الجفاف يجبر عشرات العوائل على النزوح من شرق العراق

14 اغسطس 2019
الجفاف يأتي على أراض في مندلي بمحافظة ديالى (فيسبوك)
+ الخط -


أُجبرت عشرات العوائل العراقية خلال الشهرين الماضيين على هجرة مناطقها بسبب الجفاف، الذي اشتد منذ مطلع يوليو/تموز الماضي في المناطق الواقعة أقصى شرق محافظة ديالى الحدودية مع إيران. ويحمّل هؤلاء الحكومة المسؤولية لعدم تحركها لحل الأزمة، من خلال حفر الآبار أو إيصال المياه للقرى التي تعاني من الجفاف.

ويؤكد الأهالي أنّهم لم يجدوا حلا لمواصلة حياتهم إلّا بالنزوح من قراهم التي تعيش موتا بطيئا. وبحسب أبو حاتم، وهو أحد أهالي قرى أطراف بلدة مندلي، شمال شرقي محافظة ديالى، فإنّ "عشرات العوائل من نحو 60 قرية على حدود مندلي تركت منازلها، بعدما فقدت الأمل من وصول المياه إليها"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أنّ "مياه الأنهر انقطعت منذ نحو شهرين، كما انقطع الماء الصالح للشرب".

وأشار أبو حاتم إلى أنّ "الحياة مشلولة في تلك القرى، ولم نحصل على الماء إلّا من خلال السيارات الحوضية التي تبيعه لنا بأسعار مرتفعة"، مبينا أنّ "أغلب أهل تلك القرى لا يستطيعون شراء الماء، لأن عملهم توقف، كونهم يعتمدون على الزراعة، ولا زراعة بلا ماء، الأمر الذي أجبرهم على هجر قراهم".

تسييس الأزمة... وتهجير متعمد

ومع الصمت الحكومي وتجاهل المناشدات بتوفير المياه، يؤكد مسؤولون أنّ عملية قطع المياه عن تلك القرى قد تنطوي على تعمد من قبل بعض الأطراف الحكومية، ولها أبعاد سياسية تهدف لتوسيع رقعة النزوح لغايات التغيير الديموغرافي بالدرجة الأولى.

وقال مسؤول في حكومة ديالى المحلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة العراقية في بغداد لم تحرك ساكنا إزاء تلك المعاناة التي يعيشها الأهالي، ولا يوجد حتى بحث عن حلول لها"، مؤكدا أنّ "هناك اعتقادا سائدا لدى أهالي القرى بأن الإهمال الحكومي مقصود لإجبار الأهالي على الهجرة من تلك القرى، لإحداث تغيير ديموغرافي فيها مستقبلا".

وأشار إلى أنّ "استمرار الجفاف وقطع المياه عن تلك القرى سيؤدي بالتالي إلى إفراغ تلك المناطق من أهلها بالكامل، وستنتهي الحياة فيها، ومن ثم يجبر الأهالي على بيع أراضيهم ومنازلهم بأبخس الأسعار".

نزوح وتغيير ديموغرافي

وقال عضو مجلس ديالى السابق علي العبيدي لـ"العربي الجديد"، إن الجفاف يرتبط بتقصير حكومي، إلى جانب سبب خارجي متعلق بتركيا أو إيران وما فعلته من مشاريع ضيقت مناسيب دجلة والفرات في العراق.

وتابع "الحكومة لا تحفر الآبار ولا توصل أنابيب المياه ولا تعتمد أساليب الري الحديث الموفرة للمياه في المناطق الزراعية، ولا تعتمد القنوات الإسمنتية في جرّ مياه الري للأراضي الزراعية بدلا من الترابية التي تتسبب بفقدان جزء كبير منه، وبالتالي أزمة المياه تكون واضحة بالمناطق والقرى النائية والبعيدة عن مراكز المدن، أو تلك التي لا يكون عليها تركيز إعلامي".

واعتبر أن "موجة العطش والجفاف لا تهدد قرى وأطراف محافظة ديالى فقط، بل إنّ قرى بأطراف محافظة صلاح الدين ونينوى ومحافظات أخرى تشهد المعاناة نفسها، إذ كانت في السابق تعتمد على مياه الأنهار حتى في الشرب، واليوم مياه الأنهار أصبحت شحيحة جدا، بفعل مشاريع السدود التركية على دجلة والفرات وقطع إيران عددا من روافد الأنهار الفرعية عن العراق، وتحويل مجراها بالعامين الأخيرين ما دفع الأهالي إلى التفكير الجدي بالهجرة". وأشار إلى أنّ "موجة الجفاف ستغيّر خارطة المناطق العراقية، بشكل سريع، حيث إنه لا يمكن للحياة أن تستمر مع عدم توفر الماء".

بدوره، قال مدير بلدة قزانية (90 كلم شرق محافظة ديالى)، مازن أكرم الخزاعي، إن البلدة فقدت 60 في المائة من مساحة بساتينها بسبب الجفاف، ولم يبق سوى ألف دونم منها.

وأضاف الخزاعي، في تصريحات للصحافة المحلية العراقية، أن "بساتين قزانية والتي تعد الأقدم على مستوى ديالى، وخاصة بساتين النخيل التي تضم أنواعاً نادرة من التمور كانت مصدر رزق مئات العوائل قبل فصول الجفاف الحادة"، مبينا أن محاولة إحياء تلك البساتين تحتاج إلى دعم حكومي لإعادة زراعتها من جديد.
دلالات
المساهمون