"المسحرجي" في العراق... من تقليد رمضاني إلى وسيلة للتسلية والمرح

23 مايو 2019
حفاظ مستمر على تقليد المسحراتي (Getty)
+ الخط -
وجد العراقيون طريقة جديدة لصناعة الفكاهة والتسلية في ليالي رمضان باستثمار المسحراتي، أو كما يطلق عليه في العراق "المسحرجي"، خلال تجواله في الشوارع والأزقة في مختلف مدن البلاد رغم التطور التكنولوجي الذي أصبح يُمكّن كل شخص من معرفة مواعيد السحور وأذان الفجر، غير أن الناس تعتبره تقليداً رمضانياً تراثياً جميلاً.

وحوّل الناس تجوال المسحراتي في الشوارع والأزقة قبيل وقت السحور إلى رقصات ودبكات شعبية وتصفيق، وطوّر بعضهم الأمر إلى استخدام الأبواق وبعض الآلات الموسيقية البسيطة وسط رقص وضحك الأهالي كباراً وصغاراً.

ويقول المسحراتي عامر الجبوري، وهو من أهالي بغداد، لـ"العربي الجديد": "خلال تجوالي بين الأحياء والأزقة في بغداد لاحظت رغبة الناس في التسلية قليلاً، ولذلك أضرب لهم على الطبل بعض الدبكات الشعبية وهم يقومون بالرقص، كرقصة (الجوبي) الشهيرة مثلاً".

ويضيف أنّ "الناس تريد الابتعاد عن القلق المستمر بسبب الأوضاع السياسية في العراق، لذلك أجدهم حالما أدخل أزقتهم يبدأون بالرقص ويطلبون مني العزف بطريقة الدبكات الشعبية فنتسلى قليلاً ونضحك وسط قهقهات الأطفال والشباب حتى يحين وقت السحور".

وفي محافظة ديالى (88 كلم شمال شرق بغداد)، يخرج أهالي مدينة بهرز لاستقبال المسحراتي بالتصفيق والرقص الشعبي ليبدأ بضرب الطبل وتنطلق الدبكات الشعبية التي يرافقها شيء من التسلية والضحك.

مقداد سالم يقول: "من عاداتنا في ليالي رمضان السمر حتى وقت السحور وأذان الفجر، ولذلك نجد في المسحراتي طريقة لصنع الابتسامة والتسلية والفكاهة فنرقص ونلهو قليلاً مع بعض الأغاني الشعبية أو الأناشيد الرمضانية مثلا".

ويعتبر سالم أن "المسحراتي عادة وتقليد تراثي جميل وليس مجرد شخص يدق الطبل لإيقاظ الناس للسحور، فمعظم الناس أساساً يكونون مستيقظين ومتجمعين في الشوارع أو المقاهي الشعبية داخل الأزقة، ولكن أردنا أن نضفي لمسة جديدة على المسحراتي إضافة إلى كونه تراثاً شعبياً".

ووجد ناشطون في ظاهرة المسحراتي مادة دسمة لمنشوراتهم على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بما تحمله من روح الدعابة والفكاهة من جانب والتراث الشعبي من جانب آخر.


وفي منطقة الحسينية، شرق العاصمة بغداد، حوّل أهالي المنطقة ظاهرة المسحراتي إلى وسيلة للضحك والتسلية بطريقة فكاهية تصاحبها فرقة عزف موسيقي تستخدم في الأعراس، إضافة إلى طبل المسحراتي.

رامي الحسيني يقول "عندما يأتي المسحرجي إلى منطقتنا نكون قد أعددنا المزامير وطبل الأعراس ثم يبدأ الجميع بالعزف ونبدأ بالرقص مع كل أهالي المنطقة أو نعزف دبكات شعبية، في محاولة للتنفيس عن أحزاننا وما نشاهده يوميا على الفضائيات في العراق من مصائب".


ويجد الشباب والأطفال فرصتهم وقت السحور فيبقون عند أبواب منازلهم بانتظار قدوم المسحراتي لتبدأ الدبكات الشعبية وحتى الرقص الشعبي الحديث المعروف بـ"الردح" على أنغام الطبل والمزمار.

ويقول ميثم العامري: "رمضان فرصة ثمينة ليس فقط في العبادات بل حتى في التسلية، وهناك العديد من الفعاليات في لياليه، مثل لعبة (المحيبس) أو كرة القدم الخماسية أو مثلاً جلسات السمر وحكايات أيام زمان".

ويتابع "من ضمن هذه الفعاليات وقت السحور انتظار المسحراتي لنبدأ بالرقص والدبكات الشعبية المختلفة التي ترافقها بعض الحركات الشبابية المضحكة أو الرقص المضحك بطريقة فكاهية يشارك فيها الكبار والصغار في المنطقة".


وانتشرت في السنوات الأخيرة في العراق ظاهرة عرفت بـ"التحشيش"، وهي مفردة شعبية عراقية تعني الفكاهة أو الكوميديا التي لاقت رواجاً غير متوقع على مواقع التواصل الاجتماعي وحتى وسائل الإعلام لتتحول في ما بعد إلى برامج تلفزيونية.

ولم يترك العراقيون وقت السحور دون إضافة قابلياتهم في "التحشيش" حتى تحول وقت السحور إلى وسيلة للتسلية في مختلف مدن البلاد، وهو ما يشجع معظم الناس على البقاء مستيقظين حتى يحين موعد أذان الفجر في ليالي رمضان.

دلالات