هبة مرايف لـ"العربي الجديد": حقوق الإنسان بالشرق الأوسط لن تتحسن قريباً

27 مارس 2019
(حسين بيضون)
+ الخط -

الشهر الماضي، اختارت منظّمة العفو الدولية إطلاق تقريرها السنوي الذي تستعرض فيه أحوال حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من العاصمة اللبنانية بيروت، وهو ما لم يكن ليحصل قبل سنوات، حين كانت بعيدة بعض الشيء عن منطقة الشرق الأوسط. على موقعها الإلكتروني، تفيد المنظمة بأنّها "حركة عالمية تضم نحو 7 ملايين شخص يأخذون الظلم على محمل شخصي. ونحن نناضل من أجل عالم يتمتع فيه الجميع بحقوق الإنسان". وفي سبيل الاطلاع أكثر على عملها، والتحديات التي تواجهها، وإمكانية تحقيق تقدّم في مجال حقوق الإنسان، كان لـ "العربي الجديد" لقاء مع المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظّمة هبة مرايف.

1 – ما الذي يميّز منظّمة العفو الدولية؟

تأسّست المنظّمة في بداية ستينيات القرن الماضي، بعد إطلاق حملة من أجل تحرير سجناء الرأي المعتقلين. وأكثر ما يميّزها عن غيرها من المنظّمات العاملة في مجال حقوق الإنسان أنها تنظّم حملات في خدمة مجموعة من القضايا، منها الإفراج عن سجناء الرأي، أو الناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان، أو الصحافيين. في الوقت الحالي، المنظمة موجودة في أكثر من 60 بلداً، ولديها أكثر من ستة ملايين عضو في كل أنحاء العالم. نحصل على تمويل من الأعضاء بنسبة نحو 85 في المائة، إضافة إلى بعض المؤسسات، لكننا نرفض تمويل الحكومات حفاظاً على استقلاليتنا. بدأ وجودنا في الشرق الأوسط في عام 2016. قبل ذلك التاريخ، كانت الأمانة العامة موجودة في لندن، حيث يجري التخطيط للحملات. ثم اتخذت الأمانة العامة قراراً بالانتقال إلى المناطق التي تعمل فيها. حالياً، لدينا مكتب في بيروت، نغطي من خلاله بلدان الخليج العربي ولبنان وسورية والأردن والعراق، ومكتب في تونس يغطي شمال أفريقيا ومصر.

2 – ما هي أبرز الإنجازات التي حققتها المنظمة منذ تأسيسها وحتى اليوم؟

أحد أهم إنجازاتنا يتمثّل في الحملات التي نقوم بها لإطلاق سراح سجناء الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان، إذ إن تكثيف حملات الضغط والعمل الإعلامي والتوثيق وإصدار التقارير يؤدي إلى إطلاق سراح المعتقلين في نهاية المطاف. وهناك العديد من الأمثلة على ذلك. نلاحظ أن الأشخاص الذين يعملون في مجال حقوق الإنسان يتمتعون بالصبر. هؤلاء يدركون أنهم قد يعملون عامين أو ثلاثة أعوام في سبيل قضية واحدة قد تكون سجناء الرأي، قبل أن يطلق سراحهم. نعمل أيضاً في الشق التشريعي. مثلاً، في حال كانت هناك تشريعات مقترحة من الحكومة أو مجلس الشعب قد تؤدي إلى مزيد من القمع، نقدّم شروحات وتحليلات قانونية في ما يخص التزامات الدولة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، واقتراحات لتعديل القوانين. في تونس، كان هناك مشروع قانون العام الماضي يمنح الأجهزة الأمنية نوعاً من الحصانة في حالات القتل ليس دفاعاً عن النفس فقط، بل أيضاً لحماية المباني والمركبات. طرح المشروع من قبل وزارة الداخلية، فخاطبنا الوزارة مباشرة مطالبين بسحب القانون، إضافة إلى الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب التونسي. أطلقنا حملة بالشراكة مع منظمات محلية في البلاد، وحققنا مطلبنا. والشقّ الثالث يتعلّق بالمحاسبة، وهو مطلب أساسي. في أية دولة عربية، إن وجود قضاء قوي قادر على محاسبة أفراد الأمن يساهم في تكريس حقوق الإنسان. كما أنّ المواثيق الدولية والضحايا يطالبون بأن تكون هناك محاسبة. في كل دولة، يجب أن يكون أفراد الأجهزة الأمنية على علم بأن القضاء في النهاية قد يحاكمهم. هذه رسالة مهمة جداً، علماً أن الأمور تصير أصعب في أوقات الحروب أو النزاعات.
في سورية أو اليمن على سبيل المثال، نبذل جهوداً مع الأمم المتحدة بهدف إقرار آليات دولية. وفي حال كان القضاء في الدولة ضعيفاً، وما من إرادة سياسية لمحاكمة جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، نطالب بآليات دولية للمحاسبة.
وفي ما يتعلق بانتهاكات القانون الدولي الإنساني من قبل إسرائيل، أطلقنا الكثير من حملات المناصرة بهدف إقرار آليات دولية للتحقيق في جرائم القوات الإسرائيلية. في سورية، هناك عمل من أجل إقرار آلية في الوقت الحالي بهدف توثيق الجرائم التي يرتكبها النظام والأطراف الأخرى، سواء كانت جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.



3 - ما هي التحديات أو الصعوبات التي تواجهها المنظمة خلال عملها؟

بعضُ الدول تمنع دخولنا على غرار المغرب، وهذا أمر غريب حقاً. يعتقد الناس أن أوضاع حقوق الإنسان في المغرب ليست سيئة للغاية. لكن خلال السنوات القليلة الماضية، بدأت السلطات تضيّق على المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، خصوصاً بعد تظاهرات الريف. نحاول منذ نحو سنتين الدخول إلى المغرب بهدف إجراء أبحاث. بعد صدور آخر تقرير لنا عن التعذيب في المغرب، منعت الحكومة دخول الباحثة التي كتبت التقرير، ثمّ منعت كل وفود منظمة العفو الدولية التي تطلب السماح لها بإجراء بعض الأبحاث. وهذه مشكلة كبيرة. وفي مصر، نعاني من المشكلة نفسها. وإنْ ليس هناك منع مباشر، نشعر بخطر في حال القيام بأية أبحاث قانونية. وفي سورية، لا نعرف إن كانت الحكومة قد تسمح قريباً للمنظمات الحقوقية بزيارتها. في الوقت نفسه، يمكننا العمل عن بُعد من خلال الخبراء الذين زاروا بعض البلدان ميدانياً، وما زالت لديهم شبكة اتصالات مع محامين أو حقوقيين أو أشخاص موثوق فيهم. لكن في النهاية، الأمر يحد من قدرتنا على التحرك. يمكننا العمل على قضايا بعض السجناء السياسيين وتحليل مشاريع القوانين ومخاطبة الدولة عن بُعد أو لقاء السفارات في الخارج، أو في إطار مجلس حقوق الإنسان أو اللجان المختلفة.
أما في تونس ولبنان، فالتواصل مع السلطات ممكن، وهذه دائماً خطوة أولى. المجتمع المدني في لبنان نشيط وهناك حركة حقوقية تركز على الكثير من الملفات. ومن خلال وجودنا في لبنان، نحاول مساعدة المجتمع الحقوقي لأننا قادرون على القيام بحملات دولية. الشهر المقبل، نطلق حملة عن العاملات الأجنبيات مستفيدين من الإنجازات المحلية. ولأنه توجد لدينا فروع في دول المنشأ التي تأتي منها العاملات الأجنبيات، يمكننا جعل الحملة ذات طابع دولي. إضافة إلى المنع، هناك صعوبات أخرى تواجه عمل المنظمة، وهي ضعف بعض البرلمانات الوطنية، علماً أن دورها مهم لأنها تشرف وتحاسب الحكومة. والصعوبة الثالثة هي ضعف القضاء الذي يعيق العمل الحقوقي. على سبيل المثال، تعدّ تونس مثالاً إيجابياً في بعض الحالات، لكن دور القضاء فيها ضعيف. واللافت أنه بعد الثورة، لم يحاسب أي رجل أمني في قضايا تعذيب. لذلك، فإن وجود نظام قضائي قوي أمر مهم جداً. في المقابل، خلال محاكمات المثليين الجنسيين في لبنان، قرر أحد القضاة أن المادة التي تجرّم المثلية في لبنان كفعل جنسي غير طبيعي، لا تنطبق مستنداً إلى تفسير يحترم التزامات لبنان بالمواثيق الدولية المختلفة. من هنا، فإن تفسيرات بعض القضاة الحقوقية مهمة جداً. كذلك في اليمن، خلال الأشهر القليلة الماضية، وثقنا بعض حالات اغتصاب الأطفال جنسياً من قبل أعضاء مليشيات. كنا على تواصل مع الأهالي من دون أي تحرك للنيابة العامة. لكن أخيراً، أعلن بدء تحقيق. لا نوثق أي انتهاك من دون أن نطالب بالمحاسبة.




4 - في البلدان التي تعاني من الحروب، ما هي الجهات التي تتعاملون معها؟

نتعامل مع جميع الأطراف. استناداً إلى تصنيف القانون الدولي الإنساني، إنّ أيّ طرف يشارك في نزاع ويسيطر على بقعة جغرافية، يصير مسؤولاً عن انتهاكات حقوق الإنسان أو أي جرائم حرب. وهذا مهم جداً. من هنا، فإن أية منظمة تعمل في مجال توثيق الانتهاكات ستتّهم بالانحياز. الأهم بالنسبة للمنظمة هو توثيق ما ترتكبه جميع الأطراف. وهذا لا يعني أن النتائج ستكون منصفة لأن المسألة ليست حسابيّة. كما أن بعض جرائم الحرب التي ترتكب من قبل أطراف معينة كالاختفاء القسري أو القتل أو التعذيب تبقى أقوى من انتهاكات حرية التعبير.

5 - بالنسبة إلى سورية، هل كان هناك توثيق لأية انتهاكات من قبل حزب الله اللبناني كطرف مشارك في القتال؟

لا أعتقد. في سورية، هناك أطراف كثيرة متداخلة. وحين نوثّق، ونركز على الطرف الذي يسيطر رسمياً على مكان الاعتقال أو ينفذ عمليات. وليس بالضرورة أن يشمل التوثيق الأطراف المشاركة في القتال أو التدريب أو المال أو الأسلحة. في اليمن مثلاً، وفي ما يتعلق ببيع الأسلحة، ركزنا على دور التحالف السعودي ــ الإماراتي ليس فقط بسبب الوضع الإنساني الكارثي وانتهاكات حقوق الإنسان، بل أيضاً بسبب مسؤولية الدول الغربية التي تبيع أسلحة للسعودية لأنها تستخدم في جرائم الحرب.
في التوثيق، نركز على المليشيات أو عناصر الجيش أو الأجهزة الأمنية المسيطرة، من دون التطرق إلى الأسماء أو الجنسيات أو غيرها. في النهاية، هذه مسؤولية الدولة.

6 - باعتبار أنه لا يمكن فصل السياسة كعنصر أساسي عن كل ما يحدث من انتهاكات، هل تعدون خريطة سياسية ترتبط بانتهاكات حقوق الإنسان؟

من المهم بالنسبة إلينا تحليل العلاقات السياسية المختلفة والدول الداعمة للأطراف المتنازعة. في سورية على سبيل المثال، يعد ملف الاختفاء القسري والاعتقالات أولوية. لذلك، كان من المهم جداً التحدث إلى الحكومتين الروسية والإيرانية، علماً أنه ما من ترحيب بنا. لكن هناك مسؤولية يتحملها كل من روسيا وإيران في ملف الاعتقالات والاختفاء القسري. لذلك، من المهم بالنسبة إلينا رسم خريطة الاعتقالات السياسية، من دون أن يعني ذلك إصدار تقارير غير موثقة. التوثيق بالنسبة إلينا فعل قانوني انطلاقاً من الالتزامات الدولية، يتطلب منا أن نجمع شهادات مختلفة وأدلة إضافية. أي شيء لا يمكن أن نوثقه، لا نصدره، وهذا ما يجعلنا مختلفين عن التحليلات السياسية. نركز فقط على التوثيق الحقوقي.



7 - هل الفصل صعب؟

بطبيعة الحال هو صعب جداً، لأنه ما من شيء غير سياسي. ولا أزعم عدم وجود علاقة بين العمل السياسي والحقوقي. لكن العمل الحقوقي أو ما نتكلم عنه هو ركن حقوق الإنسان. دورنا لا يتعلق باقتراح حلول سياسية. نتعامل مع حكومات دكتاتورية في العالم لأن الهدف هو الحد من الاعتقالات السياسية والاختفاء القسري. نعرف تخصصنا وتوصياتنا وشرعيتنا التي تنبع من قانون حقوق الإنسان الدولي.

8 - هل أنتم "مكروهون" من جميع الأطراف المتنازعة في الوقت الحالي؟

نعم. والسبب هو التقارير التي أصدرناها وتتضمن انتهاكات من قبل جميع الأطراف. اختلف الأمر عما كان عليه في عام 2011. في ذلك الوقت، كنا مكروهين من الأنظمة، لأننا دافعنا عن الحق في التظاهر. لكن ذلك يعتمد على سلمية التظاهرات. فحين يكون هناك عنف من قبل المتظاهرين، يتحول العمل الذي تجريه المنظمة إلى بحث حول تناسبية ردود الفعل بين الأمن والمتظاهرين، ولا ننفي أنه يحق للدولة اعتقال متظاهرين في حال ارتكابهم أعمالاً عنفية. وفي هذا الوقت مثلاً، نفقد تعاطف المتظاهرين. لكنّنا مقيدون بالقانون. كما أن إطار حقوق الإنسان إصلاحي وليس راديكالياً. لكنّ المتظاهرين يرون ذلك فعلاً ثورياً، وهناك اختلاف في ما يخص إطار حقوق الإنسان، لأنه مبني على احترام سلطة القانون. ولأن الحرب في سورية استمرت طويلاً، وزادت الانتهاكات، لا أعتقد أن أحداً راضٍ عن التقرير الذي أصدرناه، وهذا يعني أننا قمنا بواجبنا.

بصفة عامة، نُتهم بالانحياز، وهذه ردود منتظرة. لكن في ما يخص الحكومة السورية، لا نتوقع أن نزور سورية رسمياً مجدداً بسبب بعض التقارير منها المتعلق بسجن صيدنايا والقتل الجماعي. الجريمة الدولية تعني أن هناك مسؤولية جنائية لمن يأمر بها. وبعد صدور تقارير مماثلة، تصعب العودة إلى حوارات مباشرة.

9 - كيف تحمون العاملين مع المنظمة أو الأشخاص الذين يدلون بشهادات؟

السعودية قد تكون مثالاً. توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد صعب. وزادت الصعوبات خلال العامين الماضيين، وأكثر بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي. أصبح هناك خوف حقيقي من قبل الأفراد وعائلاتهم داخل البلاد من أية ردود فعل. ويتجلى ذلك في محاكمة لجين الهذلول وآخرين، في ظل الاتهامات بالتخابر. لدينا سياسة داخلية في هذا الإطار قائمة على طلب الموافقة، ولا نتحدث إلى أي مصدر من دون أن يعرف أننا ننتمي إلى المنظمة، ثم نتأكد من موافقته على كيفية استخدامنا المعلومات. قد نحصل على معلومات يرفض الضحايا نشرها أو نشر أسمائهم أو ما قد يدل على مكانهم. نشعر بالمسؤولية في حال حدوث ضرر بسبب عملنا. لذلك، نناقش كل المخاطر قبل أية خطوة. أما أولئك الذين يجمعون المعلومات، فيعملون بسرية ولا يعلنون عن انتمائهم إلى المنظمة.




10 - ما هي الدول التي لا يمكنكم العمل فيها؟

كثيرة، منها السعودية وسورية والمغرب. واللافت أن بعض الدول لا ترد على طلباتنا لزيارتها، مثل الجزائر ومصر والإمارات. قطر تدعونا إلى المشاركة في المؤتمرات. يمكننا العمل في الكويت لكننا نركز على السعودية والبحرين. ودولياً، الصين تمنع وجودنا. في روسيا، الوضع صعب، لكن يوجد لدينا مكتب صغير. كذلك الأمر في الهند.

11 - هل زادت الصعوبات في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة؟

الأمر يختلف بحسب الظروف السياسية. على سبيل المثال، المرة الأولى التي زارت فيها المنظمة ليبيا كانت في عام 2005، ثم منعت في عام 2009. وفي عام 2011، تحسن الأمر. في مصر، كانت لنا زيارات حقوقية خلال عهد حسني مبارك. لكن بعد عام 2011، اتخذت البلاد إجراءات استباقية عدة. وخلال عامي 2013 و2014، عادت إلى التضييق. أما السعودية، فزرناها مرة واحدة مستفيدين من لحظات سياسية معينة تسمح فيها الحكومة للمنظمات الحقوقية بزيارتها، رغبة منها في إظهار الانفتاح.

12 - ما هي البلدان التي تشهد أكبر قدر من الانتهاكات؟

سورية واليمن بسبب حجم الأزمة الإنسانية وإرث الانتهاكات التي حصلت خلال السنوات الست الماضية. في سورية، ملف الاختفاء القسري، وإن تم تأكيد وفاة بعض المختفين، إلا أن العائلات تعيش في انتظارهم. وهذا انتهاك مستمر إلى حين إعلان الوفاة أو إطلاق سراحهم. تضاف إلى ما سبق أزمة اللاجئين وضمان عودة آمنة إلى سورية. الأزمة الإنسانية في اليمن كبيرة جداً، في ظل استمرار دعم التحالف الذي تقوده السعودية. المسألة في البلدين معقدة في ظل الحسابات السياسية الدولية. لسخرية القدر، كان لجريمة مقتل خاشقجي تأثير على الملف اليمني، إذ زادت الضغوط على السعودية واتخذ كل من الدنمارك وفنلندا والنرويج قرار تعليق بيع الأسلحة إليها.



13 - في الملف اليمني، هل يتحمل التحالف مسؤوليّة أكبر عن الانتهاكات؟ على الأقل، هذا ما يلاحظ من تصريحات المنظمة التي كثيراً ما تتحدث عن التحالف...

التحليل لا يكون بهذه الطريقة. قبل فترة، أطلقنا حملة ضد بيع الأسلحة التي تستخدم في جرائم الحرب. ولدينا أمل في أن نتمكن من الحد من بيع الأسلحة للسعودية والإمارات. لكن هذا لا يعني تحميل المسؤولية لطرف دون آخر. لدينا تقارير تسلط الضوء على انتهاكات الحوثيين لناحية الاختفاء القسري والاعتقالات وغيرها.

14 - كيف تقيّمون الوضع في مصر في الوقت الحالي؟ وماذا يمكن للمنظمة أن تفعل؟

وضع حقوق الإنسان في مصر حالياً من الأسوأ مقارنةً بعشرات السنين الماضية. منظمات حقوق الإنسان كانت قادرة على العمل خلال فترة حكم حسني مبارك، وإن كان هناك تضييق. الأمر نفسه ينسحب على النقابات. اليوم، زاد عدد سجناء الرأي وكيفية التعامل مع المعارضين، إضافة إلى المحاكمات السياسية الناتجة من كتابة أي موقف على فيسبوك. لا توجد أية مساحة للمعارضة، ما يؤثر على عمل الصحافة والمجتمع المدني، وزيادة نسبة الخوف. أهم شيء في الوقت الحالي هو التوثيق. في الوقت الحالي، هناك دعم غربي غير مشروط للسيسي. طالما أنه لا يزال يشعر بهذا الدعم، لن يغيّر سياسته في ملف حقوق الإنسان.

15 - هل يتحرك المجتمع الدولي بجدية في سبيل ملف حقوق الإنسان؟

ما فعلته فنلندا والدنمارك والنرويج لناحية تعليق بيع الأسلحة إلى السعودية كان إيجابياً إلى درجة كبيرة. في كثير من الأحيان، نلاحظ أن الدول الاسكندنافية التي ليست لها حسابات سياسية معقدة تقود سياسة خارجية مناصرة لحقوق الإنسان. أما في ما يتعلق بالولايات المتحدة، فنوثّق انتهاكات تقوم بها محلياً وخارجياً، على غرار الرقة في سورية. وأصدرنا تقارير مطالبين إياها بالمحاسبة نتيجة الانتهاكات. خلال لحظات معينة، كانت الولايات المتحدة تلعب دوراً مهماً في ما يتعلق بحقوق الإنسان. لكن خلال رئاسة دونالد ترامب، تراجع الاهتمام بحقوق الإنسان.




16 - كيف تقيّمين أوضاع حقوق الإنسان في الشرق الأوسط في الوقت الحالي؟

المنطقة في لحظة صعبة. ما زلنا نعاني من ردود فعل قمعية نتيجة ما حدث في عام 2011، سواء تظاهرات الربيع العربي أو المطالبات بالتغيير، إضافة إلى الحروب والنزاعات. لا أعتقد أننا سنرى أي تحسن خلال العامين المقبلين. ما حدث في عام 2011 كان طبيعياً من قبل شباب لديهم توقعات من حكوماتهم تختلف عن الستينيات والسبعينيات. المطالبات الشعبية ما زالت موجودة لكن أسكتت أصوات الشباب. الشيء الوحيد الذي قد يجلب الاستقرار إلى منطقتنا هو أن تبدأ الحكومات في احترام الحقوق السياسية والاستماع إلى المطالب الاجتماعية والاقتصادية.