مع تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية العاصفة بأوكرانيا منذ عام 2014 وتدهور علاقاتها مع روسيا، سجل عدد المغتربين الأوكرانيين في بولندا ارتفاعاً غير مسبوق من 300 ألف إلى نحو 1.5 مليون، وفق أرقام حديثة صادرة عن القنصلية الأوكرانية في بولندا.
ويعمل معظم الأوكرانيين في بولندا في مهن لا تتطلب تعليماً عالياً، مثل أعمال البناء والتشطيب، والنقل، والزراعة، وقطاع الخدمات، والمصانع. وبحسب الإذاعة البولندية، فإنّ المغتربين الأوكرانيين كانت لهم الحصة الأكبر والبالغة 86 في المائة من عمليات تحويل الأموال من بولندا، وذلك بواقع 865 مليون دولار أميركي في الربع الأول من العام الماضي أو 3.1 مليار دولار في عام 2017. أما أرقام المصرف الوطني الأوكراني، فتشير إلى أنّ مجموع تحويلات الأوكرانيين من بلدان الاتحاد الأوروبي يبلغ نحو 9.3 مليارات دولار سنوياً. في المقابل، لم تعد أوكرانيا مصدراً رئيسياً لحركة الهجرة الوافدة إلى روسيا، إذ تشير أرقام هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" إلى تراجع عدد الأوكرانيين الآتين إلى روسيا من 47 ألفاً و700 في عام 2017 إلى 14 ألفاً و800 فقط في العام الماضي.
اقــرأ أيضاً
وفي هذا الإطار، يشير الخبير في شؤون أوروبا الشرقية والوسطى، إيفان بريوبراجينسكي، إلى مجموعة من العوامل جعلت الأوكرانيين يفضلون بولندا على روسيا، بما فيها سهولة اللغة البولندية القريبة من الأوكرانية، والقرب الجغرافي، وسهولة إجراءات استخراج التأشيرة والإقامة في بلد عضو في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى بعض الأسباب السياسية، مثل امتناع قطاع عريض من الأوكرانيين عن السفر إلى روسيا بسبب ضمها شبه جزيرة القرم في عام 2014. ويقول بريوبراجينسكي في حديث إلى "العربي الجديد": "يختار الأوكرانيون بولندا لمجموعة من الأسباب، أولها تشابه اللغتين الأوكرانية والبولندية بالرغم من أنّ الأخيرة أصعب بعض الشيء من الروسية التي يتقنها جميع سكان وسط وشرق أوكرانيا". ويضيف: "أما السبب الثاني، فهو القرب الجغرافي الذي يمكّن الأوكرانيين من السفر إلى بولندا حتى لفترات قصيرة والعودة إلى الوطن بسهولة. أضف إلى ذلك سهولة الحصول على تأشيرة عمل في بولندا للأوكرانيين، كما أنّ أعداداً كبيرة منهم تحمل بطاقات تثبت أصولهم البولندية وتتيح تسهيل إجراءات الحصول على الجنسية".
وحول عوامل تفضيلهم بولندا على روسيا، يتابع: "على عكس روسيا، فإنّ بولندا بلد عضو في الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنّ تقنين الأوضاع فيها يتيح استكمال الهجرة إلى الغرب. وإلى جانب عوامل اقتصادية، هناك أخرى سياسية، مثل ضم القرم والحرب في شرق أوكرانيا التي تدفع الأوكرانيين للبحث عن أيّ وجهة للهجرة باستثناء روسيا".
وبحسب أرقام مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات"، كانت أوكرانيا في عام 2017 هي المصدر الرئيس للهجرة الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، إذ بلغت نسبة الأوكرانيين بين الأجانب الذين حصلوا على أوراق الإقامة لأول مرة في أحد البلدان الأوروبية 21 في المائة، وذلك بواقع 662 ألفاً من أصل 3.1 ملايين. واختارت الأغلبية الساحقة من المهاجرين الأوكرانيين (585 ألفاً) بولندا وجهة لاغترابهم بهدف العمل.
صوفيا، شابة أوكرانية (28 عاماً)، واحدة من هؤلاء، تقول لـ"العربي العربي"، من مدينة كراكوف البولندية: "اخترت بولندا لأنني أجيد اللغة البولندية، وقد زرت هذا البلد مراراً، وهو يقع بالقرب من أوكرانيا". وحول مدى اندماج الأوكرانيين في المجتمع البولندي، تضيف: "كان الاندماج سهلاً بالنسبة لي، لأنّني أجيد اللغة، كما أنّني شخصياً ألاقي معاملة طيبة وجيدة من البولنديين. لكن في أحيان كثيرة، يعيش الأوكرانيون منعزلين ويتواصلون بين بعضهم البعض فقط".
اقــرأ أيضاً
وتوجهت أوكرانيا منذ سقوط الرئيس الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، في فبراير/ شباط 2014، نحو مزيد من التقارب مع الغرب مقابل الابتعاد عن روسيا، كما فتح إعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2017 باباً لهجرة مزيد من الشباب من أوكرانيا. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مجموعة "ريتينغ" أنّ 40 في المائة من سكان أوكرانيا مستعدون لمغادرة بلادهم بحثاً عن عمل جديد.
مسلسل للرئيس
لاقت قضية الهجرة وإعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي عام 2017 انعكاساً في مرآة المسلسل السياسي الساخر "خادم الشعب" بطولة الممثل الكوميدي والرئيس الحالي، فولوديمير زيلينسكي، إذ تناولت إحدى حلقاته هروب جميع سكان البلاد باستثناء الرئيس بعد فتح أبواب أوروبا.
ويعمل معظم الأوكرانيين في بولندا في مهن لا تتطلب تعليماً عالياً، مثل أعمال البناء والتشطيب، والنقل، والزراعة، وقطاع الخدمات، والمصانع. وبحسب الإذاعة البولندية، فإنّ المغتربين الأوكرانيين كانت لهم الحصة الأكبر والبالغة 86 في المائة من عمليات تحويل الأموال من بولندا، وذلك بواقع 865 مليون دولار أميركي في الربع الأول من العام الماضي أو 3.1 مليار دولار في عام 2017. أما أرقام المصرف الوطني الأوكراني، فتشير إلى أنّ مجموع تحويلات الأوكرانيين من بلدان الاتحاد الأوروبي يبلغ نحو 9.3 مليارات دولار سنوياً. في المقابل، لم تعد أوكرانيا مصدراً رئيسياً لحركة الهجرة الوافدة إلى روسيا، إذ تشير أرقام هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" إلى تراجع عدد الأوكرانيين الآتين إلى روسيا من 47 ألفاً و700 في عام 2017 إلى 14 ألفاً و800 فقط في العام الماضي.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير في شؤون أوروبا الشرقية والوسطى، إيفان بريوبراجينسكي، إلى مجموعة من العوامل جعلت الأوكرانيين يفضلون بولندا على روسيا، بما فيها سهولة اللغة البولندية القريبة من الأوكرانية، والقرب الجغرافي، وسهولة إجراءات استخراج التأشيرة والإقامة في بلد عضو في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى بعض الأسباب السياسية، مثل امتناع قطاع عريض من الأوكرانيين عن السفر إلى روسيا بسبب ضمها شبه جزيرة القرم في عام 2014. ويقول بريوبراجينسكي في حديث إلى "العربي الجديد": "يختار الأوكرانيون بولندا لمجموعة من الأسباب، أولها تشابه اللغتين الأوكرانية والبولندية بالرغم من أنّ الأخيرة أصعب بعض الشيء من الروسية التي يتقنها جميع سكان وسط وشرق أوكرانيا". ويضيف: "أما السبب الثاني، فهو القرب الجغرافي الذي يمكّن الأوكرانيين من السفر إلى بولندا حتى لفترات قصيرة والعودة إلى الوطن بسهولة. أضف إلى ذلك سهولة الحصول على تأشيرة عمل في بولندا للأوكرانيين، كما أنّ أعداداً كبيرة منهم تحمل بطاقات تثبت أصولهم البولندية وتتيح تسهيل إجراءات الحصول على الجنسية".
وحول عوامل تفضيلهم بولندا على روسيا، يتابع: "على عكس روسيا، فإنّ بولندا بلد عضو في الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنّ تقنين الأوضاع فيها يتيح استكمال الهجرة إلى الغرب. وإلى جانب عوامل اقتصادية، هناك أخرى سياسية، مثل ضم القرم والحرب في شرق أوكرانيا التي تدفع الأوكرانيين للبحث عن أيّ وجهة للهجرة باستثناء روسيا".
وبحسب أرقام مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات"، كانت أوكرانيا في عام 2017 هي المصدر الرئيس للهجرة الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، إذ بلغت نسبة الأوكرانيين بين الأجانب الذين حصلوا على أوراق الإقامة لأول مرة في أحد البلدان الأوروبية 21 في المائة، وذلك بواقع 662 ألفاً من أصل 3.1 ملايين. واختارت الأغلبية الساحقة من المهاجرين الأوكرانيين (585 ألفاً) بولندا وجهة لاغترابهم بهدف العمل.
صوفيا، شابة أوكرانية (28 عاماً)، واحدة من هؤلاء، تقول لـ"العربي العربي"، من مدينة كراكوف البولندية: "اخترت بولندا لأنني أجيد اللغة البولندية، وقد زرت هذا البلد مراراً، وهو يقع بالقرب من أوكرانيا". وحول مدى اندماج الأوكرانيين في المجتمع البولندي، تضيف: "كان الاندماج سهلاً بالنسبة لي، لأنّني أجيد اللغة، كما أنّني شخصياً ألاقي معاملة طيبة وجيدة من البولنديين. لكن في أحيان كثيرة، يعيش الأوكرانيون منعزلين ويتواصلون بين بعضهم البعض فقط".
وتوجهت أوكرانيا منذ سقوط الرئيس الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، في فبراير/ شباط 2014، نحو مزيد من التقارب مع الغرب مقابل الابتعاد عن روسيا، كما فتح إعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2017 باباً لهجرة مزيد من الشباب من أوكرانيا. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مجموعة "ريتينغ" أنّ 40 في المائة من سكان أوكرانيا مستعدون لمغادرة بلادهم بحثاً عن عمل جديد.
مسلسل للرئيس
لاقت قضية الهجرة وإعفاء المواطنين الأوكرانيين من تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي عام 2017 انعكاساً في مرآة المسلسل السياسي الساخر "خادم الشعب" بطولة الممثل الكوميدي والرئيس الحالي، فولوديمير زيلينسكي، إذ تناولت إحدى حلقاته هروب جميع سكان البلاد باستثناء الرئيس بعد فتح أبواب أوروبا.