سوق "الزاوية" العريق، هو أبرز واجهات المدينة، حيث يشعر المارّون فيه بقرب حلول شهر رمضان، لما يقدّمه الباعة من عروض مميّزة على بضائعهم. كلّ شيء في السوق يلفت أنظار المتسوّقين إليه، من الزينة الرمضانية إلى المأكولات، مثل "التمر، قمر الدين، القطين، الخروب، والقطايف، وغيرها".
ورغم الزينة التي تضفي أجواء البهجة على السوق، واختلاف أنواع البضائع ووفرتها، إلاّ أنّ حركة المواطنين فيه بدت ضعيفة مقارنة بالأعوام الماضية، في ظلّ حالة الخوف من تفشّي فيروس كورونا.
وفي أحد محلات السوق، اجتهد البائع حامد طه (34 عاماً) بترتيب مختلف أنواع التمور، سعياً للفت أنظار المارّة إليه، استعداداً لاستقبال شهر الصيام. ويحاول طه تقديم المنتجات التي يحبّ المواطنون شراءها.
وبينما انشغل طه بترتيب بضاعته وتزيين محلّه، قال لـ"العربي الجديد": "حالة الطوارئ المستمرّة في البلد، وقلق الناس من فيروس كورونا، خفّضا من حجم المبيعات إلى أكثر من النصف، مقارنة مع العام الماضي".
وعبّر البائع طه عن أمله في أن تتحسّن حركة الشراء في أسواق غزة، مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك. وأضاف أنّ الحصار والفيروس أنهكا التجّار والبائعين والزبائن على حدّ سواء.
بائع المخلّلات (التي يتزايد عليها الإقبال في شهر رمضان)، حازم السقا، لم يبد أيّ تفاؤل هو الآخر بموسم البيع لهذا العام. وقال لـ"العربي الجديد": "هذا العام تبدو الأوضاع صعبة جداً، وحركة المواطنين الشرائية في الأسواق ما زالت خفيفة بسبب القلق من فيروس كورونا".
ودعا السقا، الحكومة في غزة، إلى الاهتمام بالمواطنين، خاصة أولئك الذين تعطّلت أعمالهم بسبب الفيروس، وقال: "لا أعرف كيف يمكن لعامل يحصل على 20 شيكل يومياً (حوالي 5.5 دولارات)، أن يتدبّر أموره، بعد صرفه من العمل بسبب كورونا".
بدوره، خالف بائع الزينة الرمضانية، عبد الله عبد المجيد، سابقيه من حيث الحركة والتجارة، إذ قال إنّ محلّه، في السوق، شهد إقبالاً من المواطنين لشراء الزينة الرمضانية المتنوّعة.
وقال عبد المجيد، لـ"العربي الجديد": "لم أتوقع أن يكون هذا الموسم مربحاً بهذا الشكل. لكن ربما هو كذلك لأنّ الناس متعطّشة للشعور ببهجة رمضان، في ظلّ إغلاق المساجد وإعلان حالة الطوارئ في البلد، وتريد، على الأقل، المحافظة على مظاهر الشهر الفضيل".
وبقرار مشترك بين وزارتي الأوقاف والصحة في غزة، ما زالت المساجد مغلقة، ويُتوقع أن يستمر إغلاقها في شهر رمضان، إذ أعلنت وزارة الصحة أنّ الخطر ما زال قائماً في غزة، بسبب استمرار فتح معبر رفح استثنائياً، لاستقبال المرضى وغيرهم من المواطنين الفلسطينيين من أهالي القطاع.
بدوره، قال الشاب محمد الجدي (23 عاماً) لـ"العربي الجديد" إنّ "كورونا جاء ليكمل ما فعله الحصار بقطاع غزة"، مؤكّداً أنّه منذ حلول أزمة كورونا، قبل قرابة الشهرين، وهو عاطل عن العمل.
الجدي، ليس متزوجاً ولكنّه يعيل أسرته المكوّنة من 9 أفراد، إذ هو العامل الوحيد بينهم. وأشار إلى أنّه كان يعمل في مصنع للمنتجات الغذائية، بأجرة يوميّة لا تتعدّى الـ25 شيكلا (حوالي 7 دولارات).
والتحق آلاف العمّال في قطاع غزة بصفوف البطالة المؤقتة، على إثر إعلان حالة الطوارئ وإغلاق المطاعم والمقاهي والصالات في غزة، ما "زاد الطين بلة" على العاملين المنهكين من الحصار المتواصل على القطاع، منذ 14 عاماً.