اختفاء أقراص منع الحمل من صيدليات مصر

23 يوليو 2019
زيادة قريبة متوقعة في مواليد مصر (جولي درمانسكي/ Getty)
+ الخط -
ينذر اختفاء أقراص منع الحمل من الأسواق الرسمية المصرية بأزمة ديموغرافية جديدة قد تظهر آثارها بعد تسعة أشهر. يأتي ذلك، بالرغم من أنّ الحكومة أطلقت حملة تشجع على تحديد النسل، وحصره في مولودين كحدّ أقصى

كشف صيادلة مصريون عن اختفاء جميع أنواع أقراص منع الحمل من السوق المحلية، بما فيها الأصناف المستوردة منها، نتيجة عدم طرح شركات الأدوية بضائع جديدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، للضغط على الحكومة -ممثلة في وزارة الصحة- بهدف زيادة أسعار الأقراص، خصوصاً أنّ تلك الأدوية تُباع حالياً في السوق الموازية بنحو ثلاثة أضعاف سعرها الأصلي.

يقول صيادلة لـ"العربي الجديد" إنّ في مقدمة الأصناف غير المتوافرة "ياسمين" و"غينيرا" و"سيليت" و"ميزوسيت" و"غراسيال" و"مارفيلون" و"لوغينون"، إذ اختفت من الصيدليات ومراكز الأمومة والطفولة المنتشرة في جميع المحافظات على حدّ سواء، ما يُنذر بزيادة النسل في البلاد.




وفقاً لصيادلة، فإنّ أقراص "ياسمين" تُباع الآن في السوق السوداء بنحو 150 جنيهاً (9 دولارات أميركية)، بالرغم من أنّ سعرها الرسمي لا يتجاوز 40 جنيهاً (2.40 دولار) في الصيدليات، محذّرين من تداعيات نقص هذه الأصناف على أرقام التعداد السكاني، باعتبار أنّ مصر من أكثر الدول لجوءاً إلى أقراص منع الحمل في مواجهة خطر الانفجار السكاني. وأطلقت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي حملة إعلانية مؤخراً تحت عنوان "2 كفاية" تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي، لحثّ المواطنين على عدم إنجاب أكثر من طفلين، بدعوى أنّ الزيادة السكانية من أخطر المشاكل التي تواجه مصر في الوقت الراهن، وتقف حائلاً أمام أيّ جهود للدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية، أو الوصول إلى معدلات نمو أفضل.

وتعاني السيدات في مصر، على مدار الأسابيع الماضية، من ندرة أقراص منع الحمل في الصيدليات، بسبب استيرادها بواسطة عدد محدود من الشركات، وعدم توافر البديل المحلي (المدعّم) في مراكز الأمومة والطفولة، على الرغم من حصول الحكومة المصرية على منح من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتوفيرها للمواطنات غير القادرات مالياً.

وبحسب مدير "المركز المصري للحق في الدواء" (منظمة مجتمع مدني)، محمود فؤاد، فإنّ أزمة اختفاء أقراص منع الحمل من الصيدليات ومراكز الأمومة، متكررة، وستدفع مصر ثمنها بعد تسعة أشهر من الآن، موضحاً أنّ أغلب أصناف تلك الأدوية مستوردة، والقليل منها إنتاج محلي لا يكفي تزايد الطلب في محافظات الصعيد والدلتا حتى. وكتب فؤاد على حسابه الشخصي على "فيسبوك": "المعلومة الوحيدة المؤكدة في مصر هي عدم وجود أدوية منع حمل في الصيدليات، في بلد يواجه أزمة سكانية متزايدة... بالرغم من أنّ لدينا سبعة إعلانات تُذاع في التلفزيون والإذاعة والصحف ومحطات المترو عن تحديد النسل، وميزانيات جيش من الموظفين في ثلاث وزارات".

وقبل أيام قليلة، اتهم مقرر "المجلس القومي للسكان" (حكومي)، عمرو حسن، جماعة الإخوان المسلمين، بأنّها السبب وراء الزيادة السكانية، زاعماً في تصريحات إعلامية أنّ "عام حكم الرئيس الراحل محمد مرسي شهد زيادة كبيرة في معدل الإنجاب، بسبب نشر أنصار الجماعة بين المصريين أنّ تنظيم النسل أمر يتعارض مع الشرع" وهو اتهام سياسي نابع من وضع اللوم على الجماعة في كلّ أزمة.

بدورها، أعلنت دار الإفتاء المصرية أنّ "تنظيم النسل جائز في الشريعة الإسلامية، قياساً على جواز العزل في عهد النبي محمد"، مضيفة في فتوى نشرتها على موقعها الإلكتروني أنّ "تنظيم النسل جائز شرعاً، طالما أن الغرض منه المحافظة على صحة المرأة من أضرار كثرة الحمل، أو تهيئة الجو المناسب لتربية الأولاد تربية سليمة صحيحة".

وسبق لرئيس مجلس النواب (البرلمان) المصري، علي عبد العال، في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن طالب الحكومة وأعضاء البرلمان، بـ"العمل على إنجاز تشريع عاجل في مواجهة الزيادة السكانية، بعدما بلغ تعداد سكان مصر 104 ملايين نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 150 مليوناً خلال سنوات قليلة، بحسب الإحصائيات الرسمية". وقال عبد العال آنذاك إنّ "إمكانيات الدولة المالية ضعيفة مقارنة بزيادة أعداد السكان، وهو ما يستلزم اتخاذ الدولة إجراءات للحدّ منها"، مشدداً على أنّ الزيادة السكانية "تحتاج إلى وقفة من النواب، لأنّ حصة البلاد من مياه النيل ما زالت ثابتة، بالرغم من زيادة أعداد المواطنين، وبالتالي أيّ حلول لمواجهة الفقر المائي لن تجدي نفعاً من دون مواجهة هذه المشكلة".




في مطلع العام الجاري، أعلن رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، حصر الدعم النقدي في برنامج المساعدات النقدية المشروطة "معاش تكافل وكرامة" على الأسر التي تنجب طفلين فقط، واستبعاد مليون أسرة تقريباً تضم ثلاثة أطفال فأكثر، في الوقت الذي يطلق فيه مسؤولون حكوميون تصريحات بين الحين والآخر، تصف الزيادة السكانية بأنّها "كارثة" و"أشد خطورة من الإرهاب".
المساهمون