دعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حكومة فنزويلا إلى إطلاق سراح جميع من اعتقلوا بسبب الاحتجاج السلمي، وأعلنت أن فريقاً من مكتبها سيبقى في العاصمة كراكاس لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.
وقالت مفوضة حقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، في مؤتمر صحافي عقدته في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة في مطار مايكيتيا الدولي في ختام أول زيارة رسمية لها إلى فنزويلا، "إن الحكومة وافقت على أن يقدم فريق المفوضية الجديد المساعدة والمشورة الفنية وأن يواصل مراقبة وضع حقوق الإنسان في فنزويلا".
وأضافت: "في لقاءاتي مع الضحايا وعائلاتهم، كان تطلعهم العميق للعدالة في ظل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واضحا بشكل مؤلم. آمل بإخلاص أن يساعد تقييمنا ومشورتنا ومساعدتنا في منع التعذيب وكفالة العدالة في فنزويلا. وافقت الحكومة أيضا على أن يُمنح فريقي الوصول الكامل إلى مراكز الاحتجاز حتى يتمكن من مراقبة الظروف والتحدث إلى المحتجزين".
وسبق لباشيليت، التي ترأست تشيلي لفترتين، أن أعربت عن قلقها العميق في خطاب ألقته أمام مجلس حقوق الإنسان في مارس/ آذار الماضي، بشأن الوضع المتدهور لحقوق الإنسان عموماً في فنزويلا واستمرار تجريم الاحتجاجات السلمية والمعارضة.
ووصلت باشيليت إلى فنزويلا يوم الأربعاء الماضي، بدعوة من حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، حيث التقته وغيره من كبار الوزراء، وكذلك زعيم المعارضة خوان غايدو، الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا في يناير/ كانون الثاني الماضي، ما أثار أزمة سياسية عميقة في فنزويلا التي شهدت نزوح أكثر من 4 ملايين شخص خارج البلاد خلال العامين الماضيين.
ونقلت باشيليت بعض قصص الضحايا الذين قابلتهم، وقالت: "روى لي رجل عن أخيه الذي تعرض للتعذيب والإذلال والقتل على أيدي ضباط أمن مقنعين في هجوم على منزله. والعديد من الأسر الأخرى الحزينة التي عانى أحباؤها من مصير مماثل. أم فقدت طفلها البالغ من العمر 14 عاماً بإطلاق النار عليه خلال المظاهرات في 30 إبريل من هذا العام. والأشخاص الذين عانوا من تعذيب مروع أثناء الاحتجاز".
بالمقابل، أشارت باشيليت إلى لقائها بضحايا العنف ضد مؤيدي الحكومة أيضا. وقالت: "قابلت أمّاً اشتعلت النيران بأحد أبنائها، وهو من مؤيدي الحكومة، خلال احتجاجات عام 2017 وأمضى 15 يوما مؤلمة في المستشفى قبل وفاته".
وبحسب روايات الفنزويليين ممن قابلتهم المفوضة السامية، شهدت البلاد في الأشهر الماضية تدهورا للوضع الإنساني إلى حدّ بعيد، بما في ذلك الحق بالغذاء والمياه والرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وأشارت باشيليت إلى أن نحو 75 في المائة من الميزانية الوطنية يتم صرفها الآن على برامج اجتماعية للجميع، "ولكن مع ذلك، سمعنا من الفنزويليين الذين يعملون بدوام كامل، كثيرون منهم في القطاع العام، أنهم يجدون صعوبة في توفير الأدوية والطعام الكافي" حسب قولها.
وحذرت مفوضة حقوق الإنسان من الوضع الصحي الذي لا يزال حرجا جدا، مشيرة إلى ارتفاع التكاليف ونقص الأدوية وارتفاع معدلات حمل المراهقات الآن، مع ارتفاع معدلات وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة.
وقالت باشيليت: "دعوت الحكومة إلى ضمان توفير البيانات الأساسية المتعلقة بالرعاية الصحية وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لتمكين جميع الجهات الفاعلة من إجراء تقييم دقيق للوضع والعمل على إدارته بشكل مناسب".
وبالإشارة إلى عمل وكالات الأمم المتحدة على الأرض هناك، قالت المسؤولة الأممية إنها ناقشت الحاجة إلى معالجة أسباب الأزمات المتعددة، معربة عن قلقها أيضا من تأثير العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على صادرات النفط وتجارة الذهب، ما "يفاقم الأزمة الاقتصادية الموجودة أصل".
ودعت باشيليت قادة البلاد، من مختلف الأطياف، إلى العمل لتخفيف معاناة الناس قائلة "لا يمكن حل الأزمات إلا من خلال المشاركة الفعالة والمخلصة وإدماج الجهات الفاعلة من مختلف قطاعات المجتمع". وأضافت: "التمسك بحزم بالمواقف الراسخة من كلا الجانبين لن يؤدي إلا إلى تصعيد الأزمة، ولن يستطيع شعب فنزويلا تحمل المزيد من التدهور في الوضع في البلاد".