أهالي أسرى فلسطينيّين يروون اللحظات الأولى لمقابلة أبنائهم بعد تعذيبهم

15 فبراير 2020
خلال المؤتمر الصحافي (العربي الجديد)
+ الخط -
"وجه أصفر وجسد منهك غير قادر على المشي، يمسكه جنديان إسرائيليان في قاعة محكمة الاحتلال". كانت هذه المرة الأولى التي ترى فيها الفلسطينية ابتسام طليب، من قرية عين قينيا غرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، ابنها الأسير إصرار معروف، بعد انتهاء التعذيب بحقه، عقب اعتقالات نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق عدد من الفلسطينيين، بعد عملية "عين بوبين" التي وقعت في شهر أغسطس/ آب الماضي، وقتلت خلالها مستوطنة إسرائيلية.

ابتسام طليب هي والدة الأسيرين أيسر وإصرار معروف، اللذين اعتقلا عقب عملية عين بوبين، فيما تعرّض نجلها الثالث طلعت لاعتقال إداري تزامناً مع اعتقال شقيقيه. تقول لـ"العربي الجديد"، على هامش مؤتمر صحافي عقده أهالي الأسرى في رام الله، اليوم السبت: "ما لفت انتباهي حين رأيت إصرار في قاعة المحكمة هو أنّ لحيته كانت كثيفة. بدا منهكاً ووزنه ناقص. أتوا به إلى المحكمة وكان يمسكه جنديان، ليتبين لاحقاً أنه كان على كرسي متحرك، وأصر على الدخول إلى قاعة المحكمة من دون كرسي كي لا أحزن لحاله".

وتروي الأم لحظات اعتقال أبنائها قائلة: "حاولوا إفلات كلب عليّ ليلة اعتقالهم، واعتدوا على بقية أبنائي بالضرب. كل ما سبق عقوبات جماعية، ويجب محاكمة الاحتلال بشأنها. مارسوا ضغوطاً عليّ وهو في التحقيق في المسكوبية، حين تم استدعائي إلى هناك للضغط عليّ وعلى ابني".


ابتسام طليب روت وعدداً من أهالي الأسرى ما جرى بحقهم من ممارسات وضغوط، وما كان عليه حال أبنائهم بعدما رؤوهم للمرة الأولى بعد التعذيب. تقول إنها صدمت حين رأت ابنها إصرار لأول مرة. أما بعد عشرة أيام من محاكمته الأولى، فحاولت رؤيته في المحكمة، وتبين أنه في زنزانة انفرادية بلا إنارة في قاعة المحكمة ويمنع عليه الكلام. وحين طلبت إنارة المكان كي تراه رفض مسؤول الاحتلال ذلك، حينها تكلم إصرار فاعتدى عليه جنود الاحتلال بالضرب أمامها، لتعيش لحظات صعبة.

أما بيان حناتشة، زوجة الأسير وليد حناتشة الذي تعرض لتعذيب قاسٍ، فتؤكد لـ"العربي الجديد" أن ما جرى بحق الأهالي من ابتزاز واعتقالهم للضغط على أبنائهم المعتقلين "جزء من عقاب جماعي وانتهاك للقانون الدولي"، وتكشف عن العمل لتشكيل لجنة من أهالي الأسرى المعذبين مع مؤسسات حقوقية، لإيجاد مدخل قانوني لملاحقة الاحتلال قانونياً حول قضيتي تعذيب الأسرى وأسرهم.


من جهتها، ميس حناتشة، ابنة الأسير وليد حناتشة، تقول إنها رأت والدها بعد 48 يوماً من تعذيبه في قاعة المحكمة. وكانت تبحث وأمها عنه، فنادى والدها على أمها "بيان بيان"، فوجدتاه متعباً جداً يتكئ على جدار خشبي، ثم طمأنهما على حاله.

ويروي أهالي الأسرى لحظاتهم الأولى حين رأوا أبناءهم في قاعة المحكمة فقط بعد خروجهم من التعذيب. وتقول نورا العربيد، زوجة الأسير سامر العربيد الذي تعرض لتعذيب عنيف كاد يودي بحياته بعد يومين فقط من اعتقاله، إنها رأت زوجها في غرفة العناية المركزة في مستشفى هداسا في القدس للمرة الأولى. تقول "كان مكبلاً وفي حالة غيبوبة ووجهه أصفر وكانت عيناه ملصقتين بشريط، وعليه آثار كدمات، وحوله عناصر من استخبارات وشرطة الاحتلال. حاولت الاقتراب والاستفسار عن ملفه الطبي فمنعوني. وبعد شهرين، نقل سامر إلى سجن مستشفى الرملة، ولم أره إلا في قاعة المحكمة مدة خمس دقائق على كرسي متحرك، بدا متغير الشكل ووزنه قد انخفض".


أما سناء مغامس، والدة الأسير يزن مغامس، فأكدت أنّها لم تتعرف إلى ملامحه عند رؤيته أول مرة بعد 44 يوماً من تعذيبه. وتشير إلى أن يزن "جرى إيهامه بأن منزله هدم من أجل الضغط عليه".
عبد الكريم البرغوثي، والد الأسير قسام، يقول إن نجله تعرض لتحقيق ميداني في منزله، ويوضح أنّ "أقسى ما يشعر به الأهل أن يسمعوا ويروا تعذيب ابنهم"، مضيفاً: "رأيت قسام بعد 78 يوماً من التحقيق في قاعة المحكمة لثوانٍ، وكان محاطاً بعناصر شرطة الاحتلال لمنعنا من رؤيته، لكننا رأيناه يرفع شارة النصر".

ويطالب أهالي الأسرى السلطة الفلسطينية بالعمل على رفع قضية تعذيب الأسرى أمام المؤسسات والمنظمات الدولية، ودعوا وزارة الصحة الفلسطينية لمتابعة وضع الأسرى الذين عذبوا في الأشهر الماضية لمعاناة بعضهم من آثار صحية، مطالبين كذلك بالالتفاف الشعبي حول الأسرى، وبأن يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل لإنهاء جريمة التعذيب ووضع حد لحصانة محققي الاحتلال ومنظومة الاعتقال الإسرائيلية.