"ينظر الناس للمصاب بفيروس كورونا الجديد وكأنّه مجرم. لذلك، أتحفظ عن ذكر إسمي". إنه أكرم (إسم مستعار)، الذي يكشف عن جانب آخر من المعاناة التي يعيشها المصاب بالفيروس. يتحدث لـ "العربي الجديد" عن تجربته في مواجهة الفيروس، هو الذي كان يعلم جيداً أن إنتاج لقاح مضاد للفيروس ما زال قيد الدراسة.
عاد أكرم (37 عاماً) من تركيا، حيث كان يعمل مندوباً لدى شركة طبية تشرف على استيراد وتصدير معدات ولوازم طبية، إلى ليبيا يوم الثامن من شهر مارس/ آذار الماضي. وبسبب مروره في تونس، اضطر إلى حجر نفسه في منزل في مزرعة نائية، بعيداً عن أسرته وذويه.
وبحكم تخرجه من كلية الطب عام 2009، والعمل في مجال تخصّصه مدة ثلاث سنوات، يقول إنه كان على دراية بأهمية الحجر، كما كان قادراً على العناية بنفسه من دون عناء الذهاب إلى المراكز الطبية. يقول لـ "العربي الجديد": "اجتزت أجهزة التصوير الحراري عند كل المنافذ في تونس وليبيا. لكن بعد وصولي بيومين، شعرت بأعراض نزلة برد. وخوفاً من أن أكون مصاباً بالفيروس، قررت عزل نفسي في منزل في مزرعة (نحو 100 كيلومتراً شرق طرابلس).
ويقول: "وفرت أدويتي وأغطيتي وكل ما يكفيني لمدة 14 يوماً"، مضيفاً: "بسبب المرض وكوني لوحدي، لم يكن من داع لتكديس الغذاء أو غير ذلك". ويشير إلى أن "بعد المزرعة عن أسرتي وحظر التجول والإجراءات الحكومية والخوف كلها عوامل وفرت لي عزلة مناسبة"، مشيراً إلى انه أخبر ذويه بأنه انتقل إلى طرابلس حيث مقر شركته.
كثيرة هي التحديات التي واجهها أكرم. يعترف أنه على الرغم من كونه طبيباً، إلا أنه شعر بالخوف وأقلقته الأحاديث والتدوينات التي يتم تناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ضعف القطاع الصحي في البلاد وعدم قدرته على التعامل مع فيروس بهذا الحجم. ويشير إلى أنه كان يفكر في أوضاع المستشفيات في ليبيا، وعدم قدرتها على استضافة مرضى مصابين بفيروس خطير انهارت أمامه دول بأنظمة صحية متقدمة. "كان عدم تجاوز درجة حرارتي 38 درجة يريحني. لكن السعال والصداع المتقطع كانا يخيفانني".
وعلى الرغم من قدرته من الناحية العلمية على التمييز بين الحقائق والإشاعات، خصوصاً تلك التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، يعترف أن ما كانت تتناقله وسائل الإعلام عن وجود أهداف سياسية وأخرى تتعلق بالحروب الجرثومية جعلته قلقاً. يضيف: "حينها، قررت متابعة التقارير الطبية المتخصصة باللغة الانكليزية"، لافتاً إلى أنها كانت فترة مفيدة لتطوير معارفي.
اقــرأ أيضاً
ومن أصعب اللحظات التي عاشها أكرم كانت خلال متابعته فيديوهات وصور تظهر خوفاً كبيراً بين المرضى والممرضين والأطباء في مستشفى النفط في طرابلس، عند الاشتباه في أول حالة إصابة بالفيروس. ويقول: "كان ذلك اليوم هو ثاني أيام الحجر. وفكرت في أنني في حال توجهت إلى أي مركز طبي للكشف والاطمئنان، لكنت محل تلك الحالة وعاش أهلي ما عاشه المشتبه بإصابته بالفيروس".
ويؤكد أكرم أن ما رآه كان بمثابة أكبر دافع له للإصرار على مواصلة حجر نفسه. ويقول: "الحالة التي أثارت الذعر في مستشفى النفط تبين أنها مصابة بالفيروس"، مضيفاً: "كان الإعلان عن تلك الحالة كأول حالة إصابة في البلاد في اليوم نفسه الذي أنهيت فيه حجري الصحي. وكان علي في اليوم التالي التوجه إلى المختبر لتقديم عينة لفصحها".
بمساعدة المعارف والأصدقاء من الأطباء، تمكن أكرم من الحصول على نتائج فحص عينته، وكانت نتيجتها سلبية على الرغم من تأخرها ساعات طويلة بسبب الفوضى في المختبر الرئيسي في البلاد إثر تسجيل أول حالة إصابة في البلاد.
يتابع: "كنت أقارن بين وضعي وظروف الرجل المسن الذي وضع على الفور في العزل في أحد المستشفيات من دون أدنى رعاية"، مضيفاً: "في تلك اللحظات، كنت أفكر بما شعر به أهل المصاب من ذعر، وقد هرب منه معظم الناس حتى قيل إن أحد جيرانه فرّ بأسرته. كما أن غالبية الأطباء أعربوا عن رفضهم استقبال المخالطين له لفحصهم. ماذا لو عانى أهلي ومعارفي أمراً مماثلاً؟".
ويقول أكرم: "ما توفر لي في المزرعة خصوصاً التهوئة اللازمة للحجر، ومعرفتي العلمية وغيرها لا تتوفر بالضرورة لآلاف الناس"، محذراً من وجود مصابين بالفيروس يعانون من أعراضه في صمت. ويختم أكرم حديثه قائلاً: "حتى لو علقت شهادة المختبر على صدري ومشيت بين الناس لفروا مني خوفاً، وحولوني إلى مصاب بالفيروس رغماً عني. لذلك، أنا مجبر على التكتم على إسمي وهويتي".
عاد أكرم (37 عاماً) من تركيا، حيث كان يعمل مندوباً لدى شركة طبية تشرف على استيراد وتصدير معدات ولوازم طبية، إلى ليبيا يوم الثامن من شهر مارس/ آذار الماضي. وبسبب مروره في تونس، اضطر إلى حجر نفسه في منزل في مزرعة نائية، بعيداً عن أسرته وذويه.
وبحكم تخرجه من كلية الطب عام 2009، والعمل في مجال تخصّصه مدة ثلاث سنوات، يقول إنه كان على دراية بأهمية الحجر، كما كان قادراً على العناية بنفسه من دون عناء الذهاب إلى المراكز الطبية. يقول لـ "العربي الجديد": "اجتزت أجهزة التصوير الحراري عند كل المنافذ في تونس وليبيا. لكن بعد وصولي بيومين، شعرت بأعراض نزلة برد. وخوفاً من أن أكون مصاباً بالفيروس، قررت عزل نفسي في منزل في مزرعة (نحو 100 كيلومتراً شرق طرابلس).
ويقول: "وفرت أدويتي وأغطيتي وكل ما يكفيني لمدة 14 يوماً"، مضيفاً: "بسبب المرض وكوني لوحدي، لم يكن من داع لتكديس الغذاء أو غير ذلك". ويشير إلى أن "بعد المزرعة عن أسرتي وحظر التجول والإجراءات الحكومية والخوف كلها عوامل وفرت لي عزلة مناسبة"، مشيراً إلى انه أخبر ذويه بأنه انتقل إلى طرابلس حيث مقر شركته.
كثيرة هي التحديات التي واجهها أكرم. يعترف أنه على الرغم من كونه طبيباً، إلا أنه شعر بالخوف وأقلقته الأحاديث والتدوينات التي يتم تناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ضعف القطاع الصحي في البلاد وعدم قدرته على التعامل مع فيروس بهذا الحجم. ويشير إلى أنه كان يفكر في أوضاع المستشفيات في ليبيا، وعدم قدرتها على استضافة مرضى مصابين بفيروس خطير انهارت أمامه دول بأنظمة صحية متقدمة. "كان عدم تجاوز درجة حرارتي 38 درجة يريحني. لكن السعال والصداع المتقطع كانا يخيفانني".
وعلى الرغم من قدرته من الناحية العلمية على التمييز بين الحقائق والإشاعات، خصوصاً تلك التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، يعترف أن ما كانت تتناقله وسائل الإعلام عن وجود أهداف سياسية وأخرى تتعلق بالحروب الجرثومية جعلته قلقاً. يضيف: "حينها، قررت متابعة التقارير الطبية المتخصصة باللغة الانكليزية"، لافتاً إلى أنها كانت فترة مفيدة لتطوير معارفي.
ومن أصعب اللحظات التي عاشها أكرم كانت خلال متابعته فيديوهات وصور تظهر خوفاً كبيراً بين المرضى والممرضين والأطباء في مستشفى النفط في طرابلس، عند الاشتباه في أول حالة إصابة بالفيروس. ويقول: "كان ذلك اليوم هو ثاني أيام الحجر. وفكرت في أنني في حال توجهت إلى أي مركز طبي للكشف والاطمئنان، لكنت محل تلك الحالة وعاش أهلي ما عاشه المشتبه بإصابته بالفيروس".
ويؤكد أكرم أن ما رآه كان بمثابة أكبر دافع له للإصرار على مواصلة حجر نفسه. ويقول: "الحالة التي أثارت الذعر في مستشفى النفط تبين أنها مصابة بالفيروس"، مضيفاً: "كان الإعلان عن تلك الحالة كأول حالة إصابة في البلاد في اليوم نفسه الذي أنهيت فيه حجري الصحي. وكان علي في اليوم التالي التوجه إلى المختبر لتقديم عينة لفصحها".
بمساعدة المعارف والأصدقاء من الأطباء، تمكن أكرم من الحصول على نتائج فحص عينته، وكانت نتيجتها سلبية على الرغم من تأخرها ساعات طويلة بسبب الفوضى في المختبر الرئيسي في البلاد إثر تسجيل أول حالة إصابة في البلاد.
يتابع: "كنت أقارن بين وضعي وظروف الرجل المسن الذي وضع على الفور في العزل في أحد المستشفيات من دون أدنى رعاية"، مضيفاً: "في تلك اللحظات، كنت أفكر بما شعر به أهل المصاب من ذعر، وقد هرب منه معظم الناس حتى قيل إن أحد جيرانه فرّ بأسرته. كما أن غالبية الأطباء أعربوا عن رفضهم استقبال المخالطين له لفحصهم. ماذا لو عانى أهلي ومعارفي أمراً مماثلاً؟".
ويقول أكرم: "ما توفر لي في المزرعة خصوصاً التهوئة اللازمة للحجر، ومعرفتي العلمية وغيرها لا تتوفر بالضرورة لآلاف الناس"، محذراً من وجود مصابين بالفيروس يعانون من أعراضه في صمت. ويختم أكرم حديثه قائلاً: "حتى لو علقت شهادة المختبر على صدري ومشيت بين الناس لفروا مني خوفاً، وحولوني إلى مصاب بالفيروس رغماً عني. لذلك، أنا مجبر على التكتم على إسمي وهويتي".