لم يمض على توليه مهمة رئاسة بلدية إسطنبول سوى أقل من شهرين، حتى وجد أكرم إمام أوغلو الذي فاز عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، نفسه أمام تحد واختبار شعبي كبير، بعد أن تسببت السيول أمس السبت بوفاة شخص واحد وبأضرار مادية كبيرة.
وتعرضت مدينة إسطنبول أمس السبت لعاصفة مطرية قوية ظهرا، ما أدى إلى حصول سيول جارفة وخاصة في قلب إسطنبول التاريخية، فغمرت الأنفاق، ودخلت المياه إلى المحال التجارية، وتوفي أحد المواطنين متأثرا بهذه السيول، في حين أظهرت المشاهد بضائع تجار وهي تعوم فوق المياه.
وتركزت الأضرار في منطقة بيازيد التاريخية، وسوقها المسقوف الذي غرق بالمياه. كما تدفقت المياه أيضاً من منطقة مرتفعة باتجاه منطقة أمينونو على خليج القرن الذهبي، فغطت المياه جميع الأنفاق في المنطقة، وتوقفت خطوط المترو والمواصلات العامة في بعض الطرق، ليتم فتحها لاحقا بعد انحسار المياه، وكذلك الأمر في منطقة أوسكودار على الجانب الآسيوي للمدينة.
السيول المفاجئة وضعت رئيس البلدية الجديد أمام تحد كبير، ولكنه لم يظهر في إسطنبول طوال اليوم، ليطل مساء عبر "تويتر" بنشر تغريدات عن تعرض المدينة لحالة جوية، وأن فرق البلدية تعمل على نجدة المواطنين، ليتبين لاحقا أن إمام أوغلو في إجازة هي الثانية من نوعها خلال 52 يوما على توليه مهامه، وأنه موجود في ولاية بودروم السياحية الشهيرة رفقة عائلته.
الغياب المفاجئ أمس لإمام أوغلو، أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بوسم "أين أكرم إمام أوغلو"، ما بين مهاجم ومدافع، وركز المهاجمون على غيابه عن مدينته الغارقة، معتبرين أن إطلالته ليلاً عبر "تويتر" معيبة. في حين ركز المدافعون على أن إمام أوغلو تولى رئاسة البلدية حديثا، وأن 25 عاما من حكم المحافظين وخاصة حزب العدالة والتنمية، لم تساهم في تقوية البنية التحتية للمدينة.
وشن الإعلام التركي المؤيد والمعارض للحكومة، هجوما على إمام أوغلو، معبراً عن الاستياء من الغياب غير المبرر، وكثرة الإجازات التي حصل عليها رئيس البلدية في وقت قصير، خاصة أنه كان يقول في كلماته قبل الانتخابات، إن "إسطنبول ليست بحاجة لإهدار ثانية من العمل لأجلها".
وقال المذيع الشهير فاتح ألطايلي، المحسوب على المعارضة، اليوم الأحد: "هذا تحذيري الثاني لكم إمام أوغلو، من المؤكد أن وجودك لن يغير من شيء بعد التحذير المستمر منذ عدة أيام، ولن تتمكن من منع حصول الفيضانات وإصلاح ضرر السنوات السابقة، ولكن رغم كل ذلك كان يجب أن تكون هنا، وتمنع أن يقال أين إمام أوغلو".
أما الكاتبة في صحيفة "خبر تورك" سيفلاي يلمان، فقالت: "كان السيد إمام أوغلو في مركبه مع عائلته وأصدقائه في البحر عندما حصلت الكارثة(...) إنه مستغرب حصوله على إجازة للمرة الثانية في 50 يوما، إن ما حصل هو قلة احترام لسكان إسطنبول".
إمام أوغلو أطل اليوم الأحد في إسطنبول منذ الصباح، وأجرى جولة ميدانية على المناطق التي تضررت، مؤكدا أنه تجب إعادة النظر بشكل جذري بالبنية التحتية، في حين رد على الانتقادات بالقول "في موضوع الإجازة نحن شفافون ومن حق العائلة علي أن أكون إلى جانبها"، مبينا أن "دائرة الأرصاد الجوية أبلغت البلدية متأخرة بموضوع الأمطار الغزيرة".
وتولى إمام أوغلو مهامه بعد فوزه في انتخابات الإعادة بإسطنبول في 23 يونيو/حزيران الماضي، في تفوق هو الأول من نوعه للمعارضة العلمانية في إسطنبول، وأول خسارة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في المدينة منذ 17 عاما.