فراغ طويل يعيشه شباب اليمن لا سيما الطلاب الذين أكملوا دراستهم الثانوية والجامعية من دون أن يجدوا عملاً يشغلون أنفسهم به. يقابل هذا الواقع عدم توافر أماكن مناسبة للترويح، في ظل استمرار إغلاق كثير من النوادي الرياضية والثقافية منذ بدء الحرب، عام 2015، ليضطر أغلب هؤلاء للجوء إلى مجالس القات (أوراق شجر مخدرة) كوسيلة لتبديد أوقات الفراغ.
إبراهيم محمد (21 عاماً)، من هؤلاء، وهو من منطقة سعوان بمديرية شعوب في أمانة العاصمة صنعاء. يمضي معظم ساعات نهاره في مضغ القات، مع بعض أصدقائه. يقول: "لا شيء يمكن أن نقوم به استغلالاً للوقت، فلا أعمال ولا نوادي ولا أستطيع أن ألتحق بمعهد لتطوير قدراتي المهنية لأنّي لا أملك تكاليف مثل هذه الدورات". يشير محمد إلى أنّه كان يواظب على لعب كرة القدم في نادي 22 مايو الرياضي القريب من منزله، منذ سن العاشرة، لكنّه توقف عن اللعب خلال سنوات الحرب الأربع الماضية، بعد تكرار إغلاق النادي أكثر من مرة: "أغلق النادي بداية الحرب لعدة أشهر، ثم أعيد فتحه قبل أكثر من عامين، لكنّ طيران التحالف العربي استهدف بعض مرافقه بشكل مباشر، ما أدى إلى توقفه مرة أخرى عن العمل، قبل أن يعود لفتح أبوابه مجدداً أواخر العام الماضي أمام الشباب، لكن بشكل جزئي ومحدود". يضيف: "خلال فترات إغلاق النادي أدمنت على مضغ القات خلال نفس الساعات التي كنت أقضيها كلّ يوم في ممارسة الرياضة بالنادي". يشير محمد إلى أنّ وزنه ازداد منذ بدء الحرب نحو 15 كيلوغراماً، وهو الآن يبحث عن صالة رياضية لاستعادة لياقته البدنية.
اقــرأ أيضاً
من جانبه، يقول محمد النهاري (20 عاماً) وهو من سكان حي ظهر حمير، المحاذي للسفارة الأميركية بصنعاء، إنّه توقف عن ممارسة الرياضة، جراء بناء جماعة أنصار الله (الحوثيين) منصة صغيرة للاحتفالات وسط ملعب الحمدي القريب من سكنه. يضيف لـ"العربي الجديد": "شبان المنطقة حاولوا مراراً هدم المنصة لكنّ الحوثيين منعوا ذلك، مهددين بسجن أي شخص يقدم على ذلك". يشير النهاري إلى أنّه يحاول تبديد وقت فراغه بالتجوال في الأحياء والشوارع أو مضغ القات مع بعض رفاقه، خصوصاً مع استمرار إغلاق كثير من المراكز الترفيهية. ويسأل: "لماذا لا تعمل وزارة الشباب والرياضة على إعادة فتح جميع النوادي الرياضية والاجتماعية خصوصاً أنّ غارات الطيران توقفت بشكل شبه كلي منذ أكثر من عام؟".
أما صالح خالد (19 عاماً)، وهو من سكان محافظة المحويت، غربي البلاد، فيقول لـ"العربي الجديد، إنّ جميع الأنشطة الرياضية، والمسابقات الثقافية، والمخيمات الكشفية، التي كانت تنفذها وزارتا التربية والتعليم والشباب والرياضة، توقفت كلياً في مدينة المحويت (مركز المحافظة)، من جراء عدم صرف المخصصات المالية للأنشطة، منذ بدء الحرب في مارس/ آذار 2015. ويضيف خالد: "يعيش شباب المحافظة أوقات فراغ قاتلة، حتى وإن أرادوا العمل لشغل أوقاتهم فإنّ الأعمال غير متوفرة". يشير إلى أنّ توقف الأنشطة في المدارس وفي النوادي وحتى في المساجد، دفع بعض الشبان إلى الالتحاق بجبهات القتال في مختلف مناطق النزاع في البلاد. يدعو الحكومة في صنعاء إلى إعادة جميع الأنشطة الرياضية والثقافية والمخيمات التي كانت تعمل قبل الحرب، للحفاظ على الشبان من الانحراف.
ما زالت بعض النوادي الخاصة في صنعاء تعمل بالرغم من استمرار الحرب، لكنّ أسعار اشتراكاتها الباهظة، منعت كثيرين من الالتحاق بها. يقول محمد عزيز (22 عاماً) وهو من سكان صنعاء، إنّ استمرار إغلاق معظم النوادي الرياضية الحكومية في صنعاء منذ بدء الحرب دفعه للبحث عن نادٍ خاص لممارسة الرياضة فيه، لكنّه فوجئ بأسعار اشتراكاته اليومية المرتفعة، لذلك تراجع عن الفكرة، لعدم امتلاك المال الكافي. يضيف لـ"العربي الجديد: "النوادي الرياضية الخاصة مساحتها صغيرة للغاية وغالبيتها تتكون من حوضين للسباحة، وطاولات بلياردو وتنس الطاولة، وأحياناً ملاعب صغيرة لكرة السلة والقدم، ومع ذلك فإن قيمة الاشتراك اليومي فيها تبلغ 2000 ريال يمني (4 دولارات أميركية).
يرفض عبد الناصر الدبعي، السماح لابنه بالخروج من المنزل، وقد فضّل السماح له بمضغ القات يومياً إلى جانبه: "تخرّج ابني الوحيد من الثانوية العامة ولم يلتحق بالجامعة حتى الآن، ولأنّي لا أريده أن يخرج من المنزل كي لا يختلط برفاق السوء أو يقنعه أحد بالذهاب إلى جبهات الحرب، فضلت أن يشاركني القات يومياً إلى أن يبدأ الدراسة الجامعية وينشغل بها". يشير إلى أنّ ابنه يحاول مراراً أن يقنعه بالالتحاق بأحد النوادي، لكنّه يرفض ذلك لبعد النادي عن المنزل وخوفه من رفاق السوء بحسب تعبيره. يوضح الدبعي أنّ الحرب تسببت في وقف الأنشطة التي كانت تنظم في أحد مساجد الحي الذي يسكنه، وحرمت اليافعين من الفرص الرياضية والثقافية التي كانت تقدم لهم خلال عطلة الصيف ويشغلون بها أوقاتهم. يواصل: "كان المسجد الذي في الحي يقيم بطولة رياضية ومسابقات شطرنج ومسابقات دينية وثقافية، لكنّ كل هذا توقف وأصبح الأطفال والشبان إما في الشوارع أو جبهات القتال.
وتقضي الرياضة والأنشطة الثقافية الأخرى على الطاقة السلبية الناتجة عن أوقات الفراغ لدى الشباب، كما تزيد من ثقتهم بأنفسهم وتجلب لهم راحة نفسية وإن كانوا يعانون من ضغوط ومشكلات في حياتهم، بحسب المتخصصة الاجتماعية والنفسية هند ناصر. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ الأنشطة المشتركة تساهم في تكوين العلاقات الاجتماعية وتُكسب الشباب صفات جيدة تساعدهم على تسيير أمور الحياة، كما تقلل من الظواهر السلبية المنتشرة في الأوساط الشبابية الذكورية في اليمن مثل مضغ القات وتعاطي مسحوق الشمة المخدرة والتدخين. وتؤكد ناصر أنّ غياب أماكن الترويح في أغلب المناطق اليمنية، من الأسباب الرئيسة التي دفعت معظم الأطفال والشبان للالتحاق بجبهات القتال.
وبحسب وزارة الرياضة والشباب في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإنّ إجمالي عدد المنشآت الرياضية التي تضررت من جراء غارات التحالف السعودي - الإماراتي منذ بدء الحرب، بلغ 85 منشأة، في 13 محافظة يمنية، بتكلفة تتجاوز 650 مليون دولار أميركي.
إبراهيم محمد (21 عاماً)، من هؤلاء، وهو من منطقة سعوان بمديرية شعوب في أمانة العاصمة صنعاء. يمضي معظم ساعات نهاره في مضغ القات، مع بعض أصدقائه. يقول: "لا شيء يمكن أن نقوم به استغلالاً للوقت، فلا أعمال ولا نوادي ولا أستطيع أن ألتحق بمعهد لتطوير قدراتي المهنية لأنّي لا أملك تكاليف مثل هذه الدورات". يشير محمد إلى أنّه كان يواظب على لعب كرة القدم في نادي 22 مايو الرياضي القريب من منزله، منذ سن العاشرة، لكنّه توقف عن اللعب خلال سنوات الحرب الأربع الماضية، بعد تكرار إغلاق النادي أكثر من مرة: "أغلق النادي بداية الحرب لعدة أشهر، ثم أعيد فتحه قبل أكثر من عامين، لكنّ طيران التحالف العربي استهدف بعض مرافقه بشكل مباشر، ما أدى إلى توقفه مرة أخرى عن العمل، قبل أن يعود لفتح أبوابه مجدداً أواخر العام الماضي أمام الشباب، لكن بشكل جزئي ومحدود". يضيف: "خلال فترات إغلاق النادي أدمنت على مضغ القات خلال نفس الساعات التي كنت أقضيها كلّ يوم في ممارسة الرياضة بالنادي". يشير محمد إلى أنّ وزنه ازداد منذ بدء الحرب نحو 15 كيلوغراماً، وهو الآن يبحث عن صالة رياضية لاستعادة لياقته البدنية.
من جانبه، يقول محمد النهاري (20 عاماً) وهو من سكان حي ظهر حمير، المحاذي للسفارة الأميركية بصنعاء، إنّه توقف عن ممارسة الرياضة، جراء بناء جماعة أنصار الله (الحوثيين) منصة صغيرة للاحتفالات وسط ملعب الحمدي القريب من سكنه. يضيف لـ"العربي الجديد": "شبان المنطقة حاولوا مراراً هدم المنصة لكنّ الحوثيين منعوا ذلك، مهددين بسجن أي شخص يقدم على ذلك". يشير النهاري إلى أنّه يحاول تبديد وقت فراغه بالتجوال في الأحياء والشوارع أو مضغ القات مع بعض رفاقه، خصوصاً مع استمرار إغلاق كثير من المراكز الترفيهية. ويسأل: "لماذا لا تعمل وزارة الشباب والرياضة على إعادة فتح جميع النوادي الرياضية والاجتماعية خصوصاً أنّ غارات الطيران توقفت بشكل شبه كلي منذ أكثر من عام؟".
أما صالح خالد (19 عاماً)، وهو من سكان محافظة المحويت، غربي البلاد، فيقول لـ"العربي الجديد، إنّ جميع الأنشطة الرياضية، والمسابقات الثقافية، والمخيمات الكشفية، التي كانت تنفذها وزارتا التربية والتعليم والشباب والرياضة، توقفت كلياً في مدينة المحويت (مركز المحافظة)، من جراء عدم صرف المخصصات المالية للأنشطة، منذ بدء الحرب في مارس/ آذار 2015. ويضيف خالد: "يعيش شباب المحافظة أوقات فراغ قاتلة، حتى وإن أرادوا العمل لشغل أوقاتهم فإنّ الأعمال غير متوفرة". يشير إلى أنّ توقف الأنشطة في المدارس وفي النوادي وحتى في المساجد، دفع بعض الشبان إلى الالتحاق بجبهات القتال في مختلف مناطق النزاع في البلاد. يدعو الحكومة في صنعاء إلى إعادة جميع الأنشطة الرياضية والثقافية والمخيمات التي كانت تعمل قبل الحرب، للحفاظ على الشبان من الانحراف.
ما زالت بعض النوادي الخاصة في صنعاء تعمل بالرغم من استمرار الحرب، لكنّ أسعار اشتراكاتها الباهظة، منعت كثيرين من الالتحاق بها. يقول محمد عزيز (22 عاماً) وهو من سكان صنعاء، إنّ استمرار إغلاق معظم النوادي الرياضية الحكومية في صنعاء منذ بدء الحرب دفعه للبحث عن نادٍ خاص لممارسة الرياضة فيه، لكنّه فوجئ بأسعار اشتراكاته اليومية المرتفعة، لذلك تراجع عن الفكرة، لعدم امتلاك المال الكافي. يضيف لـ"العربي الجديد: "النوادي الرياضية الخاصة مساحتها صغيرة للغاية وغالبيتها تتكون من حوضين للسباحة، وطاولات بلياردو وتنس الطاولة، وأحياناً ملاعب صغيرة لكرة السلة والقدم، ومع ذلك فإن قيمة الاشتراك اليومي فيها تبلغ 2000 ريال يمني (4 دولارات أميركية).
يرفض عبد الناصر الدبعي، السماح لابنه بالخروج من المنزل، وقد فضّل السماح له بمضغ القات يومياً إلى جانبه: "تخرّج ابني الوحيد من الثانوية العامة ولم يلتحق بالجامعة حتى الآن، ولأنّي لا أريده أن يخرج من المنزل كي لا يختلط برفاق السوء أو يقنعه أحد بالذهاب إلى جبهات الحرب، فضلت أن يشاركني القات يومياً إلى أن يبدأ الدراسة الجامعية وينشغل بها". يشير إلى أنّ ابنه يحاول مراراً أن يقنعه بالالتحاق بأحد النوادي، لكنّه يرفض ذلك لبعد النادي عن المنزل وخوفه من رفاق السوء بحسب تعبيره. يوضح الدبعي أنّ الحرب تسببت في وقف الأنشطة التي كانت تنظم في أحد مساجد الحي الذي يسكنه، وحرمت اليافعين من الفرص الرياضية والثقافية التي كانت تقدم لهم خلال عطلة الصيف ويشغلون بها أوقاتهم. يواصل: "كان المسجد الذي في الحي يقيم بطولة رياضية ومسابقات شطرنج ومسابقات دينية وثقافية، لكنّ كل هذا توقف وأصبح الأطفال والشبان إما في الشوارع أو جبهات القتال.
وتقضي الرياضة والأنشطة الثقافية الأخرى على الطاقة السلبية الناتجة عن أوقات الفراغ لدى الشباب، كما تزيد من ثقتهم بأنفسهم وتجلب لهم راحة نفسية وإن كانوا يعانون من ضغوط ومشكلات في حياتهم، بحسب المتخصصة الاجتماعية والنفسية هند ناصر. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ الأنشطة المشتركة تساهم في تكوين العلاقات الاجتماعية وتُكسب الشباب صفات جيدة تساعدهم على تسيير أمور الحياة، كما تقلل من الظواهر السلبية المنتشرة في الأوساط الشبابية الذكورية في اليمن مثل مضغ القات وتعاطي مسحوق الشمة المخدرة والتدخين. وتؤكد ناصر أنّ غياب أماكن الترويح في أغلب المناطق اليمنية، من الأسباب الرئيسة التي دفعت معظم الأطفال والشبان للالتحاق بجبهات القتال.
وبحسب وزارة الرياضة والشباب في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإنّ إجمالي عدد المنشآت الرياضية التي تضررت من جراء غارات التحالف السعودي - الإماراتي منذ بدء الحرب، بلغ 85 منشأة، في 13 محافظة يمنية، بتكلفة تتجاوز 650 مليون دولار أميركي.