ينطلق اليوم العام الدراسي الجديد في فلسطين، ويلتحق نحو مليون و300 ألف تلميذ وتلميذة في مدارسهم، وسط أزمة مالية تعدّ الأصعب على الإطلاق منذ سنوات طويلة. محمد شاهين، وهو موظف حكومي من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لديه أربعة أبناء يدرسون في مدارس الحكومة الفلسطينية، يقول إنّه استطاع فقط تأمين بعض القرطاسية، ولا يعرف ما إذا سيكون قادراً على تأمين الحقائب والأزياء المدرسية.
يوضح شاهين لـ "العربي الجديد": "حلّ عيد الأضحى في الثلث الأول من الشهر، والعودة المدرسية في ثلثه الأخير، والمصاريف كثيرة وكبيرة، ولا يكفيني نصف الراتب الذي أتقاضاه. أنا فعلاً في مأزق". يتابع: "علينا تشجيع التلاميذ على العودة إلى الدراسة. لذلك، اعتدت أن أشتري لهم الحقائب والملابس والقرطاسية في كل عام. لكن هذا العام، كنت صريحاً مع أبنائي وشرحت لهم الوضع الذي نعيشه، ومدى صعوبة شراء حقيبة لكل واحد منهم. فمن لم يعد يحتاج إلى حقيبته سيعطيها لأخيه وهكذا".
وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة مع اقتطاع الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة قبل أشهر، ما أجبر الحكومة الفلسطينية على دفع 60 في المائة من رواتب موظفيها الحكوميين، الذين يزيد عددهم عن 140 ألفاً، ما جعلهم يعانون. وفي الوقت الحالي، يعجز البعض عن توفير حاجيات أبنائهم المدرسية.
كانت أم محمود برفقة ثلاث من بناتها في بازار خيري أقيم في نابلس لبيع المستلزمات المدرسية. تقول إن الحقيبة العادية تباع في المكتبات والمعارض بما بين 40 و70 شيكلاً (ما بين 10 و20 دولاراً). وهناك أنواع وماركات تباع بأضعاف هذا الرقم. وعندما يكون لديك ثلاثة أو أربعة أبناء في المدرسة، فهذا يعني أنك تحتاج إلى مائة دولار على الأقل. "هذا ولم أشترِ بعد الأزياء المدرسية والقرطاسية".
لذلك، توضح أم محمود في حديثها لـ "العربي الجديد"، أنها لجأت إلى الشراء من البازار الذي أقيم في البلدة القديمة من مدينة نابلس، حيث الأسعار مقبولة، والبضائع المعروضة جودتها ممتازة. وضع عائلة أم محمود المادي مقبول، كونها وزوجها موظفين حكوميين. تقول: "مع هذا، لا بد من إجراء بعض التدابير والاقتصار على الأساسيات، وقد اشترينا لأبنائنا ملابس قبل العيد. بالتالي، لا داعي بعد أقل من شهر لشراء ملابس مرة ثانية، وهم متفهمون جداً للأمر".
في محاولة لمساعدة الأسر الفقيرة وتقديم العون لها في موسم المدارس، انطلق العديد من المبادرات الشعبية الفلسطينية لتوفير الحقائب المدرسية والقرطاسية لتلك العائلات، ومنها حملة "نابلس الخير". ويقول منسّق الحملة مازن الدنبك لـ "العربي الجديد": "الأوضاع الاقتصادية لم تبلغ هذا السوء منذ سنوات طويلة. هناك كساد في المكتبات، نظراً لإحجام الفلسطينيين عن الشراء على الرغم من أن الأسعار مقبولة. لكن موسم المدارس تزامن مع العيد واستمرار الأزمة المالية الحالية للحكومة الفلسطينية".
وتوفر حملة "نابلس الخير"، كما يوضح الدنبك، حقيبة مدرسية في داخلها قرطاسية تضم دفاتر وأقلاماً ومستلزمات أخرى تكفي لفصل دراسي واحد على الأقل. صحيح أن الحملة في عامها الثاني، "لكننا هذه المرة ضاعفنا كمية الحقائب لأن أعداد العائلات التي سنوزعها عليها تضاعفت نتيجة الوضع الراهن". وتستهدف الحملة الأسر المتعففة، وتحاول الوصول إلى العائلات التي ترفض طرق أبواب الجمعيات الخيرية. "واجبنا دقّ أبواب بيوتها والقيام بما هو لازم".
أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية عن إنهاء الاستعدادات لافتتاح العام الدراسي 2019/2020 اليوم، سواء لناحية تأمين الكوادر البشرية وتدريبهم، أو صيانة الأبنية المدرسية وبناء مدارس جديدة وتوفير الكتب ومراجعة المناهج وتوفير الأثاث.
وكان نحو 70 ألفاً و507 مدرسين وإداريين قد عادوا إلى المدارس الأربعاء الماضي، بينهم 50 ألفاً إلى المدارس الحكومية، لاستكمال التحضيرات لإطلاق العام الدراسي الجديد. وسيتوجه نحو مليون وثلاثمائة وعشرة آلاف تلميذ/ة إلى مدارسهم على الأراضي الفلسطينية، وفي المدارس الفلسطينية الخمس خارج فلسطين (في قطر ورومانيا وبلغاريا وتركيا). ويدرس نحو 854 ألفاً و390 تلميذاً وتلميذة في المدارس الحكومية، ونحو 150 ألفاً في المدارس الخاصة، والبقية في مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا).
ويبلغ عدد مدارس هذا العام في كافة أرجاء الأراضي الفلسطينية 3079 مدرسة، منها 2267 حكومية، 1852 منها في الضفة الغربية، و415 في قطاع غزة. أما عدد المدارس الخاصة فهو 436 مدرسة، وعدد مدارس الأونروا 376، إضافة إلى خمس مدارس خارج الأراضي الفلسطينية. وأكدت وزارة التربية الفلسطينية أنها تتابع مع جاليات أخرى إنجاز مزيد من المدارس الفلسطينية الجديدة في الشتات، في حين أشارت إلى أن عدد رياض الأطفال يبلغ 1795 روضة، وعدد شعب رياض الأطفال الحكومية 341 شعبة، منها مائة جديدة هذا العام.