ميلا... رضيعة فلسطينية شفيت من كورونا

21 مارس 2020
ميلا تلعب خلال الحجر المنزلي (العربي الجديد)
+ الخط -
أقلّ ما يمكن أن يُقال إنّه خبر سعيد. فبعدما كانت الطفلة ميلا (عام و10 أشهر) أصغر مصابة بفيروس كورونا في فلسطين، أعلنت والدتها دينا مبارك شوكة (20 عاماً)، بفرحة وصدمة كبيرتين، أنها تلقت خبر شفاء صغيرتها. وتقول الأم لـ "العربي الجديد": "ما زلت مصدومة بخبر تعافي ميلا من كورونا، وأن الله سلّمني من الإصابة به، مع أنني لم أفارقها ولم أبتعد عنها. أعلمني زوجي جهاد بنتيجة أولية عبر الهاتف في ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس. الحمد لله سنخرج من المنزل وستعود ميلا لحياتها الطبيعية".

أما جهاد شوكة (28 عاماً)، فكان عاجزاً عن وصف شعوره، وكأنه كان يسعى وراء هدف ما طوال حياته. سيدخل بيته الذي حرم من الدخول إليه بسبب كورونا، ومن دون ملابس واقية". يقول لـ "العربي الجديد": "هاتفتني وزيرة الصحة مي كيلة صباح أمس، وأعلمتني بنتيجة مؤكدة لشفاء صغيرتي ميلا. من الصعب وصف شعوري. أحمد الله على شفائها. توجهت إلى المنزل وضممت ميلا إلى صدري. ابنتي عادت إلي".

يؤكد والد الطفلة المتعافية ميلا أن العائلة ستبقي على إجراءات الحجر الصحي لمدة أربعة عشر يوماً إضافياً، وبإجراءات الوقاية والسلامة نفسها، وفق تعليمات وزارة الصحة. ويقول: "حفاظاً على سلامة ابنتنا، سنبقى على الإجراءات نفسها مع ميلا حتى تبقى بخير".

بدوره، خرج خال ميلا سلطان ناصر (23 عاماً) من حجره في أحد فنادق بيت جالا غرب بيت لحم، بعد إعلان شفاء 17 مصاباً. وكانت العدوى قد نقلت إليها بسببه. ويقول لـ "العربي الجديد": "الحمد لله أنني تعافيت. كان شعوراً كارثياً حين علمت أنني تسببت بإصابة ميلا، لكن الحمد لله اليوم تعافينا. أقول لجميع المصابين في العالم إن الطريق إلى الشفاء قصير وليس طويلاً كما تظنون".



وكان شهر مارس/ آذار الحالي قد مر ثقيلاً على دينا، والتي تتحدّر من مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية. فقبل إعلان وزارة الصحة الفلسطينية عن إصابة 7 فلسطينيين بفيروس كورونا الجديد في الخامس من الشهر الحالي، كانت أعراض الفيروس قد ظهرت على طفلتها الوحيدة ميلا، لتعيش ميلا مع والديها تفاصيل مؤلمة، حتى إنها لم تكن قادرة على تقبيل والدتها.

ارتفعت حرارة جسد الصغيرة ميلا قبل أيام من اكتشاف إصابة خالها بالفيروس، نتيجة مخالطته السائحين اليونانيين في أحد فنادق مدينة بيت جالا غرب بيت لحم، وقد شكّل خبر إصابة شقيق الأم دينا صدمةً كبيرة للأم. تقول دينا لـ "العربي الجديد": "لم أتوقع أبداً أن يكون شقيقي من بين المصابين، قبل أن تأتي طواقم وزارة الصحة في اليوم التالي لسحب عينات مني ومن زوجي وابنتي، لأننا قد رأينا شقيقي المصاب، وقد أعلمتنا الوزارة أن ميلا مُصابة بفيروس كورونا".



منذ ذلك الوقت، عُزِلت الأم دينا مع ابنتها في المنزل في منطقة جبل هندازة في مدينة بيت لحم، متخذةً أشدّ إجراءات الوقاية والسلامة، لدرجة أنها تضطر إلى النوم بالكمامة وملابس الوقاية وغيرها من المعدّات. وتوضح الأم: "كنت أتأكد من درجة حرارة جسم ميلا كل ساعتين، وأعقّم كل ألعابها، وأعتني بها طوال الوقت، ما بين تغذية جيدة ومراقبة حركتها ونشاطها. أنام بالكمامة وأضبط منبه هاتفي كل ساعتين لأتفقد درجة حرارة طفلتي".

هجرت والدة الطفلة المصابة غُرف المنزل كلها عدا غرفة المعيشة التي اختارتها لتكون مربّع الحجر لها ولابنتها ميلا، إضافة إلى المطبخ والمرحاض. تقول: "الحمد لله كانت ميلا قوية، على الرغم من ارتفاع حرارتها خلال الأيام الأولى للإصابة".



كانت الشابة دينا تبدأ يومها مع ابنتها في منزلهما الذي تحوّل إلى مكان للحجر. تقول: "حين يكون الطقس مُشمساً، أحاول الاستفادة من أشعة الشمس، وأضع ما استخدمته أنا وميلا تحت أشعة الشمس في ساحة المنزل أو الشرفة، من ألعاب وثياب وأغطية، ثم أغسل وجهها ويديها، وأقدّم لها وجبة الفطور، وأبدّل ملابسها، ونخرج إلى الشرفة للعب".

كانت ميلا تُحبّ ركوب سيارتها الصغيرة، وتجرّها والدتها في ساحة المنزل. وإذا تعبتا، تعودان إلى غرفة المعيشة. تقول: "بعد ذلك، تستحمّ وتنام. ثم تستيقظ لتناول وجبة الغداء، ثم نلعب معاً حتى يغلبنا النوم مساء. كنت أتأكد من سلامة ميلا وتعقيم كل ما حولها، وأضبط منبه الهاتف بعد ساعتين وأخلد إلى النوم".

وحين تشعر ميلا بالملل، تسعى والدتها إلى تسليتها من خلال ابتكار ألعاب جديدة. تقول: "كنت أحاول ابتكار ألعاب جديدة يومياً. نقفز معاً على أثاث الغرفة، ونلعب على الأرجوحة في ساحة المنزل، ونشاهد أفلام الكرتون على التلفاز، وأنوّع في ألوان عجينة الملتينة التي نُشكلها أنا وميلا". على الرغم من كل هذه المعاناة، انتهى الكابوس أخيراً.