جرافات تقتحم شاطئ الرملة البيضاء الشعبي في بيروت بأمر من المحافظ

15 يونيو 2019
هدموا المكان غير آبهين بوجود الرواد على الشاطئ(العربي الجديد)
+ الخط -
اقتحمت جرافات بلدية بيروت عند السابعة من صباح اليوم السبت، بلا سابق إنذار، الشاطئ المجاني الوحيد في العاصمة في محلة الرملة البيضاء، وعملت على تكسير الأكشاك عشوائياً دون اكتراث لوجود رواد على الشاطئ وبينهم أطفال. كما أتت على المقتنيات المرخصة من وزارة النقل العام والتي تقدر بنحو 100 ألف دولار على الأقل، بحسب جمعية "حملة الأزرق الكبير" التي تعنى بالحفاظ على الشاطئ ومرتاديه.

وفي التفاصيل، شرح مدير المسبح المجّاني المكلّف إدارة الشاطئ من قبل وزارة الأشغال العامة والنقل، نزيه الريّس، ما حدث لـ"العربي الجديد" قائلاً إن "قضية التشويه الممنهج للواجهة البحرية ليست جديدة". وأوضح أن رئيس البلدية جمال عيتاني، استدعاه إلى مكتبه قبل أسبوعين للاعتراض على وجود مستودع على الشاطئ يخبئون فيه المعدات خلال فصل الشتاء، وشكا بأن "منظره بشع" وبأنه يريد إزالته.

وأوضح الريّس أن الموافقة تمت، وبعدها تفقد محافظ بيروت زياد شبيب المنطقتين التاسعة والعاشرة أي الكورنيش كله، وبعد إنهاء جولته عاد واتصل به لعقد اجتماع مع ممثل عن وزارة النقل وذلك يوم الأربعاء الماضي، وأبلغوه أنهم سيزيلون المستودع فقط.

وتابع الريّس "تفاجأ الجميع اليوم بأنها كانت خدعة كبيرة، وأنهم أزالوا كل شيء من غرفة الإدارة إلى نقطة الشرطة، كما تبيّن ان مهندس البلدية كان لديه تعليمات بتكسير الخيم والأكشاك والممتلكات بما فيها غرفة الإسعافات الأولية والمستلزمات الطبية الموجودة فيها، إضافة إلى المطعم والتراس رغم استحصال كل الموجودات على ترخيص من مجلس الوزراء منذ عام 2004".
المتنفس البحري  المجاني الوحيد في بيروت (العربي الجديد) 

ولفت الريّس إلى أن "مالك الأرض يبدو أنه تغير، ورغم أن القرار 144 الصادر عام 1925 يحدد الأملاك العامّة البحرية في المادّة الثانية بـ"شاطئ البحر حتى أبعد مسافة يصل إليها الموج في الشتاء وشطوط الرمل والحصى"، وهي في مادته الأولى "لا تباع ولا تكتسب ملكيّتها بمرور الزمن"، صدرت استثناءات واستملكت الأرض بشكل خاص رغم أن المرسوم الصادر عام 1966 تحت رقم 4810 يحدد شروط أن "تبقى الأملاك العامة البحرية باستعمال العموم ولا يكتسب عليها لمنفعة أحد أي حق يخوّل إقفالها لمصلحة خاصّة" و "أن لا يشكّل الاستثمار المطلوب عائقاً لوحدة الشاطئ في حال وجود مساحات يتوجّب إبقاؤها مفتوحة للعموم".

وأضاف مدير المسبح المجاني في محلة الرملة البيضاء قائلاً: "أصبح الموضوع تعدياً وقحاً على آخر بقعة ومتنفس للشعب خدمة لمصالح المتمولين والمستثمرين الكبار".

تحويل الأملاك البحرية العامة إلى أملاك خاصة (العربي الجديد) 

وأكد أنه تواصل مع مدير عام وزارة النقل البري والبحري الدكتور عبد الحفيظ القيسي، وأخبره بما يحدث فتواصل الأخير بدوره مع المحافظ الذي قال له حرفيا: "نحن نزيل كل ما هو مخالف لأن الملك خاص وإن المالك لا يريد كل تلك الأكشاك على أرضه". بعدها أقفل المحافظ خطه وبات التواصل معه مستحيلا. كما أكد الريّس أن "ما يشاع عن البلدية أننا تلقينا إنذاراً مسبقاً بالإزالة هو تصريح كاذب وغير منطقي".


ما حدث غير قانوني


وفي السياق نفسه، صرحت رئيسة جمعية "حملة الأزرق الكبير" عفت إدريس لـ"العربي الجديد" بالقول: "ما حدث اليوم هو غير قانوني بالدرجة الأولى وجريمة بيئية ومُدنية، لأن صلاحية عمل المحافظ أو البلدية تنتهي عند الدرابزين المحيط بالمنطقة البحرية للرملة البيضاء".

وطالبت "كل المدافعين عن الشأن العام والقضايا المحقة بالدفاع عن مّا تبقى لنا من أملاك عامة بحرية خاصة أن الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية المصدّقة بالمرسوم 2366 /2009 كرّست هذا الموقع محميّة وشاطئا رمليا عاما مفتوحا للجميع". وأكدت أن "كل هذه المرافق والغرف التي دمرت دفع المواطن ثمنها، وتم تدميرها بغير حق كما يبدو أن شاطئ الرملة البيضاء لن يكون متاحا للناس بعد وقت قصير، وأن المالك الجديد للأرض يريد إزالة كل شيء بالتواطؤ مع بلدية بيروت".

وأضافت: "أصبحت أملاكنا البحرية عقارات خاصة وهناك خطة لإقفال الشاطئ العام. كونوا على ثقة أن ما قامت به بلدية بيروت اليوم هو مدروس لأن المحافظ زياد شبيب هو قاض ويعرف القانون جيدا وكان عليه إرسال ضبط مخالفة ومهلة للتفريغ في حال كان عملنا مخالفاً، لكننا نملك رخصة وعملنا مرخص فاتجه إلى هذه الطريقة واختار يوم السبت كونه يوم عطلة".
كتاب موافقة من وزارة النقل على إجراء الإصلاحات والصيانة لمقتنيات الشاطئ (العربي الجديد) 

وختمت "اليوم ندفع فاتورة وقوفنا في وجه كل التعديات على أملاك الشعب البحرية منذ نقل الرمل في الجزء الجنوبي من شاطئ الرملة البيضاء إلى طوفان المجرور بفعل مجهول، إلى إقامة المنتجع السياحي المخالف إيدن باي ريزورت على طرف الشاطئ العام الرملي الوحيد المتبقي في بيروت".

جرافات على الشاطئ بدون سابق إنذار

وتحركت الجرافات بلا مذكرة ولا سابق إنذار صباح اليوم، واقتحمت الشاطئ بين رواده وبينهم أطفال. وقالت المواطنة سارة الداعوق لـ"العربي الجديد" إن "المنظر كان مخيفا جدا" وذكّرها بما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي باقتلاع شجر الزيتون أمام بيوت الفلسطينيين.

وأوضح المواطن محمد عيتاني أنه من مرتادي الشاطئ منذ الصغر، وأن الشك بوجود مخطط لإغلاق الشاطئ العام في محلة الرملة البيضاء راوده منذ عام 2008 عندما فتحوا المجرور على البحر.

 

من جهته، أسف الناشط الحقوقي عطا لله سليم لما حدث، ووصف لـ"العربي الجديد" ما حدث اليوم بأنه "مجزرة بحق تراث الرملة البيضاء"، ورأى كيف تكسرت الأكشاك ومنها "منطقة القراءة" دون أي اعتبار لحقوق اللبنانيين "ما يتناقض مع نظام المنطقة العاشرة والقوانين والمراسيم المتعلّقة بالواجهة البحريّة التي تضمن حقوقنا فيها".

وصدر عن رئيس البلدية جمال عيتاني بيان اليوم، جاء فيه "تتابع بلدية بيروت حملة تنظيف وتحسين شاطئ الرملة البيضاء والتي هي جزء من واجباتنا ومسؤوليتنا تجاه أهالي بيروت. واليوم صباحاً قمنا بإزالة كافة المخلّفات التي كانت تشوّه الشاطىئ وتعيق استخدامه من قبل المواطنين. وأستخدمنا لهذا الهدف الآليات التي رفعت الحديد والخشب وغيرها. وتأتي هذه الخطوة مكملةً لحملة هي الأوسع تهدف إلى المحافظة على نظافة وجمال الشاطئ الذي هو جزء من هوية بيروت وأهلها".

وتجدر الإشارة إلى أن "العربي الجديد" حاول مراراً الاتصال بمحافظ بيروت زياد شبيب من دون جدوى.