جمعيات تونسية توفر ملابس العيد للمحتاجين
تونس
بسمة بركات
بسمة بركات
سعت عدة جمعيات ومكونات من المجتمع المدني في تونس الى توفير ملابس عيد الفطر للأطفال الفقراء والأيتام والمرضى المقيمين في المستشفيات وذوي الأوضاع المعيشية الصعبة، في مبادرات ذات أثر كبير مجتمعياً
بينما تحرم الظروف المعيشية الصعبة العديد من الأطفال من الاستمتاع بفرحة العيد، سيتمكن هذا العام عدد كبير منهم من ارتداء ملابس عيد الفطر السعيد، في إطار مبادرات عديدة لدعمهم. وتجاوزت بعض الجمعيات دورها التقليدي في إرسال المساعدات للعائلات بتمكين هؤلاء الأطفال من مرافقة أوليائهم لاختيار ما يرغبون فيه من ملابس وأحذية لكي يعيشوا أجواء العيد وذلك بعد التنسيق مع المتاجر التي دعمت هذه الجهود وساهمت في إدخال الفرحة إلى الأطفال.
يقول علي، وهو عامل يومي، لـ"العربي الجديد" إنّ لديه أربعة أطفال، وظروفه المادية صعبة للغاية فهو بالكاد يوفر قوت اليوم ولا يمكنه اقتناء ملابس لطفل وترك آخر، وحتى إن اشترى ملابس لواحد لن يتمكن من توفير قوت اليوم. يضيف أنّ إحدى الجمعيات اتصلت به ومكّنته من اقتناء ملابس لجميع أطفاله وقد شعر بفرحة لا توصف وهو يشاهد أطفاله يقيسون الملابس ويختارون الأحذية الجديدة التي لطالما حرموا منها. يشير إلى أنّ أبناءه سيتمكنون للمرة الأولى من مغادرة البيت يوم العيد واللعب في الحيّ بدلاً من الاختباء خوفاً من نظرات المحيطين وأسئلة أصدقائهم المحرجة عن سبب عدم اقتنائهم ملابس جديدة. يضيف أنّ عبئاً كبيراً أزيل عن كاهله إذ لم يكن ينام الليل وهو يرمق أطفاله بينما ينتظرون حصولهم حتى على ملابس قديمة ليتمكنوا من ارتدائها يوم العيد، لكن أن يختاروا بأنفسهم ملابسهم وأن يرافقهم إلى أحد المتاجر فهذا أمر لا يصدق، كما يقول.
بدوره، يقول العضو في جمعية "على خاطرك يا بلادي" سمير الوسلاتي عن الجمعية التي تنشط في منزل جميل بمحافظة بنزرت، لـ"العربي الجديد": "بعدما جهزنا قائمة تتضمن العائلات التي لم تتمكن من اقتناء ملابس العيد لأطفالها طلبنا منها التوجه الى المتاجر التي نسقنا معها مسبقاً واختيار ما يحتاجه أطفالهم من أحذية وملابس، أولاً لكي تكون المقاسات مناسبة للأطفال كما لإتاحة حرية الاختيار لهم، فكلّ طفل لديه تصور معين للملابس التي يحلم بها وهناك من تريد فستاناً أو سروال جينز أو قميصاً وتنورة". يضيف أنّ هؤلاء الأطفال شعروا للمرة الأولى بفرحة كبيرة وهم يرافقون أولياء أمورهم لاختيار ما يتناسب وأذواقهم ولعيش فرحة العيد التي طالما حرموا منها. يتابع: "أعمار هؤلاء الأطفال كانت ما بين 3 سنوات و15 سنة، فهناك من لديه أربعة أطفال وآخرون ثلاثة، وبعض الأطفال توفي والدهم والأم لا تعمل، وهناك من تركها زوجها وهرب ولديها طفلة، كما هناك مطلقات وفقراء الحال من عمال بسطاء لا يقوون على قوت اليوم وبالتالي لا يمكنهم التفكير في اقتناء ملابس العيد، لكنّهم تمكنوا هذه المرة من اخذ أطفالهم الى المتاجر واقتناء حاجياتهم بكلّ حرية". يشير إلى أنّ الجمعية حديثة الإنشاء، مع ذلك تمكنت من إسعاد ثلاثين طفلاً، لكنّ ما فاجأهم أنّ بعض أصحاب المتاجر شاركوا بدورهم في المبادرة فأضافوا من تلقاء أنفسهم بعض المستلزمات كالملابس الداخلية للأطفال، وخفضوا الأسعار، وبالتالي تضافرت جميع الجهود لإسعاد هؤلاء الأطفال. يلفت إلى أنّهم جمعوا تبرعات من رجال أعمال بالجهة ومواطنين عاديين وهناك من كان حاضراً في المحل لاقتناء ملابس لأطفاله واقتطع من ميزانيته لصالح الأسرة التي صادفها، كما أنّ هناك من حمل ملابس جديدة اقتناها، وطلب توزيعها على المحتاجين.
كذلك، يؤكد الناشط في جمعية تونس الخيرية، سامي يوسف، لـ"العربي الجديد" أنّ هدف الجمعية كان تأمين الملابس لـ618 طفلاً يتيماً، وتمّ ذلك بفضل حملتها الأخيرة التي تمكنت في فترة قصيرة من بلوغ الهدف المنشود، بل تجاوزت العدد لأنّ هناك من كان في قائمة الانتظار، لكن أمام حجم التضامن الكبير الذي وجدوه ومشاركة العديد من التونسيين في إفراح الأطفال الأيتام تحقق الهدف. يضيف أنّ توفير ملابس العيد شمل أطفالاً من مختلف مناطق الجمهورية التونسية. يتابع يوسف أنّهم سمحوا للعائلات بمرافقة أطفالها في اختيار ملابس العيد لعيش التجربة، وذلك بتمكين الأمهات من قسيمة شراء. يضيف أنّ الأحاسيس كانت مزيجاً ما بين الفرحة والدموع فبعض الأمهات صرحن أنّهن تمكنّ من شراء ملابس لأطفالهن للمرة الأولى على الإطلاق. يتابع أنّه بالإضافة إلى تمكين الأطفال من اختيار ملابسهم بأنفسهم، فإنّ بعض العائلات نظراً لتواجدها في مناطق بعيدة ومهمشة أُرسلت إليها حوالات مالية لتتمكن من شراء ما تحتاجه، أو أُرسلت إليها ملابس بعد تحديد حاجيات كلّ أسرة ومقاسات الأبناء، خصوصاً في المناطق التي لا توجد فيها فروع للجمعية ويصعب انتقال الأسرة لاختيار حاجياتها.
من جهته، يقول رئيس اتحاد الجمعيات التونسية الإنسانية (تنسيقية تضم العديد من الجمعيات)، مهدي الإكزيلي، إنّهم اختاروا الأطفال المقيمين بالمستشفيات لإسعادهم إذ اقتنوا ملابس وهدايا لخمسين مقيماً فيها، كما وفروا ملابس لسبعة وعشرين طفلاً في مستشفى "شارل نيكول" بالعاصمة، وهم من مرضى الكلى. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ الحملة لم تشمل الصغار فقط بل طاولت بعض المرضى من كبار السن المقيمين بمستشفى "الرازي" بمنوبة بالعاصمة تونس، خصوصاً فاقدي السند (لا يملكون أوراقاً ثبوتية أو رقماً وطنياً) ومن تخلت عنهم أسرهم. ويؤكد أنّه جرى مسبقاً سؤال الأطفال المقيمين بالمستشفيات والذين لن يتمكنوا من مغادرة المستشفى يوم العيد عن الألوان والتصاميم التي يفضلونها ونوعية الملابس التي يريدونها، ثم ابتيعت لهم وأحضرت.