ويوافق 17 إبريل/نيسان من كل عام، اليوم الوطني والعالمي لنصرة الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، والذي أقرّه المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974، خلال دورته العادية، وفاء لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة وتضحياتهم، وللأسرى القابعين في المعتقلات الإسرائيلية، واعتباره يوماً لتوحيد الجهود والفعاليات لنصرتهم ودعم حقهم المشروع بالحرّية.
ووفق ورقة الحقائق التي أصدرها النادي، وشملت أرقاما وإحصائيات حول الأسرى والمعتقلين حتى نهاية مارس/ آذار الماضي، فإن نحو مليون فلسطيني/ة مرّوا بتجربة الاعتقال منذ العام 1967، وأنه يوجد حاليا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو 5700 أسير وأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينهم 250 طفلاً، منهم 36 طفلاً مقدسياً قيد الاعتقال المنزلي، و5 قاصرين محتجزين بما تسمى "مراكز الإيواء".
ومن بين المعتقلين الفلسطينيين الحاليين 47 أسيرة، و6 نواب سابقين في المجلس التشريعي، و500 معتقل إداري، و700 أسير مريض، بينهم 30 حالة مصابة بالسرطان، وكذلك 56 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة بشكل متواصل، بينهم 26 أسيراً (قدامى الأسرى)، معتقلون منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، أقدمهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس المعتقلان منذ 37 عاماً، إضافة إلى وجود 570 أسيراً محكومين بالسّجن المؤبد لمرة واحدة أو عدة مرات.
إلى ذلك، قال نادي الأسير إن 218 شهيداً من الحركة الأسيرة ارتقوا منذ العام 1967، بينهم: 73 شهيداً ارتقوا بسبب التعذيب، و63 شهيداً ارتقوا بسبب الإهمال الطبي، 7 أسرى استشهدوا بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس، 78 أسيراً استشهدوا نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة والإعدام الميداني بعد الاعتقال مباشرة.
من جانب آخر، اعتقلت قوات الاحتلال 1600 مواطن ومواطنة خلال الربع الأول من العام 2019، غالبيتهم من محافظة القدس، بينهم نحو 230 طفلاً، و40 امرأة.
وتلجأ سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى انتهاج سياسات وإجراءات خلال عمليات الاعتقال، منها سياسة استخدام القوة المفرطة أثناء الاعتقال والإعدامات خارج نطاق القانون، وبصورة عشوائية وجماعية، وبغطاء كامل من الجهات السياسية والقضائية والأمنية في دولة الاحتلال، إضافة إلى انتهاج سياسة العقاب الجماعي، علاوة على الاستمرار في سياسات اعتقال أعضاء المجلس التشريعي السابقين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصّحافيين والاعتقالات على خلفية النشر عبر الفيسبوك، كما لا تستثني سلطات الاحتلال من تلك الإجراءات النساء والأطفال والقاصرين.
في سياق آخر، قال نادي الأسير إن "إدارة معتقلات الاحتلال نفذت سياساتها القمعية والهادفة لسلب الأسير الفلسطيني حقوقه والحطّ من كرامته، وشكّلت محطة التحقيق الجولة الأولى لتطبيق هذه السياسات عبر أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، والتي تبدأ منذ اللحظة الأولى لزجّ الأسير داخل مراكز التحقيق والتوقيف. وقد وصلت عمليات التعذيب إلى نحو 95 بالمائة من حالات الاعتقال".
في حين تواصل إدارة المعتقلات تنفيذ عمليات القمع والقهر والتنكيل والسلب بحق الأسرى بعد نقلهم إلى المعتقلات المركزية، وتمثلت هذه السياسات: بالعزل، وفرض العقوبات المالية، والاعتداء بالضرب المبرّح على الأسرى خاصة خلال عمليات الاقتحامات والتفتيشات المتكررة للزنازين والغرف، وما يرافقها من تخريب لمقتنيات الأسرى، وحرمان المئات من الأسرى من زيارة ذويهم لهم تحت الذريعة الدائمة وهي "الأمن"، إضافة إلى سلب الأسير حقه بالعلاج والرعاية الصحية عبر سياسة الإهمال الطبي المتعمد، كما استمرت بنقل الأسرى عبر ما تسمى بعربة "البوسطة" لتشكل، كما يطلق عليها الأسرى، رحلة العذاب المتكررة، لا سيما للأسرى المرضى.
واشتدّت وتيرة التّضييق على الأسرى بعد صدور توصيات ما تسمّى بـ"لجنة سحب إنجازات الأسرى" التي شكّلها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، والتي كانت أولى إجراءاتها مصادرة آلاف الكتب من الأسرى وتقليص كمّية المياه، ونصب كاميرات مراقبة وأجهزة تشويش، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف الانقضاض على منجزات الأسرى التي دفعوا من دمائهم للحصول عليها طيلة سنوات الاعتقال.
وإحدى أبرز الأدوات التي تستخدمها إدارة معتقلات الاحتلال لإبقاء الأسير في حالة من عدم الاستقرار وإبقاء وعيه في إطار المراقبة التي يفرضها السّجن، هي عمليات الاقتحامات المفاجئة والتفتيشات المتكررة للغرف والزنازين؛ ونفذت قوات القمع بمختلف أنواعها "النحشون، واليماز، ودرور، والمتسادة" منذ بداية عام 2019 العشرات من عمليات الاقتحامات، طاولت جميع المعتقلات دون استثناء، ومن أبرزها اقتحام معتقلات "عوفر" و"النقب" و"مجدو" و"ريمون".
وأدت عمليات القمع إلى إصابة ما يزيد عن 270 أسيرا، واستخدمت قوات الاحتلال خلال قمع الأسرى الرصاص وغاز الفلفل والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي والهراوات، إضافة إلى الكلاب البوليسية، علاوة على اقتحام أقسام الأسرى بشكل يومي، وفرضت عليهم جملة من العقوبات، فيما واجه الأسرى ذلك بحرق بعض الغرف وإعلان حالة العصيان.
وفي إطار الظروف التنكيلية التي تمارسها إدارة المعتقلات بحقّ المعتقلين والأسرى، فقد وصل عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال إلى أكثر من 700 أسير، وهم ممن بحاجة إلى متابعة صحية حثيثة، من بينهم 30 يعانون من مرض السرطان، إضافة إلى 14 أسيراً يقبعون في معتقل "عيادة الرملة"، الذي يسميه الأسرى بـ"المسلخ".
وشدد نادي الأسير من جهته، على أن سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى تتصاعد عبر إجراءات ممنهجة، لم تستثن أي فئة من الأسرى، واستخدمت حاجة الأسرى المرضى للعلاج أداة من أجل الانتقام منهم وسلبهم حقهم في الرعاية الصحية. وعلى مدار سنوات مضت تابعت مؤسسات الأسرى المئات من الحالات التي وصلت إلى مراحل أغلقت فيها ملفات الأسرى الطبية بذريعة عدم وجود علاج لهم، ما أدى بالنتيجة في كثير من الحالات إلى استشهادهم، أو الإفراج عنهم بعد أن يكون الأسير المريض قد وصل إلى مرحلة استعصى فيها تقديم العلاج.
ويتخذ الإهمال الطبي عدة أوجه، أبرزها حرمان الأسير من العلاج أو إجراء الفحوص الطبية، أو وضعه على لائحة الانتظار قد تصل لأشهر أو سنوات، أو تشخيص الأمراض بعد فترات طويلة، إضافة إلى الجرحى الذين دفعوا ثمن نقلهم من المستشفيات المدنية إلى المعتقلات قبل استكمال العلاج اللازم.
من جهة أخرى، تعرض الأسرى الفلسطينيون لمشاريع قوانين إسرائيلية تهدف لسلبهم حقوقهم ومحاولة كسر إرادتهم والسيطرة عليهم، وهذا الأمر ليس بالجديد بل آخذ بالتمدد مع تصاعد اليمين في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وكان من بينها وأشدّها إجرامية مشروع إعدام الأسرى، علاوة على قانون محاكمة الأطفال دون سن 14 عاماً، وقانون التفتيش الجسدي دون وجود شبهات، وكان آخرها قانون سرقة الأموال التي تدفعها منظمة التحرير الفلسطينية لعائلات الأسرى والشهداء، وقد تم إقرار قانون احتجاز جزء من المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية خلال العام 2018 بما يوازي حجم المخصصات التي تدفع كإعانات لعائلات الأسرى والشهداء، والتي تم تقديرها بواقع مليار ومائة مليون شيقل (عملة إسرائيلية) سنوياً، وقد حمل القانون عنوان "حسم أموال للسلطة الفلسطينية بسبب دعم الإرهاب".
وأكد نادي الأسير عبر هذا العرض، الانتهاكات الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقّ المعتقلين الفلسطينيين، واستمرارها في تجاهل ضمانات المحاكمة العادلة التي وفّرها القانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان، خصوصاً القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء 1955، وغيرها من الإعلانات والاتفاقيات الدولية التي تكفل حقوق المعتقلين.
وطالب نادي الأسير المجتمع الدولي بالتدخل العاجل وفاءً لالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه الفلسطينيين، وإلى اتخاذ إجراءات فاعلة لمحاسبة الاحتلال على جرائمه اليومية بحق الفلسطينيين وإلزامه باحترام حقوقهم. كما دعا النادي المستويات المحلية والإقليمية والدولية إلى تفعيل الحملات التضامنية مع الفلسطينيين لإسناد قضيتهم.