الجزائر: 9 أطباء ضحايا كورونا

21 ابريل 2020
على أهبة الاستعداد (بلال بنسالم/ Getty)
+ الخط -
يستمرّ القطاع الصحي في الجزائر في القيام بكل ما في وسعه لمكافحة انتشار فيروس كورونا الجديد، على الرغم من وفاة 9 أطباء

لم يتردّد العاملون في القطاع الصحي بالجزائر في أن يكونوا بالصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا الجديد. وقد خسر القطاع الصحي تسعة أطباء بسبب إصابتهم بالفيروس. إلا أن هذا لم يؤثّر في مهمات الأطباء والممرضين وسائقي سيارات الإسعاف وحرّاس المستشفيات والمراكز الصحية، لبذل مزيد من الجهود في مواجهة الوباء، والإصرار على تقديم الخدمات الطبية للمواطنين ومكافحة انتشار الفيروس بكل الوسائل المتاحة.

خسرت الجزائر ثمانية أطباء خلال فترة انتشار الفيروس، من بينهم رئيس قسم الجراحة في مستشفى فرانس فانون في ولاية البليدة قرب العاصمة الجزائرية سي أحمد مهدي، الذي توفي خلال ممارسته مهنته في المستشفى، وقد رثاه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وهو الذي كان في الخطوط الأمامية لمكافحة الفيروس مع زملائه، مقدماً تعازيه الخالصة لعائلة الفقيد والقطاع الطبي.

وبعده، توفيت أسماء معروفة عدة في الوسط الطبي. وبحسب تقارير طبية، توفي طبيب صحة عامة في مستشفى سيدي امحمد البروفيسور تلماتين. وبعد أيام، فقدت الأسرة الطبية طبيبين كانا يعملان في مستشفى خاص في البليدة، هما جامع كبير وقبالي، ثم الطبيب سليم لطرش في مستشفى منطقة خراطة في محافظة بجاية وسط الجزائر.



وخطف الفيروس أيضاً طبيبين من مستشفى محافظة سطيف شرق العاصمة الجزائرية، ثم
الطبيب حمودي عبد الكريم الذي كان يعمل في مستشفى بوزريعة في العاصمة، ليلتحق به بعد يوم واحد من وفاته شقيقه، وهو طييب في مستشفى بني مسوس في العاصمة، والطبيبة خديجة بن عزيز المتخصصة في أمراض السكري والغدد.

ويواجه آلاف الأطباء في الجزائر وباء كورونا، متحمّلين ابتعادهم الاضطراري عن ذويهم في معظم الأحيان لأسباب عدة، أهمها تفادي نقل الفيروس إلى أهلهم، ما جعل كثيرين يقضون أيامهم متيقظين في المستشفيات لإسعاف المرضى. وتقول الممرضة سعيدة بلماداني من مستشفى مصطفى باشا الجامعي في العاصمة الجزائر لـ "العربي الجديد": "على الرغم من أن عشرات العاملين في القطاع الصحي أصيبوا بالفيروس لاحتكاكهم بالمرضى، استمر الآخرون في العمل، ما عدّ بمثابة تضحية ثانية".

ومنذ بداية الأزمة، ومع إعلان وفاة جنود الصف الأول في مواجهة الفيروس من الأطباء، زاد التفاف الجزائريين وتضامنهم وتعاطفهم مع الطواقم الطبية، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي. ويقول أستاذ علم الاجتماع علي بوفنداسة لـ "العربي الجديد": "المجتمع أعاد اكتشاف الدور المحوري للأطباء. ويشعر المواطنون بحزن عميق وتعاطف كبير بعد وفاة أي طبيب".

مساعدة المرضى أولوية (بلال بنسالم/ Getty) 


يضيف أنه بات يطلق على المتوفين من السلك الطبي شهداء الواجب الإنساني، لافتاً إلى أنهم قدموا ما عليهم من واجبات تجاه المرضى، وضحوا بوقتهم وأهلهم من أجل إنقاذ الأرواح.
الكثير من العاملين في القطاع الصحي، ومن بينهم العاملون في المختبرات، يتولون إجراء التحليلات المخبرية على عينات الدم التي ترسل إليهم، كحال عمار حدادي الذي يعمل في مختبر مستشفى محمد الأمين دباغين في منطقة باب الوادي في العاصمة الجزائرية. ويكشف لـ"العربي الجديد" عن مخاوفه من نقله الفيروس إلى أقربائه وأسرته وأصدقائه، ما دفعه إلى البقاء في المستشفى طوال الوقت للقيام بواجبه المهني.

"نعم هم شهداء"، تقول الناشِطة في المجال الإغاثي فاطمة الزهراء سلام لـ"العربي الجديد". تضيف أن "الجيش الأبيض هو ملجأنا للنجاة اليوم، ويتحمّلون تبعات المشاكل في المستشفيات كالنقص في المعدات، ويعملون تحت ضغوط كبيرة، في يدهم اليمنى قَسَم الطبيب بتأدية مهماته على أكمل وجه وإنقاذ الأرواح، وفي يده اليسرى مواجهة فيروس مجهري لا يُرى ويصيب الناس".



وكثرت الدعوات لتكريم العاملين في القطاع الصحي، وتحفيزهم مادياً ومعنوياً لكونهم يواجهون الفيروس ويتعرضون للخطر. وقدّمت الحكومة الجزائرية تحفيزات للعاملين في القطاع الصحي، وتحدّث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن تضحيات الأطباء، وأقرّ منحة لمراجعة رواتب العاملين في القطاع الطبي، إلا أن هناك دعوات لمنح أوسمة رسمية للأطباء.

وطالب رئيس نقابة الأطباء الجزائريين لياس مرابط في تغريدة بأن تشمل "منحة خطر الموت" الأطباء المتوفين، وتوجه إلى عائلاتهم، مشيراً إلى أن القطاع يدفع "شهداء في حرب ضد عدو لم يرحم أحداً فينا. كذلك إن العاملين في القطاع الطبي يواجهون خطر الإصابة والموت. وتوجهت وزارة الصحة الجزائرية إلى إدارات المستشفيات والمؤسسات الصحية، مطالبة بـ"منحة خطر الموت".
المساهمون