ربّما الحلم الذي يُجمع عليه عدد كبير من الشباب الأردني هو الهجرة، والنظر إلى عمّان من نافذة الطائرة في رحلة الهرب من الواقع إلى أرض الأحلام، في سبيل البحث عن المستقبل. اليوم، الأبواب موصدة أمام 19 في المائة من الأردنيين الذين ينتظمون في صفوف البطالة في طوابير ممتدة، والتي تزدحم كل يوم بملتحقين جدد، إذا ما علمنا أن عدد طلبات التوظيف على الكشف التنافسي للعام الحالي المقدمة لديوان الخدمة المدنية، الجهة الحكومية المسؤولة عن التوظيف، بلغ نحو 390 ألف طلب، في وقت يجلس على مقاعد الدراسة الجامعية أكثر من 300 ألف طالب. الجنوح إلى الهجرة تفضحه أرقام أظهرها استطلاع للرأي أجرته شبكة البارومتر العربي البحثية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لصالح "بي بي سي" عربي:، وتبين أن نحو 45 في المائة من الأردنيين يفكرون بالهجرة إلى وجهات مختلفة من دول العالم، إذ ارتفعت نسبة الراغبين في الهجرة من الربع في عام 2013 إلى النصف تقريباً اليوم. يقول الشاب أحمد الزيود، وهو في السادسة والعشرين من العمر، لـ"العربي الجديد"، أنه بدأ التفكير بالهجرة منذ عام تقريباً بعد ثلاث سنوات من البطالة. يضيف: "لا أعرف إلى أين.
أنا خريج اقتصاد، ولا فرص عمل أمامي في بلدي. ومن الواضح أنه لا أمل في التغيير في حال البقاء في الأردن". يضيف: "أحاول الخروج من الأردن إلى أي بلد. ربّما أفكّر في هجرة دائمة إلى الولايات المتحدة أو كندا وأستراليا أو هجرة مؤقتة إلى الخليج للحصول على أي فرصة عمل لبناء المستقبل". ويقول: "بعيداً عن المثاليات والتنظير، الحقيقة هي في القول المأثور: المال في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة. عندما لا يستطيع الشاب الحصول على دخل يضيق الوطن في عينيه".
اقــرأ أيضاً
أما حسام محمد، فيقول لـ "العربي الجديد" إنه يعمل منذ عامين في إحدى الشركات وراتبه يبلغ نحو 320 دينار (نحو 450 دولاراً)، لكن هذا المبلغ لا يكفي للإنفاق على حاجاته اليومية من سجائر ومواصلات وبعض الاحتياجات الأخرى. يضيف: "منذ سنوات، أحاول السفر إلى الولايات المتحدة، أو دول أوروبا كألمانيا مثلاً. فكل من سافر إلى هناك تغيرت أحواله إلى الأفضل". ويوضح: "هناك مغريات كالدخل الجيد، والتأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي وغيرها. في تلك الدول، تشعر أن الناس لا يخشون المستقبل". ولا بد من الإشارة إلى أن عدد الأردنيين الذين تقدموا لبرنامج هجرة التنوع الأميركي المعروف بـ "اللوتري"، للهجرة إلى الولايات المتحدة خلال عام 2018، بلغ نحو 95 ألفاً، بحسب تقرير نشر على موقع مكتب الشؤون القنصلية التابع لوزارة الخارجية الأميركية. وفي الأردن، يشكل الشباب نحو 65 في المائة من السكان من الفئة العمرية التي تقل عن 30 عاماً، وهذا يعني باختصار أنه لو فتح الباب أمام الهجرة من الأردن، فسيؤدي ذلك إلى خروج الكفاءات الأردنية المتبقية إلى دول المهجر بحثاً عن حياة أفضل وفرص وظيفية.
في هذا الإطار، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة "مؤتة" حسين محادين لـ"العربي الجديد" إنّ "مجرّد التفكير في الهجرة يوحي بعدم وجود تصالح حقيقي أو عميق بين الإنسان والمكان الذي يعيش فيه. بالتالي، تصبح فكرة الهجرة شكلاً من أشكال التعبير عن سعي طالبي الهجرة إلى خلق معادلة نفسية للوصول إلى الاستقرار، حتى وإن كان استقراراً آنياً أو وهمياً".
يضيف محادين أن فرص الهجرة إلى الدول المتقدمة حالياً هي أقل وأضيق ما يمكن، ولعل طالبي الهجرة افتراضاً لا يملكون الكثير من المقومات بدءاً من اللغة وليس آخرها القدرة المالية. ويوضح أن مجرد الوصول إلى هذه النسبة، وبغض النظر عن العينة المأخوذة، يؤكد ضرورة دراسة أسباب شعور الناس بالغربة عن واقعهم، ومدى فعالية مؤسسات الدولة من وزارات ومؤسسات، إلخ، وذلك بهدف تطمين الناس على مستقبلهم في ظل إقليم يمر بالمتغيرات، ويشجع على وجود ضبابية معرفية لدى قطاع كبير من الناس.
اقــرأ أيضاً
من جهته، يشدّد أستاذ علم الاجتماع على ضرورة أن تعيد ترتيب الدولة خطابها المطلبي والحياتي بصور تطمئن القاعدة الأساسية للدولة أي السكان، وتحقيق وضع أفضل، مؤكداً أن الخطابة لا تكفي والوعود لا تكفي. الناس تشعر بعدم الاستقرار في ظل ارتفاع نسب البطالة والفقر. ويشدّد المحادين على أن ارتفاع البطالة، وعدم الإحساس بالعدالة في توزيع مكتسبات التنمية، واختيارية تطبيق القانون بين شخص يعتدي على المال العام وشخص بقي في مستواه الاقتصادي الطبيعي المتدرج، كلها تغذي إحساس الناس بالعجز عن إحداث فرق في حياتهم، سواء على المستوى الشخصي أو الإصلاح السياسي، ما يدفعهم إلى التفكير في الهجرة. ويقول محادين إن "خطورة هذا الوضع تؤثر على الاستقرار الوظيفي، وبدائل الإنتاج، وتساهم في تفتيت الوجدان الشعبي المشترك، أي أن الكثير من الناس يشعرون أن قلة من المتنفذين والمالكين لأدوات الإنتاج هم الذين يستأثرون بالامتيازات وخيرات الوطن".
ويعاني الأردنيون ظروفاً اقتصادية صعبة، فقد ارتفع الدين القومي في الأردن أخيراً ليصل إلى نحو 87 مليار دولار، بحسب موقع صندوق النقد والبنك الدوليين، في وقت تصل نسبة البطالة إلى 19 في المائة. وتشهد الأسواق ارتفاعاً في الأسعار، وضعف القوة الشرائية للمواطنين في ظل تزايد الحاجات الأساسية للأسر الأردنية.
أنا خريج اقتصاد، ولا فرص عمل أمامي في بلدي. ومن الواضح أنه لا أمل في التغيير في حال البقاء في الأردن". يضيف: "أحاول الخروج من الأردن إلى أي بلد. ربّما أفكّر في هجرة دائمة إلى الولايات المتحدة أو كندا وأستراليا أو هجرة مؤقتة إلى الخليج للحصول على أي فرصة عمل لبناء المستقبل". ويقول: "بعيداً عن المثاليات والتنظير، الحقيقة هي في القول المأثور: المال في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة. عندما لا يستطيع الشاب الحصول على دخل يضيق الوطن في عينيه".
أما حسام محمد، فيقول لـ "العربي الجديد" إنه يعمل منذ عامين في إحدى الشركات وراتبه يبلغ نحو 320 دينار (نحو 450 دولاراً)، لكن هذا المبلغ لا يكفي للإنفاق على حاجاته اليومية من سجائر ومواصلات وبعض الاحتياجات الأخرى. يضيف: "منذ سنوات، أحاول السفر إلى الولايات المتحدة، أو دول أوروبا كألمانيا مثلاً. فكل من سافر إلى هناك تغيرت أحواله إلى الأفضل". ويوضح: "هناك مغريات كالدخل الجيد، والتأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي وغيرها. في تلك الدول، تشعر أن الناس لا يخشون المستقبل". ولا بد من الإشارة إلى أن عدد الأردنيين الذين تقدموا لبرنامج هجرة التنوع الأميركي المعروف بـ "اللوتري"، للهجرة إلى الولايات المتحدة خلال عام 2018، بلغ نحو 95 ألفاً، بحسب تقرير نشر على موقع مكتب الشؤون القنصلية التابع لوزارة الخارجية الأميركية. وفي الأردن، يشكل الشباب نحو 65 في المائة من السكان من الفئة العمرية التي تقل عن 30 عاماً، وهذا يعني باختصار أنه لو فتح الباب أمام الهجرة من الأردن، فسيؤدي ذلك إلى خروج الكفاءات الأردنية المتبقية إلى دول المهجر بحثاً عن حياة أفضل وفرص وظيفية.
في هذا الإطار، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة "مؤتة" حسين محادين لـ"العربي الجديد" إنّ "مجرّد التفكير في الهجرة يوحي بعدم وجود تصالح حقيقي أو عميق بين الإنسان والمكان الذي يعيش فيه. بالتالي، تصبح فكرة الهجرة شكلاً من أشكال التعبير عن سعي طالبي الهجرة إلى خلق معادلة نفسية للوصول إلى الاستقرار، حتى وإن كان استقراراً آنياً أو وهمياً".
يضيف محادين أن فرص الهجرة إلى الدول المتقدمة حالياً هي أقل وأضيق ما يمكن، ولعل طالبي الهجرة افتراضاً لا يملكون الكثير من المقومات بدءاً من اللغة وليس آخرها القدرة المالية. ويوضح أن مجرد الوصول إلى هذه النسبة، وبغض النظر عن العينة المأخوذة، يؤكد ضرورة دراسة أسباب شعور الناس بالغربة عن واقعهم، ومدى فعالية مؤسسات الدولة من وزارات ومؤسسات، إلخ، وذلك بهدف تطمين الناس على مستقبلهم في ظل إقليم يمر بالمتغيرات، ويشجع على وجود ضبابية معرفية لدى قطاع كبير من الناس.
من جهته، يشدّد أستاذ علم الاجتماع على ضرورة أن تعيد ترتيب الدولة خطابها المطلبي والحياتي بصور تطمئن القاعدة الأساسية للدولة أي السكان، وتحقيق وضع أفضل، مؤكداً أن الخطابة لا تكفي والوعود لا تكفي. الناس تشعر بعدم الاستقرار في ظل ارتفاع نسب البطالة والفقر. ويشدّد المحادين على أن ارتفاع البطالة، وعدم الإحساس بالعدالة في توزيع مكتسبات التنمية، واختيارية تطبيق القانون بين شخص يعتدي على المال العام وشخص بقي في مستواه الاقتصادي الطبيعي المتدرج، كلها تغذي إحساس الناس بالعجز عن إحداث فرق في حياتهم، سواء على المستوى الشخصي أو الإصلاح السياسي، ما يدفعهم إلى التفكير في الهجرة. ويقول محادين إن "خطورة هذا الوضع تؤثر على الاستقرار الوظيفي، وبدائل الإنتاج، وتساهم في تفتيت الوجدان الشعبي المشترك، أي أن الكثير من الناس يشعرون أن قلة من المتنفذين والمالكين لأدوات الإنتاج هم الذين يستأثرون بالامتيازات وخيرات الوطن".
ويعاني الأردنيون ظروفاً اقتصادية صعبة، فقد ارتفع الدين القومي في الأردن أخيراً ليصل إلى نحو 87 مليار دولار، بحسب موقع صندوق النقد والبنك الدوليين، في وقت تصل نسبة البطالة إلى 19 في المائة. وتشهد الأسواق ارتفاعاً في الأسعار، وضعف القوة الشرائية للمواطنين في ظل تزايد الحاجات الأساسية للأسر الأردنية.