أعلنت الشرطة العراقية في العاصمة بغداد، اليوم الأربعاء، أن رجلاً أقدم على قتل 12 شخصاً من أفراد عائلته بسلاح ناري، في جريمة جديدة اعتبرت مؤشراً خطيراً على تصاعد هذا النوع من جرائم القتل داخل المجتمع العراقي.
وسجلت تقارير الأمن العراقي منذ مطلع العام الحالي قرابة 50 جريمة قتل عائلية في مختلف مدن البلاد. ويقول مسؤولون في جهاز الشرطة إن الجرائم تلك مرتبطة بعدة عوامل أبرزها المخدرات والفقر وانتشار السلاح.
وبحسب مسؤولين في جهاز الشرطة العراقية، أقدم رجل في العقد الثالث من العمر على قتل 12 شخصاً من أسرته وأسرة شقيقته التي تسكن جوار منزله، بينهم نساء وأطفال، كانوا نياماً فجر اليوم الأربعاء، وأقدم على فعلته مستخدماً سلاحاً نارياً مزود بكاتم للصوت.
وبحسب ضابط في شرطة بغداد فإن الجريمة التي وقعت بمنطقة سبع البور شمالي بغداد طاولت منزلين متجاورين؛ الأول منزل القاتل والثاني منزل شقيقته، مؤكداً اعتقال القاتل على مقربة من المنزلين حيث كان جالساً على قارعة الطريق والسلاح أداة الجريمة كان بحوزته.
وتعتبر جريمة اليوم الثانية من نوعها في أقل من أسبوع، إذ قتل رجل شقيقه في محافظة بابل بسبب خلافات على الميراث. وقالت الشرطة إنها اعتقلت القاتل، كما ألقت القبض قبل أيام على رجل زعم أن ابنته انتحرت وتبين بعد التحقيق أنها قتلت.
ويقول مختصون ومراقبون عراقيون إن "الجرائم الجنائية ارتفعت إلى مستويات قياسية في البلاد، تتصدرها الثارات العشائرية والقبلية ثم الاجتماعية التي تتم بين سكان الأحياء أو في الشارع وصولاً إلى العائلات في بيوتها".
العقيد أحمد العيداني من شرطة بغداد يؤكد أن "غالبية منفذي تلك الجرائم عادة ما يتم اعتقالهم، لكن المشكلة أنها أصبحت ظاهرة، فالعنف امتد ووصل إلى ما بين أفراد الأسرة أنفسهم"، مؤكداً في حديث لـ"العربي الجديد" بأن "الشرطة طورت من أساليب اعتقال الجناة بأسرع وقت ممكن، لكن ملف منع استمرار شيوع ظاهرة العنف يحتاج إلى تكاتف عظيم من جميع من في البلاد من مؤسسات دينية وتربوية وأمنية وثقافية، للعودة إلى الحد الأدنى من الجرائم، وعدم وصول الأمر لأن يقتل الرجل أبناءه أو زوجته أو أفراد أسرته".
أستاذ علم الاجتماع والسلوكيات أحمد الدليمي يعتبر أن "سنوات الإرهاب التي أشاعت ثقافة العنف والشد النفسي والفقر والمخدرات وانتشارها كلها أسباب رئيسة وراء ما نشهده اليوم". ويضيف "وسائل الإعلام تتحمل جزءاً كبيراً من هذا من خلال بثها مواد ومحتوى عنيفاً من صور قتلى وضحايا ومعارك وجثث جعلت مشاهد الدماء أمراً اعتيادياً لدى كثير من الناس".
ويبيّن في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الجرائم تلك لم تعد قاصرة على المدن بل امتدت للقرى والأرياف أيضاً، وهذا مؤشر غير جيد كما في منطقة سبع البور التي حدثت فيها جريمة اليوم، وتعتبر منطقة ريفية خارج حدود بغداد العاصمة".
وباتت جرائم القتل مصدر رعب للمواطنين، الذين ألقوا باللائمة على الحكومة، كونها لا توفر الحماية لهم.
ويقول أبو جمال، وهو أحد أهالي بغداد، إنّ "ارتفاع جرائم القتل أضعف ثقتنا بالأجهزة الأمنية وسلطة الدولة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الأجهزة الأمنية اليوم غير قادرة على حماية المواطن من التهديدات العشائرية ومن العصابات المنفلتة أو المشاكل الأخرى". ويؤكد أن "هناك حالة رعب في المجتمع بشكل عام من تلك الجرائم، ويجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات حازمة لحماية المواطنين، ومحاسبة المجرمين بعقوبات رادعة".
ويتابع أنّ "عدم اتخاذ الحكومة أي قرارات للحد من ظاهرة انتشار السلاح وعدم محاسبة من يتاجرون به أو يستخدمونه، منح المجتمع سبباً رئيساً في انتشار الظاهرة"، مشيراً إلى أنّ "استمرار الإهمال الحكومي لهذا الملف ستكون له تداعيات خطيرة مستقبلاً من خلال استمرار وزيادة ارتكاب الجرائم".