قالت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان إن السلطات في مصر نفذت عقوبة الإعدام بحق 46 شخصاً خلال عام 2018، منهم 9 متهمين في قضايا سياسية أدانتهم محكمة عسكرية، و37 في قضايا جنائية، وأن هناك 51 شخصاً ينتظرون تنفيذ حكم إعدامهم، منهم 37 متهماً في قضايا سياسية، صدر الحكم على 35 منهم من محاكم مدنية، ومتهمين اثنين من محكمة عسكرية، و14 شخصاً في قضايا جنائية.
ونشرت الجبهة الحقوقية، التي تتخذ من براغ مقراً لها، تقريراً تحليلياً تحت عنوان "الطريق إلى الإعدام" حول انتهاك ضمانات المحاكمة العادلة في مصر، اليوم الأربعاء، طالبت فيه السلطات المصرية بـ"التوقف عن تنفيذ أحكام الإعدام، وتعليق العمل بهذه العقوبة إلى حين فتح حوار مجتمعي حولها، والالتزام بالمعايير الدولية لضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة للمتهمين الذين يواجهون عقوبة الإعدام".
ووثق التقرير الشهري الصادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مجمل أحكام الإعدام الصادرة في شهر فبراير/شباط الماضي، بحق 59 متهمًا، أغلبهم تم تحويل أوراقهم للمفتي لتنفيذ الأحكام، وهم موزعون على 32 قضية، وتم تنفيذ الحكم فعليًا على 15 متهمًا في 3 قضايا.
ورصدت المبادرة الحقوقية في يناير/كانون الثاني الماضي، صدور أحكام إعدام بحق 56 متهمًا منهم 19 متهمًا تمت إحالة أوراقهم للمفتي.
ودعت الجبهة المصرية إلى مراجعة عشرات القوانين المتعلقة بعقوبة الإعدام في القوانين المصرية، وإلغاء تعديلات القوانين والقرارات الصادرة بعد انقلاب يوليو/ تموز 2013، على غرار القرار رقم 136 لسنة 2014، وتعديلات قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية، والتي انتقصت من حقوق المتهمين في محاكمة عادلة.
كما طالبت مصر بفتح تحقيقات مستقلة مع السلطات المسؤولة عن الانتهاكات التي تعرض لها المتهمون خلال مسار التقاضي، منذ لحظة الاعتقال وحتى صدور الحكم، وعلى رأسها جهة الضبط، والتأكد من قيام سلطات التحقيق والمحاكمة بدورها في التحقق من ادعاءات التعرض للانتهاكات.
وقال تقرير الجبهة إن السلطات المصرية نفذت أحكاماً بالإعدام في 13 قضية منذ عزل الرئيس محمد مرسي، منها 5 قضايا نُظرت أمام القضاء المدني، و8 قضايا أمام القضاء العسكري، مشدداً على أهمية التأكد من احترام السلطات التنفيذية والقضائية حقوق المتهمين المكفولة بالقوانين والدستور والمواثيق الدولية، على اعتبار أن مخالفتها قد تجعل من تلك الوقائع "إعدامات تعسفية".
وانقسم التقرير إلى قسمين رئيسين: الأول يسلط الضوء على بيانات قضايا الإعدام في عام 2018 (المنفذ فيها)، والمستنفذة لإجراءات التقاضي، والمحكوم فيها بالإعدام بشكل أولي، وفق رصد أجرته الجبهة لعقوبة الإعدام خلال العام.
ويستعرض الجزء الثاني أبرز أنماط الانتهاكات الحقوقية التي تعرض لها المتهمون في 10 قضايا محكوم فيها بالإعدام في 2018، ومواجهة غالبيتهم انتهاكات أبرزها الإخفاء القسري، والإكراه المادي والمعنوي للإدلاء باعترافات، وبدء النيابة جلسات التحقيق الأولي في غياب المحامين، وتجاهل ومماطلة النيابة إحالة المتهمين إلى الطب الشرعي، وأخيراً سوء الأوضاع في السجون.
واعتمد التقرير في رصده لبيانات قضايا الإعدام خلال عام 2018 على وسائل الإعلام المختلفة، والتواصل مع المحامين، في حين اعتمد على تحليل الانتهاكات التي تعرض لها المتهمون على تحليل الأوراق الرسمية لعشر قضايا محكوم فيها بشكل أولي بالإعدام خلال العام الماضي، وجارٍ النظر فيها حالياً أمام محكمة النقض أو الطعون العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن خمس دول أوصت خلال الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري، في الدورة الثامنة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان عام 2014، بالتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي ينص على إلغاء عقوبة الإعدام (رفضته مصر رفضاً قاطعاً). كما وجهت لمصر 15 توصية تطالب بوقف اختياري لعقوبة الإعدام.
وأفاد بأن 4 دول أوصت مصر بضمان محاكمة المدنيين أمام محاكم مدنية، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين (أيدته مصر بشكل جزئي)، مشيراً إلى أن 8 دول أوصت القاهرة بالالتزام بضمانات المحاكمة العادلة، والإجراءات القضائية المنصفة التي تتفق مع المعايير الدولية، وهو ما أيدته مصر، بالرغم من أن القانون المصري يُدرج عقوبة الإعدام إزاء العشرات من الجرائم.
وأكدت الجبهة المصرية، في تقريرها، أن المتهمين في قضايا الإعدام، وخاصة في القضايا ذات الطابع السياسي، يواجهون انتهاكات جسيمة أخلت بحقهم في الحصول على محاكمة عادلة منذ لحظة القبض عليهم، وحتى إصدار الحكم، مجددة دعوتها السلطات التنفيذية والقضائية في مصر إلى الالتزام بالمعايير الدولية، واحترام حقوق المتهمين المكفولة وفق الدستور والمواثيق الدولية.
ونفذت السلطات المصرية حكم الإعدام، في 20 فبراير/شباط الماضي، بحق تسعة أشخاص من المحكوم عليهم في القضية المعروفة إعلامياً بقضية اغتيال النائب العام، بالرغم من أن المتهمين أقروا بتعذيبهم أمام المحكمة لحملهم على الاعتراف بالجريمة، وذلك بالتعدي بالأيدي والأرجل والآلات الحادة، والصعق بالكهرباء في أجزاء مختلفة من الجسد.
وفي 7 فبراير/ شباط الماضي، نفذت السلطات في مصر حكم الإعدام على ثلاثة أشخاص، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"مقتل نجل المستشار"، وثلاثة أشخاص آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"مقتل اللواء نبيل فراج"، في 13 من الشهر ذاته، من دون إعلام الأهل أو المحامين في القضيتين، وهو ما تم رصده أيضاً في قضايا سياسية الطابع نُفذت فيها أحكام الإعدام في العام الماضي، بحسب منظمات حقوقية مصرية.