أقدمت ثلاث تلميذات مصريات في مرحلة التعليم الإعدادي على الانتحار أخيراً، في محافظة الشرقية بدلتا مصر. وبحسب ما بيّنت التحقيقات الأولية، فقد تناولت الفتيات البالغات من العمر 14 عاماً مركّب فوسفيد الألومنيوم السام الذي يتوفر محلياً على شكل حبوب لحفظ الغلال، وذلك على خلفية مشكلات أسرية، بحسب ما يبدو. وكانت مديرية أمن الشرقية قد تلقّت إخطاراً من المباحث الجنائية يفيد بأنّ ثلاث فتيات في مركز أبو كبير تقاسمنَ "حبّة غلال"، الأمر الذي سبّب بدايةً وفاة اثنتَين قبل أن تلقى الثالثة حتفها كذلك. وفيما لم يُجزَم بعد بالسبب الذي دفعهنّ إلى ذلك، يُرجَّح أنّ يكون الأمر عنفاً أسرياً.
وتُعَد حبوب حفظ الغلال في مصر من وسائل الانتحار في عدد من المناطق، نظراً إلى توافرها في الأسواق، وإلى ثمنها المنخفض. وعلى سبيل المثال، كان طالب مصري يبلغ من العمر 19 عاماً، من محافظة البحيرة، قد حاول الانتحار قبل مدّة من خلال تناول هذا المركّب السام، لكنّه لم يلقَ حتفه، وحُوِّل إلى مركز السموم التابع لمستشفى كفر الدوار العام في محافظة البحيرة.
وفي هذا الإطار، يوضح أطباء أنّ فوسفيد الألومنيوم في حبوب حفظ الغلال يتحوّل عند استهلاكه إلى غاز الفوسفين السام في المعدة، الأمر الذي يسبّب قتل كلّ خلايا الجسم وفشل كلّ أعضائه الحيوية. ولأنّ الأمر كذلك، فإنّ نسبة النجاة هي فقط واحد في المليون.
والواقعة الأخيرة التي تُعَدّ نادرة لجهة أنّها انتحار جماعي في مصر، تأتي بعد سلسلة من عمليات انتحار ومحاولات انتحار فردية في خلال السنوات الأخيرة، على خلفيّة الأعباء الاقتصادية والنفسية. فالانتحار تزايد في البلاد بنحو مخيف في خلال السنوات القليلة الماضية، علماً أن لا إحصاءات رسمية متوافرة عن حالات الانتحار أو المحاولات ذات الصلة، في ظلّ تحفّظ الجهات الرسمية الكبير على نشر مثل تلك البيانات لأسباب تختلف طبيعتها.
تجدر الإشارة إلى أنّ منظمة الصحة العالمية بيّنت في تقريرها الأخير عن الانتحار في العالم، الذي نشرته في سبتمبر/ أيلول 2019، أنّ مصر حلّت أولى على قائمة البلدان العربية في ما يخصّ أعداد المنتحرين، وذلك استناداً إلى الأرقام الأخيرة الصادرة في عام 2016، مع 3799 حالة (3095 للذكور و704 للإناث). لكنّها حلّت، بحسب التقرير نفسه، في المركز 150 عالمياً من بين 183 بلداً.
وفي عام 2018، رصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، أكثر من 150 حالة انتحار تعود بمعظمها إلى شباب راوحت أعمارهم ما بين 20 عاماً و35. أمّا مبادرة دفتر أحوال المصرية، وهي مبادرة مجتمع مدني مصرية، فرصدت في الفترة الممتدة ما بين عام 2011 وعام 2017، حالات انتحار ومحاولات انتحار بلغ عددها 1746 حالة، 283 منها محاولات. وبحسب المبادرة نفسها، فإنّ عام 2017 سجّل عدد الحالات الأكبر مع 422 حالة.