وأكدت، في حوار، نشرته "مبادرة مع خريطة التعذيب"، التابعة لـ"المفوضية المصرية للحقوق والحريات" (منظمة مجتمع مدني) أنه "لا توجد إجراءات احترازية مجدية في ظل الوضع الحالي للسجون، خاصة أن الأوضاع الراهنة تشير إلى كارثة محققة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة في الإفراج عن المساجين، فنحن أمام وضع مزرٍ في السجون، حيث لا تزيد مساحة الزنزانة عن الـ16 مترا يوجد بها 16 سجينا، وتلك الزنازين المحظوظة، حيث توجد زنازين يحبس بها أعداد أكبر من هذا العدد مثل عنبر الإيراد".
وتتراوح أعداد السجناء والمعتقلين في مصر بين 110 و140 ألف سجين ومعتقل، بينهم 26 ألف محبوس احتياطياً ولم تصدر ضدهم أحكام قضائية، طبقاً لتصريحات الإعلامي المصري الموالي للنظام، محمد الباز، نقلاً عن مصادر في مصلحة السجون المصرية.
كما تجدر الإشارة إلى أنّ نسبة التكدس داخل السجون تتراوح بين 160 في المائة في السجون و300 في المائة في مقار احتجاز مراكز الشرطة، حسب تقرير رسمي صادر عام 2016 عن "المجلس القومي لحقوق الإنسان" (مؤسسة حكومية).
وأضافت فياض أن "ما يزيد من الخطورة، هو أن تلك الزنازين قذرة، لا تدخلها الشمس، ينام أغلب المحبوسين فيها على البلاط، دون أي مواد نظافة، مع معاناة حقيقية من الإهمال الطبي التي سبق وأن حذرت منها منظمات المجتمع المدني؛ حيث المئات من السجناء يعانون الإهمال الطبي، فأي إجراءات احترازية لن تكون مجدية في ظل هذا الوضع، نحن في حالة وباء".
وحول الخطر الذي يواجهه السجناء والحلول الواجب اتخاذها من قبل الدولة، قالت فياض "بالطبع يوجد خطر حقيقي يواجهه السجناء يتجسد في الإهمال الطبي من الأساس، الذي يؤدي إلى أمراض تُنقل بالعدوى مثل الجرب والسل وغيرها من الأمراض التي تنتقل عن طريق التكدس، أضف إلى ذلك وباء كورونا الذي يزداد وينتشر بالتكدس وغياب النظافة والتعقيم، الذي إذا أصيب به سجين أو اثنان فسيكون سببا في وقوع كارثة محققة، حيث ستنقل العدوى للسجناء والمخبرين والضباط وكل العاملين داخل السجن وهو ما سيودي بحياة العشرات ويتسبب في مذبحة إنسانية".
يشار إلى أنه قد سجلت وفاة خمسة سجناء ومعتقلين في السجون ومقار الاحتجاز المصرية، في مارس/ آذار الجاري، فضلًا عن وفاة خمسة معتقلين آخرين في فبراير/ شباط الماضي، إلى جانب وفاة سبعة معتقلين آخرين في يناير/ كانون الثاني الماضي، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
وتوفي 449 سجينًا في أماكن الاحتجاز، خلال الفترة بين يونيو/ حزيران 2014 وحتى نهاية 2018، وقد ارتفع هذا العدد ليصل إلى 917 سجينًا (في الفترة بين يونيو/ حزيران 2013 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2019)، بحسب آخر تحديث حقوقي، بينهم 677 نتيجة الإهمال الطبي، و136 نتيجة التعذيب.
Facebook Post |
وعن الحلول، قالت الطبيبة والحقوقية "الحل هو أن يتم تقليل التكدس على الفور في السجون من خلال الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي، إفراجا نهائيا، لأنهم لم يرتكبوا جرما في تعبيرهم عن رأيهم أو اختلافهم مع النظام، ولا يمثلون أي خطر على المجتمع، مع ضرورة الإفراج عن الجنائيين كبار السن وذوي الأمراض المزمنة بعفو رئاسي، والجنائيين الذين لا يمثلون خطرا على المجتمع ويتم عزلهم داخل البيوت مثلاً، وبهذه الطريقة يمكن تقليل العدد والتكدس داخل السجون ويوفر فرصاً لإيجاد إجراءات وقائية لمن تبقوا من خلال تقليل التكدس".
ويطالب عدد من المنظمات الحقوقية المصرية والإقليمية والدولية، السلطات المصرية، بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًا، ومن تجاوز نصف المدة، ومن لا يشكل خطراً على المجتمع، وقادة الرأي من كتاب وسياسيين، وغيرهم من الفئات الواجب إخراجها من السجون من نساء وأطفال ومرضى وكبار سن.
وشددت فياض على أنه يجب أن "تقوم إدارة السجن بتوفير الإجراءات الوقائية التي من شأنها أن توفر حماية للمساجين المتبقين، مع توفير أدوات النظافة والتهوية الجيدة، وإذا ادّعت إدارة السجن أنها لا تمتلك الموارد فعليها أن تسمح لأهالي المساجين بإدخال الأدوات المطلوبة للنظافة".
وردًا على سؤال عن منْع الزيارة وما إذا كان يعتبر قراراً وجيهاً في مواجهة انتشار فيروس كورونا، أجابت "منع الزيارة موضوع مضحك وعبثي ويثير تساؤلات عديدة عمن يتخذ القرار حيث يخرج المخبرون وأمناء الشرطة ويستقبلون الأهالي ويحصلون منهم على أدوات النظافة والملابس والأكل وغيرها، أليس من الوارد أن يصاب أي من العاملين بالسجون وتحديدا من يذهبون بالترحيلات أو غيره بالفيروس ثم يعودون ويخالطون المساجين؟ أليس من الطبيعي بما أننا نعاني من وباء، أن يصاب أحد هؤلاء وينقل العدوى للمساجين ومن ثم يتحول الأمر إلى كارثة".
وفي 19 مارس/ آذار الجاري، أعلنت وزارة الداخلية المصرية استمرار تعليق الزيارات في جميع السجون، حتى نهاية الشهر. وكان من المقرر أن تنتهي مدة الـ10 أيام التي حددتها الداخلية سابقًا لتعليق الزيارات، اليوم الخميس في 19 مارس/ آذار، قبل أن يصدر القرار الجديد.
وتابعت فياض "نحن لا نعرف ما إذا كانت هناك إصابات في السجن بكورونا أم لا، لأننا ليس لدينا وسائل تواصل مع السجناء منذ منع الزيارة، ولكن من المستحيل ألا تصل العدوى إلى السجن، لكن الفارق هو أن تصل إليه وهناك حالة تكدس وغياب للإجراءات فيتحول الأمر إلى كارثة أو أن تصل وهناك استعدادات سبق أن ذكرناها".
ووفق آخر حصر أجرته وزارة الصحة المصرية، أمس الأربعاء، بلغ عدد المتعافين من فيروس كورونا الجديد 95 مصاباً من أصل 113 تحولت عيناتهم من إيجابية إلى سلبية، بينما تم تسجيل 54 إصابة جديدة ليصل عدد المصابين في مصر ممن أجروا التحاليل وشملتهم عينات المسح إلى 456 مصاباً، وتوفي مواطن واحد بالفيروس، ليرتفع عدد حالات الوفاة بين المصابين في مصر إلى 21 حالة وفاة.