واختلفت غرفتا البرلمان سابقاً باشتراط مجلس الأعيان، إتمام الشخص الراغب في الزواج 16 سنة، بدلاً من بلوغ 16 سنة حسب مقترح مجلس النواب، إضافة إلى إصرار الأعيان على "شمول أولاد البنت المتوفاة قبل والدها أو معه وجوباً في ثلث تركته" وفق الشروط والمقادير التي حددها القانون.
وتخلل الجلسة المشتركة مشادّات كلامية بين النواب حول المنطلقات الشرعية، وخطورة المساس بقيم المجتمع الإسلامية، وهاجم النائب عبدالكريم الدغمي بعض منظمات المجتمع المدني، متهماً عدداً منها بتلقي دعم خارجي من أجل العبث بثوابت المجتمع الأردني، مضيفاً أن "مجلس النواب أقر عدداً من القوانين من أجل إرضاء هؤلاء الذين يقبضون من الخارج".
وقال النائب خالد رمضان إن "الأرقام الرسمية بخصوص الزواج المبكر وصلت إلى ما يزيد على 81 ألف حالة، وهذا يشير إلى أن الموضوع ليس استثناءً".
وأعرب رئيس الوزراء الأسبق عبد الله النسور عن تأييده لقرار مجلس النواب، في ما يتعلق بالاستثناء الوارد على سنّ الزواج لمن هم أقل من 18 سنة، والمعدل في قانون الأحوال الشخصية.
وقالت النائب ديمة طهبوب من كتلة الإصلاح النيابية "الحركة الإسلامية"، إن "التعليمات الصادرة عن دائرة قاضي القضاة تضمن أن يكون هذا الزواج (المبكر) صحيحاً، وأرقام حصلت عليها من دائرة قاضي القضاة أظهرت أن من يحصل على إذن الزواج تحت 16 سنة هم فتاتان من كل مائة فتاة".
وينصّ الدستور الأردني على أنه "إذا رفض أحد المجلسين مشروع أي قانون مرتين، وقبله المجلس الآخر معدلاً أو غير معدل، يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الأعيان لبحث الموادّ المختلف فيها، ويشترط لقبول المشروع أن يصدر قرار المجلس المشترك بأكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين، وعندما يرفض المشروع بالصورة المبينة آنفاً لا يقدم مرة ثانية إلى المجلس في الدورة نفسها".
واعتصم مئات من الناشطين أمام مجلس النواب اليوم، غالبيتهم من السيدات، بالتزامن مع الجلسة المشتركة، وانقسم المعتصمون إلى فريقين، الأول طغى عليه حضور الحقوقيين والناشطين وممثلي منظمات المجتمع المدني المعنيين بحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، والمطالبين بتعديل عدد من بنود قانون الأحوال الشخصية، ورفع سنّ الاستثناء للزواج إلى 16 سنة، كما طالبوا بشمول أولاد البنات في الوصية الواجبة ومساواة أولاد البنت بأولاد الابن المتوفى.
في الجهة المقابلة، تجمع أنصار حزب جبهة العمل الإسلامي وبعض المحافظين مطالبين مجلس النواب بالإبقاء على النصوص الحالية لقانون الأحوال الشخصية، ومنها إبقاء سنّ الزواج عند 15 سنة، وإبقاء الوصية الواجبة كما هي، متهمين الفريق الآخر بالتجاوز على الأعراف والتقاليد الاجتماعية والثوابت الدينية في محاولة لتغريب المجتمع.
وينصّ القانون على أنه "يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من أكمل 15 سنة إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة، وفقاً لأحكام التعليمات التي اشترطت عدة شروط لمنح الإذن بالزواج"، وجاء في التعليمات، أنه "يجب على المحكمة أن تراعي لغايات منح الإذن بالزواج: أن يكون الخاطب كفؤاً للمخطوبة، وأن يتحقق القاضي من الرضا والاختيار، وأن تتحقق المحكمة من الضرورة التي تقتضيها المصلحة، وما تتضمنه من تحقيق منفعة أو درء مفسدة".
كما نص القانون على "ألا يتجاوز فارق السنّ بين الطرفين 15 سنة، وألا يكون الخاطب متزوجاً، وألا يكون الزواج سبباً في الانقطاع عن التعليم، وإثبات مقدرة الخاطب على الإنفاق ودفع المهر وتهيئة بيت الزوجية".
ودعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيان أصدرته الأربعاء الماضي، الأردن إلى إنهاء زواج الأطفال كلياً، وتوفير المساواة الكاملة للمرأة في الزواج والطلاق والميراث، وتطبيق الحد الأدنى لسنّ الزواج بعمر 18 سنة دون استثناء.
فيما دعت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" وتحالف "نجود" للقضاء على تزويج الأطفال في بيان أمس الأحد، عضوات وأعضاء مجلس الأعيان والنواب إلى رفع سنّ الاستثناء في الزواج من 15 إلى 16 سنة، من أجل تقليل الصعوبات الجمة التي تعاني منها القاصرات في مرحلة المراهقة، التي تعمل على الحد من طموحاتهن وخياراتهن.
ويؤكد المجلس الأعلى للسكان في الأردن أن النشاط الاقتصادي يكاد ينعدم لدى الإناث بزواجهن المبكر، وينعدم مع ذلك طموحهن أو رغبتهن بالعمل، وأن نسبة الإناث المتزوجات دون 18 سنة اللواتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل تزيد عن 97 في المائة.