شهد عدد من محافظات مصر، اليوم الأحد، خمس حالات انتحار لأسباب مختلفة، في ما يعتبر رسالة إلى الجهات الحكومية بضرورة إيجاد الحلول للمشاكل المتفاقمة من فقر وبطالة وإهمال، إلى جانب توفير العلاج لحالات الاكتئاب والقلق.
ففي محافظة البحيرة شمال القاهرة، أقدم الشاب محمد أ. ح (26 عاماً) الذي يعاني من حالة نفسية سيئة على الانتحار، بتناول حبوب "حفظ الغلال" (حبوب سامة توضع في المحاصيل مثل المبيد الحشري)؛ وعثر جيرانه على جثته داخل شقته بمدينة الرحمانية التابعة للمحافظة.
وفي محافظة الجيزة، وتحديداً في منطقة العياط، أقدم الشاب محمد. م، على الانتحار غرقاً، وتمكنت قوات الإنقاذ النهري من انتشال جثته، كما غرق شاب في العقد الثالث من عمره في نهر النيل بمنطقة الوراق في المحافظة ذاتها، وتمكن رجال الإنقاذ النهري من انتشال جثمانه، وحرروا محضراً بالواقعة، وتولت النيابة التحقيق.
وفي حي مصر القديمة جنوب القاهرة، أقدمت أم لأربعة أبناء على الانتحار بتناول "سم الفئران"، بسبب ضغوط الحياة وعدد من الأزمات الاقتصادية، لأن زوجها لا يعيلها ويختفي أياماً عن المنزل ولا يتحمل مسؤولية إعالة أبنائه، ما أدى إلى إصابتها بحالة من الاكتئاب والضغط النفسي. ولكن استغاثة ابنتها الكبرى بالجيران، الذين حاولوا إنقاذها بنقلها لمركز السموم، لم تسعفها ولقيت حتفها على الفور.
أما في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، فتم تشريح جثة سيدة في العقد الثالث من عمرها، عُثر عليها طافية بمياه ترعة قرية شرشابة بمدينة زفتى، وتتوقع التحريات الأمنية أن تكون الضحية أقدمت على الانتحار، في الوقت الذي أنقذت فيه العناية الإلهية طالبا 18 عاماً بمنطقة الساحل شمال القاهرة، حاول الانتحار في النيل لمروره بأزمة نفسية، وتبين أنه مقيم في منطقة بشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، وقرر أن يُلقي بنفسه بنهر النيل للتخلص من حياته لمروره بضائقة نفسية.
يذكر أن الشارع المصري يشهد خلال السنوات الخمس الأخيرة العديد من جرائم القتل والسرقة، وإقدام الشباب على الانتحار، في مؤشر على ارتفاع نسبة الجريمة داخل المحافظات المصرية، وهو ما أرجعه البعض إلى تدني الأحوال الاقتصادية، خاصة الطبقة المتوسطة والفقيرة، إضافة إلى تراجُع دور المؤسسات الدينية والتربية والتعليم في التوعية.
وكشفت إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن هناك 88 حالة انتحار من بين كل 100 ألف مصري، وتشير الأرقام إلى أن الفئة العمرية الأكثر إقبالًا على الانتحار في مصر ما بين 15 و25 عامًا.
وأرجع أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس الدكتور أحمد فخري، زيادة حالات الانتحار داخل عدد من المحافظات المصرية، إلى زيادة الضغوط الاقتصادية والنفسية على عدد كبير من شرائح المجتمع، وانتشار الفقر والبطالة، ما يدفع هؤلاء للانتحار وإنهاء حياتهم، لعجزهم عن توفير حاجاتهم اليومية.
وأوضح أن هؤلاء يعتمدون طرقا متعددة للانتحار، من بينها الشنق بأشكاله المختلفة، أو بتناول قرص سام لحفظ الغلال أو مبيد حشري، والقفز من أسطح المنازل، ومن بينها أيضاً إلقاء المنتحر نفسه بماء النيل، وإطلاق النار على الرأس، وتمزيق شرايين اليد، والقفز أمام القطار، وغيرها من الوسائل الأخرى، لافتاً إلى أن حالات الانتحار في مصر "رسالة" موجهة إلى الحكومة والنظام، مشدداً على أهمية تنمية الوعي الثقافي لدى العامة بأمراض الاكتئاب والانفصام والإدمان والقلق.