تذاكر قطارات العيد نفدت منذ اليوم الأول في مصر

30 يوليو 2019
مشهد سوف يتكرّر قبيل العيد (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

في كلّ موسم من مواسم الأعياد في مصر، وقبل أيام معدودة من تاريخ الإجازة، يجد مواطنون كثيرون أنفسهم أمام أزمة متجدّدة متكررة: نفاد تذاكر القطارات. وتعلو الأصوات المستنكرة التي تشكو "الغبن" اللاحق بفئة كبيرة.

مذ فُتحت شبابيك حجز تذاكر القطارات في محطة مصر أمام المصريين الراغبين في قضاء إجازة عيد الأضحى المقبل مع عائلاتهم، خصوصاً في محافظات الوجه القبلي، سُجّل زحام كبير وقد اصطفّ المئات في طوابير ينتظرون أدوارهم وكلّهم أمل بالحصول على تذاكرهم. وكانت هيئة سكك حديد مصر قد بدأت بحجز تذاكر رحلات قطارات العيد في محطات "رمسيس" بالقاهرة والجيزة والإسكندرية، لتشهد تلك المحطات تكدّس المواطنين في ما يُعَدّ أزمة موسمية ومعاناة متكررة يتعرّض إليهما المصريون سنوياً في مواسم الأعياد، على الرغم من زيادة عدد القطارات بدرجاتها المختلفة. يُذكر أنّ ركاب خطّ الصعيد، بمعظمهم، يفشلون غالباً في الحصول على تذاكر لقضاء إجازة العيد وسط أهلهم.

وسط الزحام، تُسجَّل غالباً مشادات كلامية بين المواطنين والعاملين في الهيئة بسبب عدم توفّر "تذاكر"، إذ إنّ ثمّة ردّاً يواجه فيه موظفو الهيئة استفسارات الركاب المحتملين: "التذاكر خلصت... لما تطرح الهيئة تذاكر جديدة ابقوا تعالوا". وهذا ما يثير غضب السائلين، وقد قرّر "الصعايدة" أخيراً البقاء في المحطات وافتراش أرضها إلى حين الحصول على تذاكرهم، فيما يتوجّه البعض إلى من استطاع الفوز بتذكرة بالقول "كفّارة". تجدر الإشارة إلى أنّ التذاكر تكثر في السوق السوداء، خصوصاً في مناطق "القهاوي" و"اللوكاندات" المحيطة بمحطة القاهرة، وذلك لقاء بدلات مضاعفة وفي سريّة تامة.




واعتاد أهالي محافظات الصعيد على تلك الأزمة المتكررة في كل عام، خصوصاً العاملين في مجال البناء الذين لا يتسلّمون رواتبهم إلا قبل إجازة العيد بأيام معدودة. فيلجأ بعض منهم إلى حِيَل للخروج من الأزمة وقضاء العيد مع ذويهم، ومنها استقلال القطار العادي مع مقاعده الخشبية ونوافذه المحطّمة. والذين يلجأون إلى ذلك هم بمعظمهم من الشباب الذين لا يأبهون للبقاء واقفين متلاصقين في عربات القطار، علماً أنّه لا تتوفّر أماكن للوقوف في الأساس في ذلك النوع من القطارات. وقد يعمدون إلى حجز أماكن في تلك القطارات من المخزن، حتى يتسنّى لهم الفوز بمقاعد أبناء محافظتَي أسوان والأقصر في صعيد مصر، بسبب المسافة البعيدة وطول الرحلة، أو الجلوس في أماكن وضع الحقائب على الأرفف وهو ما يمنع كثيرين من ترتيب أمتعته، فينشأ توتّر بين المسافرين. وهو ما يجعل هؤلاء يفضّلون السفر من ضمن مجموعات ليتمكنوا من مواجهة أيّ مشكلة أو شجار في أثناء الرحلة بسبب الزحام. ومن الحيل الأخرى بالنسبة إلى من لا يستطيع ركوب القطار العادي، استقلال القطارات المكيّفة والجلوس بين العربات وأحياناً بين الكراسي والممرات وأبواب الحمّامات وغرف الأمن والتحكّم والكهرباء. ويضطر هؤلاء إلى دفع غرامات، فيما يحاول بعض منهم الهروب من "الكمساري" بالاختباء في أيّ مكان عند مروره في الجوار.

في السياق، يقول مسؤول في هيئة سكك الحديد بالقاهرة فضّل عدم الكشف عن هويته لـ "العربي الجديد" إنّ "ثمّة ألفَي مقعد تقريباً مخصصة يومياً لأبناء الصعيد (أسوان - الأقصر - قنا) في الرحلات التي تبدأ قبل عيد الأضحى بأسبوع"، مضيفاً أنّ "ما بين 60 و70 في المائة من تلك الرحلات تُباع تذاكرها في السوق السوداء". ويوضح أنّ "ثمّة موظفين مسؤولين عن منافذ التذاكر يتعاونون مع بعض الأشخاص الذين يعمدون إلى تسويق تلك التذاكر، بالإضافة إلى عدد من العاملين في سلك الشرطة، وهو ما يؤدّي إلى حدوث أزمة في خلال إجازات العيد"، مؤكداً أنّ "عدد التذاكر كافٍ للمواطنين لو أنّها لا تصرف في السوق السوداء".



في محطات قطار مختلفة، التقت "العربي الجديد" مواطنين ينتظرون أدوارهم ويأملون الفوز بتذكرة. يقول أحمد عبده (عامل) إنّه "مذ فتحت المحطة لحجز تذاكر العيد وأنا أتردد إليها من دون جدوى، ولست أعلم كيف أسافر لقضاء العيد مع الأسرة في الصعيد". يضيف: "أنا أعمل في البناء والشركة ترفض تسليم رواتبنا إلا قبل العيد بأيام معدودة، وبالتالي نضطر إلى البقاء في العمل حتى صرف الرواتب، من أجل إسعاد أولادنا في العيد". من جهته، يكشف محمد عبد الراضي (عامل) عن "مشكلات أخرى وهي عدم الإعلان عن مواعيد القطارات في محطة مصر وعدم الالتزام بجداول التشغيل وتغيير رصيف القطارات من دون الإعلان ومخالفة اللوحة الرئيسية في محطة مصر، ما يؤدّي إلى حدوث أزمة بين الركاب، فيما تذهب والقطارات الإضافية إلى السوق السوداء". ويشير إلى أنّ "ثمّة تناقضاً ما بين تصريحات المسؤولين في سكك الحديد وما بين الواقع الذي نعيشه في ظل اختفاء تذاكر القطارات". أمّا محمد حسن، وهو موظف في القطاع الخاص، فيخبر أنّه أراد "حجز ثلاث تذاكر إلى أسوان في خلال الموعد المقرر قبل السفر بـ 15 يوماً، لكنّني فوجئت في الساعة الأولى للحجز بموظّف الشباك وهو يقول: التذاكر نفدت. وهو الأمر الذي استفزّ المواطنين". يضيف: "لذا توجهنا إلى المسؤولين في المحطة، لكنّ أحداً لم يستمع إلينا ولم يحقّق في الأمر".