نظراً إلى النظام القضائي الخاص بالطلاق في المملكة المتحدة، في الإمكان الاستفادة من فتح المجال أمام قضايا من كلّ أنحاء العالم.
في استطاعة بريطانيا أن تكون عاصمة الطلاق في العالم بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. هذا ما تنصح به المحامية البريطانية عائشة فارداغ، هي التي تُعَدّ من بين أكثر المحامين المتخصّصين في الطلاق شهرةً وجذباً للأثرياء والمشاهير في بريطانيا وكذلك حول العالم. بالنسبة إليها، قد يكون الطلاق أحد أكبر مصادر المال في المملكة المتحدة، لا سيّما أنّ ما يُنفَق على قضايا الطلاق في البلاد يُقدَّر بنحو مليار جنيه إسترليني (نحو مليار و300 مليون دولار أميركي) سنوياً. وتؤكد رئيسة شركة "فارداغز" للمحاماة، في لندن، المتخصّصة في القضايا الأسريّة أنّه في حال فتح الباب أمام المعاملات الدولية في هذا المجال، فقد يتضاعف هذا المبلغ ثلاث مرّات.
وكانت عائشة فارداغ قد صرّحت بذلك عشيّة "يوم الطلاق" الذي حلّ هذا العام في السادس من يناير/ كانون الثاني الجاري، علماً أنّ الاحتفال به يكون في يوم الإثنين الأوّل بعد انطلاق العام الجديد، إذ إنّ المحامين يسجّلون زيادة كبرى في عدد الاستفسارات حول معاملات الطلاق.
وفارداغ التي تبلغ من العمر 51 عاماً اشتهرت في عام 2010 بسابقة قانونية، عند فوزها بقضيّة أمام المحكمة العليا في لندن دفاعاً عن الثرية الألمانية كاترين رادماشر. فالمحكمة العليا اعترفت حينها باتفاق موقّع قبل الزواج بين رادماشر وطليقها الفرنسي نيكولا غراناتينو، وقبلت بمضمونه. مذ ذلك الحين، راحت تُطبّق اتفاقات ما قبل الزواج في إنكلترا وويلز التي قد يتنوّع محتواها وتتضمّن عادة أحكام تقسيم الممتلكات بين الزوجَين في حال الطلاق.
ومن بين عملاء فارداغ، تذكر صحيفة "ذي صنداي تايمز" في عددها الصادر الأحد في الخامس من يناير/ كانون الثاني الجاري، مارشيونيس أوف نورثامبتون التي حصّلت لها 17 مليون جنيه إسترليني (نحو 22 مليوناً و300 ألف دولار)، وميشيل يونغ في قضيتها مع زوجها الراحل سكوت يونغ المشهور في مجال العقارات وطالبته بسداد 26 مليون جنيه إسترليني (نحو 34 مليون دولار). كذلك حصّلت 64 مليون جنيه إسترليني (نحو 84 مليون دولار) لمصلحة ملكة جمال ماليزيا السابقة بولين تشاي بعد طلاقها من خو كاي بينغ الذي كان يرأس شركة لورا آشلي.
وتشدّد فارداغ في حديثها الصحافي على أنّ "نظام الطلاق في المملكة المتحدة رائع"، لذلك ترغب في "فتحه أمام العالم تماماً كما هي الحال مع القانون التجاري". وتلفت إلى أنّه "حين نرفض استقبال الناس في المحاكم البريطانية، فإنّنا قد نحكم عليهم بالظلم في أماكن أخرى يسودها الفساد"، مضيفة أنّ "المحاكم في بريطانيا تجذب أصحاب الدعاوى إذ إنّها تعتمد على مبدأ تقاسم ما تمّ جمعه في خلال فترة الزواج، بينما المحاكم في بلاد أخرى تبدأ بما يملكه كلّ شخص باسمه. وبالنسبة إلى الأثرياء، فإنّ اختيار المحكمة قد يغيّر النتيجة بملايين الجنيهات".
في سياق متّصل، يقول مايك (55 عاماً) وهو رجل أعمال بريطاني تحفّظ على ذكر اسم شهرته لـ"العربي الجديد" إنّ "النساء تطالب بالمساواة في الحقوق مع الرجال، لكنّهن بمعظمهنّ يمارسنَ نوعاً من ازدواجية المعايير، ويطالبنَ بنفقة مدى الحياة أو باهظة عندما يتعلّق الأمر بالطلاق". ويؤكّد أنّه "من المدافعين عن حقوق المرأة والمساواة في كلّ الميادين وليس ما يناسبها فقط"، لافتاً إلى أنه تطلّق بعد زواج استمرّ 14 عاماً. ويخبر: "اشتريت منزلاً لتأسيس عائلة وأنفقت عليه من مالي فقط، وعلى الرغم من ذلك حكمت المحكمة أن تحصل زوجتي على المنزل، مع طفلتينا، على أن أستمرّ أنا بسداد القرض على مدى الحياة بالإضافة إلى مبلغ ثلاثة آلاف جنيه (نحو أربعة آلاف دولار) شهرياً لها حتى تبلغ الفتاتَين الثامنة عشرة من عمرهما". يضيف مايك أنّ "هذا الحكم حرمني من شراء منزل خاص بي، نظراً إلى أنّني أسدّد قرض بيتي الأوّل الذي أمر القضاء بتقديمه إلى طليقتي". ويتابع: "أقدّر أن تكون زوجتي قد ساهمت في تربية الطفلتَين، لكنّه كان يكفي سداد مبلغ مالي لإعالتهنّ بدلاً من سلب المنزل وحتى قدرتي على امتلاك سكن آخر"، مشيراً إلى أنّ "القانون يميل إلى إنصاف المرأة أحياناً مع تجاهل ما قد يعانيه الرجل".
وتلفت "ذي صنداي تايمز" إلى أنّه في حال خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق بشأن مثل هذه الأمور، القضاء وما إلى ذلك، فلن تضطر الدول الأعضاء في الاتحاد بعد ذلك إلى الاعتراف بالقرارات التي تصدر في محاكم المملكة المتحدة". بالتالي، تحثّ فارداغ الحكومة على عدم التراجع عن الترتيبات القائمة في هذا المجال وتطالب بالسماح لأيّ شخص بتقديم طلب طلاقه في المحاكم البريطانية، في حال رغب في ذلك حتى بعد "بريكست".