وصلت الإيرانية سارا خادم إلى مستوى عالمي أهّلتها له موهبتها الكبيرة في لعبة الشطرنج، وها هي اليوم تساهم في رفع تصنيف إيران دولياً
حققت الشابة الإيرانية، سارا سادات خادم الشريعة، المعروفة كذلك باسم، سارا خادم، ألقاباً عدة لإيران في لعبة الشطرنج وهي في سن مبكرة، بل أصبحت أول لاعبة شطرنج إيرانية تحصل على لقب "الأستاذ الكبير" وهو أعلى لقب يحمله لاعبو الشطرنج في العالم، ويمنحه الاتحاد الدولي للشطرنج مدى الحياة لمن يحقق الشروط اللازمة، ويحصل على ثلاث درجات في ثلاث بطولات، ويُسحب منهم في حالات خاصة جداً، فقد حصلت سارا عليه وهي في سن الثامنة عشرة فحسب، وكان قد حمله من قبلها لاعب إيراني واحد تاريخياً.
الشابة (22 عاماً) وهي من مواليد العاصمة طهران، تقول لـ"العربي الجديد" إنّها تعرفت على لعبة الشطرنج عبر إحدى صديقاتها، إذ شاهدتها تلعبها وقررت أن تتعلمها، فبدأت في تعلم اللعبة بشكل حقيقي في سن الثامنة، وحققت أول لقب محلي في التاسعة، وانطلقت نحو بطولة آسيا وهي في عمر العاشرة، فربحت حينها أول جائزة ذهبية آسيوية، لتحمل بعد ذلك أول ميدالية عالمية وهي في الثانية عشرة.
اختصرت سارا خادم، العديد من المراحل بسرعة فائقة، وهو ما ساعد في تميزها وجعلها فتاة استثنائية في مجال الألعاب الرياضية الفكرية، لتصل إلى سنة 2018، وتحرز مركز الوصافة في بطولة العالم في الشطرنج للعب السريع، التي استضافتها روسيا، إذ حصلت على تسع نقاط في اثنتي عشرة جولة، ففازت في سبع جولات وتعادلت في أربع، وخسرت واحدة. وكانت سارا اللاعبة الأنثى الإيرانية الوحيدة في الفريق الوطني الذي ضم ثلاثة لاعبين آخرين غيرها.
لا تتذكر سارا كلّ الألقاب التي حققتها في مسيرتها القصيرة كما تقول، إذ أصبحت تمثل بلادها في العديد من البطولات، لكن، بحسب التصنيف الجديد للاتحاد الدولي للشطرنج، فإنّ إيران أصبحت في المرتبة الخامسة والعشرين عالمياً، وفي الثالثة آسيوياً في اللعبة، فقد تقدمت البلاد بعدما كانت في المرتبة الحادية والخمسين في التصنيف العالمي عام 2015، وذلك بفضل لاعبين متميزين، جرى تصنيف سارا، واحدة من أهمهم، وهي التي حصلت كذلك على لقب أفضل لاعبة شطرنج بين فتيات إيران.
تذكر هذه الشابة أنّ العام 2016 كان مميزاً للغاية بالنسبة لها، ففي ذلك العام استضافت إيران نفسها بطولة عالمية للشطرنج، فنالت سارا جائزة الأخلاق، لأنّها رفضت الفوز على منافستها، التي تعرضت لنوبة توتر، فقبلت بإنهاء اللعبة بالتعادل بينهما. تقول إنّها تعرضت للموقف نفسه، وقد تتعرض له عدة مرات لاحقاً، فالشطرنج لا يعني الذكاء والتميز فقط، إنما يجب أن تكون اللعبة مرفقة بالأخلاق، بحسب وصفها.
تحترف سارا اليوم الشطرنج، وتتعامل مع هذه اللعبة على أنّها مهنتها الرسمية، وصحيح أنّها قررت الانضمام لمقاعد الجامعة، لكنّها تمثل إيران عبر المنتخب الوطني وتشارك في مسابقات فردية داخل البلاد وخارجها، وتمضي وقتاً طويلاً في لعب الشطرنج.
تذكر سارا أنّ هناك مؤسسات معنية مرتبطة بالاتحاد الرياضي في إيران هي التي تختار لاعبي الشطرنج الذين يمثلون البلاد في المباريات الإقليمية والدولية، وتشكّل الفريق الوطني الذي يضم فتيات وشباناً، وكان في السابق، يجري اختيارهم بناء على ألقاب ومراتب حققوها في مسابقات محلية، لكنّ الأمور تغيرت في كلّ دول العالم، وأصبح هناك تقييم خاص للاعبين، ويجري اختيارهم على هذا الأساس لا بناء على جوائزهم.
حول تقييمها لمستوى المواهب الرياضية الإيرانية، تؤكد سارا أنّ هناك العديد من الفتيات والشبان الموهوبين، بمن فيهم من يحبون لعب الشطرنج ويتميزون بذكاء فائق، لكنّ المشكلة عدم الانتباه لهؤلاء في سنّ مبكرة، مشيرة إلى أنّ الاهتمام بلاعبي الشطرنج سواء في العائلة أو في المؤسسات والنوادي التي تدرب الراغبين في احتراف هذه اللعبة، يكون في سنّ غير مبكرة في العادة.
تذكر سارا أنّ عائلتها لعبت دوراً هاماً جداً، في دعمها أولاً، وفي تنمية موهبتها ثانياً، وتعتبر أنّ للبيئة المحيطة بالفرد دوراً رئيساً في تحقيق الأهداف، وفي الوصول إلى مراحل متميزة، وبعدها الدورات التدريبية الخاصة التي من الممكن الانضمام إليها، ويمكن أن تساعد من يرغبون باحتراف الرياضات الفكرية. تتابع أنّ المرحلة الأخيرة في تطوير ورعاية الموهبة تقع على عاتق المسؤولين في المؤسسات وفي الاتحاد الرياضي، فمن شأن هذا تشجيع الشبان والفتيات على الخوض في مجالات عديدة وتحقيق ألقاب إقليمية وعالمية لبلادهم.
تعتبر سارا أنّ تمثيلها بلادها كفتاة، أمر استثنائي، فهي تساهم في تغيير الصورة النمطية عن إيران، بصورة حقيقية قد لا تكون معروفة لكثيرين حول العالم. وتعتبر أنّ تحقيقها الألقاب العالمية يرفع من شأن بلادها، ومن شأن فتيات إيران كثيراً.