أقرّ البرلمان اللبناني مشروع قانون يسمح بزراعة "القنّب الهندي" أي "الحشيش"، خلال جلسةٍ تشريعية عقدها يوم الثلاثاء الماضي في قصر "الأونيسكو" في بيروت، الذي اتّخذ منه مقراً مؤقتاً لعقد جلساته، بدل مبنى مجلس النواب في ساحة النجمة، بعد تعليق الجلسات لأكثر من شهر بسبب فيروس كورونا. وبذلك أصبح لبنان أول دولة عربية، تشرّع زراعة القنّب لأغراض طبية في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة للنهوض بالاقتصاد، لما لهذه الصناعة من فوائد اقتصادية إذ هي تدرّ ملايين الدولارات على البلاد، وفق الدراسة التي وضعتها شركة "ماكينزي" الأميركية للاستشارات حول الاقتصاد اللبناني.
ويشير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة إلى أنّ لبنان كان خلال الحرب الأهلية (1975 – 1990)، المصدّر الرئيس للمخدّرات في الشرق الأوسط. إذ كان ينتج ألف طن من الحشيشة سنوياً، ومن 30 إلى 50 طنا من الأفيون، وهو المكوّن الأساسي للهيرويين، قبل أن تقوم الدولة اللّبنانية بحملات للقضاء على هذه الزراعة، من دون إيجاد زراعات بديلة تؤمّن الاستقرار الاقتصادي للمزارع. غياب الزراعات البديلة، دفع بعض أبناء البقاع اللبناني وخصوصاً الأوسط والشمالي، الذين يعملون بغالبيتهم في القطاع الزراعي، إلى الاستمرار في زراعة الحشيشة بسبب الحرمان الذي يعاني منه أبناء المنطقة، وإهمال الحكومات المتعاقبة لحقوقهم واحتياجاتهم، علماً أنّ القانون اللّبناني يعاقب كلّ من يتاجر بالحشيشة بالسجن.
وفقاً لذلك، فإنّ إقرار هذا القانون الذي انقسمت حوله آراء اللبنانيين بين المؤيد والرافض و"الساخر"، من شأنه أن يضع البقاع أمام مرحلة اقتصادية جديدة، لطالما انتظرها البقاعيون الذين يتوارثون زراعة الحشيشة. لكن ماذا عن فوائد "القنّب" الصحية؟
يؤكد رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب عاصم عراجي، لـ"العربي الجديد" أنّ القنّب يمكن أن يستخدم كبديل لعلاج الأمراض المرتبطة بالغثيان وفقدان الشهية، والتصلّب اللويحي وكمخدّر أو مسكّن آلام لمرضى السرطان، كما لزيادة الشهية خلال فترة الخضوع للعلاج الكيميائي، بالإضافة الى دوره في تخفيف الشدّ العضلي والآلام العصبيّة، وتُظهر الدراسات فوائد صحية كثيرة للقنّب.
في المقابل، كان عراجي متخوفاً من إقرار قانون السماح بزراعة هذه النبتة، لأنه يخشى بحسب قوله لـ"العربي الجديد" من عدم قدرة الدولة اللبنانية على ضبط إيقاع التشريع أمنياً، وحصر زراعته بالأغراض الصحية والطبية، فيصبح هذا المخدّر موجودا بوفرة بين الناس، من دون وصفة طبية وإشراف طبيب، فترتفع حالات الإدمان عليه، خصوصاً أنّ القنّب ولو أنه يحتوي على فوائد صحيّة، إلا أنّه في الوقت نفسه يسبّب الإدمان عند الإفراط في استخدامه. لذلك كان بالإمكان تجنّب إقرار هذا القانون، أقلّه حالياً، لا سيما أنّه هناك أدوية شبيهة ولديها المفاعيل ذاتها، لناحية الأمراض التي يعالجها، موجودة في الصيدليات كافة ويمكن الحصول عليها لقاء وصفة طبية.
هذه المخاوف يعبّر عنها الكثير من اللبنانيين في ظلّ الفوضى التي يشهدها القطاع الطبي والصحي في البلد، لا سيما لناحية قدرة المواطن، في ظلّ غياب الإجراءات الرقابية الصارمة والمشدّدة على الأطباء والصيدليات، على الحصول على الأدوية التي يريدها بما فيها تلك التي يُمنع صرفها من دون وصفة طبية، فكيف إذ كان "الدواء... حشيشة؟".