لم تخل انتخابات عمادة المحامين التونسيين من تدافع سياسي بين التيارات السياسية، فتنافس الإسلاميون والقوميون والتجمعيون واليساريون، فضلا عن شخصيات حزبية أثرت في مسارات الحملة الانتخابية والمنافسة النهائية حول زعامة قطاع السترات السوداء.
وفاز إبراهيم بودربالة برئاسة الهيئة الوطنية للمحامين بعد صراع انتخابي أمس الأحد، شارك
فيه 3657 محاميا، واحتدمت المنافسة على عضوية الهيئة وعمادتها وسط أجواء وصفها المحامون بأنها انتخابات تعددية.
وحسم الدور الانتخابي الثاني لصالح بودربالة بـ1281 صوتا ليخلف بذلك العميد السابق عامر المحرزي، في حين حصل منافسه بوبكر بالثابت على 1210 أصوات بفارق 80 صوتا فقط، رغم تفوق بالثابت في نتائج الدور الأول الذي تنافس خلاله 7 مرشحين.
وتحولت انتخابات عمادة المحامين إلى مسرح للصراع والتدافع بين التيارات السياسية الأكثر تمثيلا في قطاع المحاماة، ووصف محامون صعود بودربالة بفوز الخط المستقل والمهني، وعودة المحاماة إلى مسار الحياد عن التيارات السياسية المتنافرة، في حين يصر آخرون على نسبة فوزه إلى دعمه من محامي حزب النهضة، فيما تمسك أخرون بأنه قومي مدعوم من فلول حزب التجمع.
وأكد العميد الفائز: "لست مرشحا للإسلاميين في هيئة المحامين، وقد صوت لي الزملاء من كل الأطياف والتوجهات السياسية من يساريين وقوميين ودستوريين إلى جانب الإسلاميين".
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أنه سيعمل مع كل المحامين دون استثناء أو إقصاء مهما اختلفت توجهاتهم السياسية شرط أن يكون الهدف الرئيسي هو خدمة مهنة المحاماة ومصلحة المحامين، مبينا أنه تقدم خلال هذه الانتخابات بتصور للمرحلة المقبلة تم عرضه على جميع المنتسبين للقطاع من كافة الانتماءات.
وطالب بودربالة المحامين المتحزبين بأن يكونوا "صوت المحاماة في أحزابهم، لا صوت الأحزاب في القطاع، وهذا هو الشعار الذي سأواصل العمل به خلال المرحلة المقبلة".
وقال المحامي عبد المنعم المؤدب لـ"العربي الجديد"، إن "تداخل المهني بالسياسي مرده انتماء طيف واسع من المحامين إلى أحزاب سياسية تعرف جيدا مكانة عمادة المحاماة ودورها في المشهد"، مذكرا بدور هيئة المحامين في الخروج من أزمة 2013، ونيلها ضمن الرباعي الراعي للحوار الوطني جائزة نوبل للسلام.
وبيّن المؤدب أن "التدافع الحزبي والصراع السياسي واضح، ولا يمكن إنكاره داخل قطاع المحاماة التونسي، وللمحامين دور سياسي بارز، وقد شاركوا في الحكم، وفي المعارضة زمن الاستعمار، وبعد الاستقلال، وفي معركة التحرير، وبناء الدولة، وفي الثورة التونسية".
وأشار إلى أن "إلصاق الانتماءات الحزبية من قبل عدة أطراف بعميد المحامين الجديد مرده التناحر الانتخابي داخل قطاع المحاماة، وتنصل العميد من جميع الأحزاب، ودعوته إلى الكف عن التدخل في شؤون الهيئة يعكس حجم الصراع السياسي والحزبي الذي ميز الانتخابات".