أكاديميون: الجامعات العربية تحتضر وتنتج الموظفين لا المعرفة

24 يوليو 2019
يناقش المجتمعون واقع الجامعات العربية المتردي والمنكفئ (العربي الجديد)
+ الخط -


اتفق عدد من الأكاديميين والمختصين العرب على تأجيل الإعلان عن "موت الجامعة"، في وقت اتفقوا فيه على أن الجامعات في الوطن العربي، والأردن كمثال، تحتضر بعد أن أصبحت موطنا لتفريخ الموظفين، وابتعدت عن دورها في إنتاج المعرفة المرتبط بالبحث العلمي.

وشدد المشاركون في جلسة حوارية بعنوان "موت الجامعة" عقدت مساء أمس الثلاثاء، بتنظيم من مكتبة الأرشيف في العاصمة الأردنية عمّان، التابعة للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،على ضرورة إعادة النظر في بنيوية "المؤسسات" التعليمية لتتمكن من إعادة إنتاج فلسفتها، و"تحرير" أدوارها وعلاقاتها وعملياتها وبنيتها المرتبطة بالمجتمع، لاستدامة مرونتها في التعامل مع المتغيرات والتحولات على مستوى المعرفة والفرد والمجتمع.

و"موت الجامعة" مقولة نقدية، تعبر عن موت رمزي يحيل الجامعات إلى مصنع للإذعان والخضوع، والقطيعة المعرفية بين إرادة الفرد وإرادة المؤسسة، بعد أن تحولت الجامعات في الوطن العربي بشكل أكبر لمحطة عبور لا ترفد أي دور معرفي أو بحثي أو حتى أخلاقي في صناعة الفرد المفكر الباحث، ليقتصر دورها -في كثير من الحالات - على منحه تقانة المهنة، ومواكبة سوق العمل فقط.

ويقول مسير الجلسة، المحلل السياسي وأستاذ التاريخ بالجامعة الأردنية ومدير مركز المخطوطات فيها د. مهند مبيضين: "فكرة موت الجامعة فكرة مطروحة منذ نحو عشرة أعوام، وإن أزمة الجامعات في الدول العربية هي نتاج أزمة المجتمع، فالجامعة في الوطن العربي في بطن الدولة، وهي ليست أولوية لدى الدول العربية"، مشيرا إلى أن المشكلة ليست بالعقول، فهناك أدمغة عربية مهاجرة إلى الغرب يشار إليها بالبنان، لكن المشكلة في إدارة هذه المؤسسات.

بدورها تقول عميدة كلية الآداب والاتصال في الجامعة الأميركية في مأدبا، د. وفاء الخضراء، أنه لا يوجد دراسات كافية تشخص واقع التعليم في الأردن، مشيرة الى أن واقع التعليم العالي مشوه.

وتضيف أن الجامعات العربية، تغيب إلى حدّ كبير عن التصنيفات العالمية للجامعات، ورغم الاختلاف على دقة هذه التصنيفات، إلا أنها تعطي صورة حول الجامعات في الوطن العربي. وتضيف "ليس هناك فقر في الأبحاث في الجامعات العربية فقط، إذا استثنينا الأبحاث التي تقدم للترقية والتي تكتب في كثير من الأحيان دون عمق، بل هناك عجز في الأبحاث".

وتشير الخضراء إلى وجود مشكلة كبيرة في المخرج العلمي، رابطة ذلك بما سمته بالسياحة الأكاديمية والذي تسبب بفتح العديد من التخصصات إثر الطلب من بعض الدول العربية عليه، مشيرة إلى أن تخصص الهندسة الذي أصبح مشبعا مثال على ذلك، ليصبح أحد التخصصات الراكدة.
وتقول: "نحتاج إلى رأس المال الفكري على مختلف الأصعدة لمواجهة المشاكل التي تواجه التعليم العالي في جامعاتنا، وأن يتحول الطالب لمحور العملية التعليمية بدلاً من المدرس، والخروج من أزمة الثقة التي تعانيها مؤسسات التعليم العالي، عندما تلجأ إلى خريجي الجامعات الغربية بدلاً من خريجيها".


بدوره يقول أستاذ النقد الأدبي في جامعة قطر. د. رامي أبو شهاب، إن الجامعات مؤسسات لإنتاج المعرفة والبحث العلمي، المتعلق بمستقبل الدولة، لإحداث التغيير على كل من المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وليست مؤسسات لتفريخ الموظفين والعاملين، وعندما تصبح أداة لإنتاج العاملين تفقد وظيفتها".

ويعقد أبو شهاب مقارنة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية، مشيرا إلى أن الإنتاج المعرفي المعتمد على البحث العلمي في الدولة العبرية يزيد بخمسة آلاف مرة عن الإنتاج المعرفي والبحثي في الدول العربية. يلفت إلى أن 66 في المائة من مجهود ووقت أساتذة جامعات الاحتلال ينفق على البحث العلمي، و34 في المائة في التدريس.

ويوضح أن الجامعات في الوطن العربي ترتهن للدولة، في الوقت الذي يجب أن تنهض الجامعات بالدولة. ويقول "نجد العكس في الدول العربية، فالجامعات تنتظر الدولة كي تنهض بها، رغم أن الجامعات في بعض الأحيان كانت تسبق نضوج النظم السياسية"، مشيرا إلى وقوع المعرفة في الوطن العربي في كثير من الأحيان أسيرة للموروث الثقافي.

بدوره يقول أستاذ الأدب المقارن ودراسات ما بعد الأستعمار في الجامعة العربية المفتوحة د. تيسير أبو عودة، إن السوق أصبح يملي على الجامعات التخصصات المطلوبة، لتسعى الجامعات إلى تخريج تخصصات مهنية أكثر من بحثها عن الإنتاج المعرفي.

ويدعو إلى ربط الحديث عن الجامعات العربية بثورات الربيع العربي، وكيف انعكست العلاقة بين الحاكم والمحكوم على الجامعات، مشيرا إلى أن نتاج هذه الثورات لم يحقق الآمال والطموحات التي عقدت عليها.

ويتابع "يمكن القول إن البحث العلمي في الجامعات العربية مقارنة بإنتاج البحث العلمي في العالم يقترب من الصفر، فهو لا يتجاوز نسبة 2 بالألف من الإنتاج العلمي العالمي، مشيرا أيضا إلى القطيعة في الجامعات العربية بين العلوم الانسانية مثل الفلسفة مع العلوم الأخرى كالفيزياء.
المساهمون