تختلف الأجواء وأمزجة السكان في روسيا هذا العام كثيراً عن سابقاتها، وسط غياب لبهجة ترقب حلول احتفالات السنة الجديدة، بعدما ألقت جائحة كورونا بظلالها على كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية، من دون أمل في القضاء الكامل على الفيروس في الأفق القريب.
ومع استمرار العد التنازلي لحلول العام الميلادي الجديد، يقترب إجمالي عدد الإصابات بكورونا في روسيا من عتبة الثلاثة ملايين، نحو ربعها في العاصمة موسكو، وسط تسجيل ما لا يقل عن 28 ألف حالة جديدة ومئات الوفيات يومياً على مستوى البلاد، أو نحو 52 ألف وفاة منذ بدء الجائحة في مارس/ آذار الماضي.
وأظهر استطلاع للرأي أعده مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام عشية حلول السنة الجديدة، أن 67 في المائة من الروس يعتبرون أن العام المنتهي جلب سوءاً أكثر من المتوقع. مع ذلك، رأى 41 في المائة من المستطلعة آراؤهم أن روسيا تجاوزت اختبارات هذا العام أسهل من غالبية الدولة الأخرى. كذلك أدرج 61 في المائة كلمة فيروس كورونا بين أهم ثلاث كلمات لعام 2020.
وفي ما يتعلق بآمال الروس في السنة الجديدة، أعرب 70 في المائة عن اعتقادهم بأن العام الجديد سيكون جيداً لهم شخصياً، و47 في المائة يتوقعونه جيداً للبلاد، و40 في المائة للعالم بشكل عام. كما أظهرت دراسة أجراها باحثون في كلية علم النفس التابعة لجامعة موسكو، شملت أكثر من 100 ألف شخص ونشرت نتائجها في وقت سابق من الشهر الجاري، أن هناك تراجعاً لمزاج الروس عشية رأس السنة، مرجعة ذلك إلى جائحة كورونا وقلة الأنشطة البدنية والإنهاك النفسي العام الذي بلغ ذروته بحلول نهاية العام.
في هذا الإطار، يشير المعالج النفسي، يفغيني إدزيكوفسكي، إلى أن الروس لم يعودوا يأملون سوى في تحسن وضع الوباء العام المقبل، رغم إدراكهم أن ذلك لن يحدث، على الأرجح، إلا بحلول نصفه أو نهايته. ويقول لـ "العربي الجديد": "أهم نتيجة العام المنتهي أنه كان صعباً للغاية، حتى من لم يتضرر صحياً أو خسر عمله، ولم يتسن له السفر للاستجمام. وهناك آخرون تضرروا مالياً واستنفدوا مدخراتهم، ولم يعودوا قادرين على شراء هدايا رأس السنة لأعزائهم. صحيح أن أصحاب المهن التي يمكن ممارستها من المنازل عن بعد محظوظون، لكن عددهم ليس كبيراً، لا سيما خارج موسكو. وما بال أوضاع العاملين في القطاع الخدماتي والسياحة والمطاعم؟".
وعن مزاج الروس نهاية هذا العام، يقول: "يحتفل المرء بمناسبتين رئيسيتين في العام، وهما رأس السنة وعيد ميلاده، ويربط بهما الآمال في تحسن حياته إلى الأفضل. لكن هذه المرة، تغلب التوقعات بأن الخروج من الحجر الصحي سيكون تدريجياً، وأن هذه الجائحة لن تنتهي فوراً. يأمل الناس بتحسن الوضع، لكنّهم يدركون أن ذلك لن يتحقق إلا بحلول منتصف العام الجديد أو ربما نهايته".
ومع بقاء أيام معدودة على حلول السنة الجديدة (2021)، أعلن عمدة موسكو سيرغي سوبيانين، عن استحالة تخفيف القيود السارية، مؤكداً في الوقت نفسه على عدم عزم السلطات فرض أخرى جديدة. كذلك انطلقت في موسكو حملة التلقيح الجماعي ضد كورونا، وهي تجرى بـ 70 نقطة طبية، وقد شملت نحو 25 ألف شخص حتى الآن، بحسب سوبيانين.
عشية أعياد رأس السنة وعيد الميلاد، أعلنت هيئة حماية المستهلك "روس بوتريب نادزور" في موسكو عن تشديد الرقابة على الالتزام بإجراءات الوقاية من كورونا في الأماكن العامة والتي تلزم بارتداء الكمامات والقفازات في المتاجر ووسائل النقل العام، وفرض قيود على عدد زوار المسارح ودور العرض السينمائي، ومنع عمل المطاعم في الساعات الليلية، بما في ذلك ليلة رأس السنة. كما تقرر إلغاء الاحتفالات الجماهيرية والمعارض المقامة بمناسبة رأس السنة في موسكو كل عام.
وأوصت إدارة الصحة في موسكو سكان المدينة بعدم استدعاء بابا نويل إلى منازلهم، مرجعة ذلك إلى أن الأشخاص الذين يؤدون دوره سيترددون على عدد كبير من الشقق وقد ينقلون العدوى. وتمت توصية سكان العاصمة أيضاً بعدم الاحتفال برأس السنة بمجموعات كبيرة وتجنب الذهاب إلى الأماكن العامة.
يذكر أن روسيا تأتي في المرتبة الرابعة عالميا من حيث إجمالي عدد الإصابات بكورونا بعد كل من الولايات المتحدة والهند والبرازيل، وفق الأرقام الواردة بموقع جامعة "جونز هوبكنز" الأميركية.