية بذلك، وأشارت إلى أنه "استناداً إلى أنماط انتقال الفيروس في البلدان الأخرى، وبعد مرور سبعة عشر يوماً منذ إعلان الحالة الأولى، تحذر الوكالات من أن هناك احتمالاً حقيقياً جداً لأن يكون الفيروس قد انتشر دون أن يُكتشَف أو يُخفَّف من حدته داخل المجتمعات المحلية".
Twitter Post
|
وأكدت مصادر طبية في صنعاء لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك عدداً من الحالات المؤكدة في مراكز العزل التابعة لسلطات الحوثيين، وخصوصاً في مستشفى زايد"، مشيرة إلى أنّ "وزارة الصحة الخاضعة للحوثيين تفرض تشديدات عالية على مركز العزل وتتعامل معه كما لو أنه مقر أمني".
وقالت المصادر إنّ "ثمة أكثر من 6 حالات تقول السلطات الحوثية إنها عالية الاشتباه بفيروس كورونا، وهو تصريح ضبابي لم ينفِ ولم يجزم بوجود الفيروس في صنعاء، وهذا ما يعزز المخاوف من انتقاله أيضاً إلى الطواقم الطبية".
ولا يُعرف السبب وراء عدم إفصاح السلطات الحوثية عن وجود كورونا بمناطق سيطرتها، ويتخوف مراقبون من أن تقوم الجماعة بمحاكاة التجربة الإيرانية التي تكتمت في الأسابيع الأولى عن وجود إصابات قبل أن يحدث الانفجار الكبير.
وتقول الأمم المتحدة إن العجز عن إظهار الحقيقة، يزيد من احتمال حدوث زيادة في الحالات التي قد تطغى بسرعة على القدرات الصحية.
وطالبت منسقة الشؤون الإنسانية بـ"إعلام الناس بدقة وسرعة عما يحدث حتى يتمكنوا من القيام بما هو ضروري لحماية أنفسهم وأسرهم"، لافتة إلى أنْ "ليس هناك وقت لنضيعه".
وتشير تصريحات المسؤولة الأممية، بشكل ضمني، إلى تكتم السلطات الصحية اليمنية، سواء في عدن أو صنعاء، عن حقيقة انتشار فيروس كورونا، وإخفاء الإصابات.
وساهمت الطمأنات الحكومية بتراخي الإجراءات الاحترازية داخل المجتمع اليمني بالفعل، ومنذ مطلع شهر رمضان عاودت المساجد فتح أبوابها أمام مرتاديها، وتشهد الأسواق الشعبية والشوارع اكتظاظاً كبيراً دون اتباع أي إجراءات وقائية.
وقال محمد عبد الكافي، وهو من سكان مدينة تعز، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التجمعات عادت كما كانت قبل ظهور الوباء، وعاد الناس للمصافحة، واختفت حملات التوعية تدريجاً، وخصوصاَ منذ مطلع رمضان، ولم نعد نواظب على المعقمات".
وتخشى منظمة الصحة العالمية من انتكاسة في أوساط المجتمعات جراء ما تسوقه السلطات، في مسعى لإخلاء المسؤولية عنها. وأكدت المنظمة في ذات البيان المشترك "أنه تماشياً مع اللوائح الصحية الدولية (المادة السادسة)، فإن الإعلان عن أي تهديد محتمل للأمن الصحي العالمي وإدارته، بما في ذلك الأمراض، مسؤولية تقع على عاتق السلطات الوطنية".
ولم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات الصحية الخاضعة للحكومة الشرعية أو التابعة للحوثيين حيال التصريحات الأممية، رغم أنها تسلمت المئات من أجهزة الفحص الخاصة باكتشاف الفيروس، وكذلك أجهزة التنفس الصناعي، خلال الأسابيع الماضية، من منظمة الصحة العالمية.