كشفت منظمات سورية عاملة في مجال الإنقاذ وتقديم المساعدات أن الحملة العسكرية المتواصلة منذ الأسبوع الأخير من شهر إبريل/ نيسان الماضي على مناطق عدة في محافظتي إدلب وحماة بالشمال السوري لها تداعيات مأساوية على أوضاع المدنيين في تلك المناطق، فضلاً عن كونها خرقاً واضحاً لاتفاقية المنطقة العازلة، واتفاقية خفض التصعيد.
ونظم "تحالف المنظمات السورية غير الحكومية" الذي يضم 21 منظمة إنسانية، ومديرية صحّة إدلب، و"الخوذ البيضاء" مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم الجمعة، في مدينة إسطنبول التركية، على وقع الحملة العسكرية الدموية بهدف تركيز اهتمام وسائل الإعلام على تغطية ما يجري في الشمال السوري.
وقالت المنظمات في بيان إنّه "مع مرور شهر كامل على الحملة، تزداد مخاوفنا من النتائج على الصعيد الإنساني، عدا عن محدودية القدرة لدى الكوادر الإنسانية للاستجابة في ظل انخفاض الدعم، واستمرار التصعيد، وفشل الجهود الدبلوماسية، وعلى رأسها جهود مجلس الأمن، في الوصول إلى حل لإيقاف التصعيد".
وعرض "تحالف المنظّمات السورية غير الحكومية" خلال المؤتمر الصحافي أرقاماً عن الخسائر البشرية والمادية في محافظة إدلب، حيث تم توثيق استهداف أكثر من 24 مرفقًا صحيًا خلال الشهر الأخير، فضلاً عن ستة مراكز تابعة للدفاع المدني، كما أسفرت الهجمات عن مقتل أكثر من 250 مدنيًا، ونزوح أكثر من 300 ألف مدني باتجاه الحدود التركية والمخيّمات القريبة منها، والتي تعمل بأربعة أضعاف طاقتها، في حين لا يزال نحو 200 ألف مدني دون مأوى تحت أشجار الزيتون.
وقال ممثّل التحالف، محمد زاهي، لـ"العربي الجديد": "تُعتبر هذه أكبر موجة نزوح منذ بدء الثورة في سورية، وتأتي في ظل أقل استجابة إنسانية، وأقل جهود دبلوماسية لمنع كارثة. هذا السيناريو تكرر في الغوطة وحلب سابقًا، والنظام وروسيا يدمّران البنية التحتية للمجتمع في مناطق المعارضة لاعتقادهم أن ذلك سيجبر الناس على الاستسلام".
وأضاف زاهي: "على المستوى الصحي، لا نستطيع إحصاء الموتى. كنا سابقًا نحصيهم في المشافي، لكنهم اليوم يموتون في منازلهم، ولا أحد يهتم بإبلاغ المستشفى أن المريض مات، كما أن 80 منشأة طبية توقفت في شمال سورية، ما يعني أنّنا في وضع كارثي، والعشرات يموتون أسبوعيًا بسبب عدم توفّر المشافي والمعدات الطبية، ونتوقّع تدهورًا أكبر في فصل الصيف".
وأوضح: "نطالب بشكل رئيسي بالحماية. ليس شأننا استمرار المعارك بين أي جهة وأخرى، ولكن في أقل الأحوال يجب أن يتم توفير الحماية للمدنيين والمنشآت الصحية والخدمية التي تقدّم الدعم للناس".
وقال مدير الدفاع المدني، رائد الصالح لـ"العربي الجديد": "الكثير من المؤسسات العاملة داخل سورية تقّدم بيانات عن عدد الضحايا، والأمم المتحدة لا تعالج المشكلة، بل تحاول إدارة الأزمة، وهذا يؤدّي إلى زيادة حجم الكارثة. لم ترفع أي طلبات للجهات الدولية المانحة لإغاثة النازحين في إدلب، بحجّة أن الأمم المتحدة لا تملك تقييم احتياجات واضح، ولا تعلم ماذا يحتاج 350 ألف نازح في الشمال السوري".
وطالبت المنظمات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بالتحرّك سريعًا لاتخاذ الخطوات اللازمة لإيقاف التصعيد، وفرض مسار دبلوماسي لحل سياسي بعيدًا عن استخدام القوة، كما طالبوا الدول الضامنة لاتفاق "المنطقة العازلة" بالعمل على عودة تطبيق الاتفاقية على الأرض لسلامة السكان، وكذا تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2286 الذي يدعو لآليات تحقيق ومحاسبة على جرائم استهداف المرافق المدنية والمستشفيات.