بيوت في فرنسا تُسرق صيفاً

31 يوليو 2019
يجب إغلاق النوافذ ليلاً (باولا أموريم/ Getty)
+ الخط -

تكثر سرقة البيوت في فرنسا خلال فصل الصيف، في خلال سفر البعض لقضاء إجازة خارج البلاد. وتدعو الشرطة المواطنين إلى ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات التي قد تحدّ من نسبة السرقات المرتفعة.

ينتظر الفرنسيون فصل الصيف بلهفة، لأنه يدفعهم إلى السفر والراحة بعد عام من العمل. لكن الكثير من العائدين من السفر يكتشفون أن بيوتهم سرقت خلال فترة غيابهم. وتحاول السلطات الأمنية الفرنسية، بشكل متكرر، إشعار المواطنين الراغبين في السفر لقضاء العطلة باتخاذ الاحتياطات اللازمة من أجل تجنّب مفاجآت سيئة ومزعجة. هذه الاحتياطات ليست صعبة، ويستطيع المواطن من خلالها تجنّب بعض هذه السرقات.

هذه الإجراءات البسيطة يشرحها المتقاعد علي الفيلالي، الذي تعرّض للسرقة، وقد أخذ من دخلوا إلى منزله التلفاز والثلاجة وبعض الحقائب. ويوضح: "حين اشتكيتُ لدى قسم الشرطة القريب، أخبرني الضابط بأنني ساعدت السارق على اختيار بيتي لسرقته، وسهّلت عليه المهمة". يضيف أن "بيتاً من كل أربعة بيوت تتعرّض للسرقة يكون مغلقاً بشكل ضعيف، أي بقفل واحد. بالتالي، لا يحتاج اللص إلى أكثر من 10 دقائق لنهب ما يشاء". والإجراءات الممكنة، التي يتردّد كثيرون في تنفيذها، هي عمليّة "هدوء أثناء العطلة" التي أطلقتها الشرطة والدرك، وتتطلب من الراغب في السفر إطلاع مركز الشرطة أو الدرك على عنوان منزله، وتواريخ الغياب حتى تقوم الشرطة بدوريات بقربه، ما يوفر بعض الحماية.

وتقول فتيحة الأصفر إنها تعرضت للسرقة حين كانت في زيارة طويلة، نسبياً، إلى الجزائر. ولا تخفي ندمها لأنها لم تخبر بعض جيرانها عن سفرها لتفقد البيت من حين إلى آخر، وفتح النوافذ حتى لا يبدو مهجوراً. وتؤكد أن "اللصوص لم يقضوا وقتاً طويلاً في بيتها، مشيرة إلى أن دقائق قليلة كانت كافية لسرقة حاسوب وبضعة مجوهرات وآلة تصوير". من جهته، يقول جواد الأحمدي إن اللص علم غيابه بسبب تراكم الرسائل والإعلانات في صندوق بريده، وتأسف لأنه لم يطلب من جاره أن يُفرغ صندوق البريد من حين إلى آخر. وإذا كانت حوادث السرقة تتكاثر، فلأنّ كثيرين لا يتبعون نصائح الشرطة، التي تشير إلى تصاعد كبير في هذه الجرائم، ما يتطلب جهداً إضافياً ومكلفاً كان يمكن تجنب نسبة كبيرة منه.




وتعترف سمية فتحي أن ضابط الشرطة، المكلف بتسجيل شكواها، كان قاسياً بعض الشيء معها: "نهرني لأنني أشعرت اللصوص بأنني أسكن لوحدي. قال لي: ما كان عليك أن تكتبي تفاصيل على صندوق البريد". يشار إلى أن الكثير من الأشخاص، خصوصاً النساء، يكتبن أسماءهن مرفقة بالسيدة أو الآنسة. أما عبد العزيز الشيكي، فقد توجه إلى مركز للشرطة لتسجيل شكوى بعد تعرّض بيته للسرقة، ليكتشف الشرطي أنه سبق أن سرقت محفظة هذا المواطن قبل أشهر في متجر، وكانت تحتوي على نقود وبطاقات مختلفة ومفاتيح، من دون أن يفكر في تغيير قفل الباب. يضيف أن موظّف الشرطة أكّد له أن سارق البيت هو نفسه سارق المحفظة، وأنه يتحمل جزءاً من المسؤولية.

وبحسب إحصائيات المرصد الوطني للجريمة والأجوبة الجزائية، يُسرق بيت كل دقيقتين في فرنسا. وفي عام 2017، تعرّض نحو 569 ألف بيت في فرنسا للسطو. إضافة إلى فصل الصيف، تكثر السرقات في أشهر نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني، وتمثل 28 في المائة من مجموع السرقات، بحسب التقرير. ويرى موظفو الشرطة أنه يجب تجهيز البيت بمبرمج كهربائي يوزع الضوء من غرفة إلى أخرى لإشعار السارق بأن أصحابه عادوا إليه.

ومن بين الأشياء التي تغري اللصوص بالسرقة، خصوصاً من يسكن في بيوت مستقلة ومنعزلة، القمامة. إذ يكتشف السارق من محتوياتها الوضع الاجتماعي للساكن، خاصة حين تحوي علباً فارغة لأجهزة إلكترونية، ولهذا يُنصَح هؤلاء بتمزيق العلب بشكل كامل ووضعها في أكياس غير شفافة.

من جهة أخرى، تحدث بعض السرقات أثناء وجود الناس في البيت. هنا، يحذر المرصد من ترك النوافذ مفتوحة خلال الليل بسبب الحرارة المفرطة، وهي عادة يلجأ إليها كثيرون. ويوضح المرصد أنها "دعوة حقيقية للسرقة"، إذ إن "النافذة تشكّل نقطة دخول ثانية للصوص. وليس قاطنو الطبقات العليا في معزل عن السرقة، لأن الشرطة لاحظت خلال السنوات الأخيرة زيادة في السرقات، التي استخدم فيها التسلق من قبل مجرمين يتمتعون بالخفة نفسها التي يتمتع بها الرجل العنكبوت".




اليوم، تستعد فتيحة الأصفر، وهي مدرسة لغة إنكليزية في ثانوية كاثوليكية، للسفر لقضاء عطلتها الصيفية في وهران، وتعترف أنها استوعبت الدرس جيداً. تقول: "لا جواهر أو أشياء ثمينة في البيت. تركت المفتاح مع جارتي اليابانية التي قررت ألا تسافر هذا العام، لتتفقده من حين إلى آخر". تضيف أن "الشرطة على علم بسفري وتاريخ عودتي، وآمل ألا يقع أي مكروه هذه المرة".