الشارع العراقي الذي يحثّ الخطى نحو استغلال أي مناسبة ممكنة للاحتفال والفرح للخروج من حالة العنف والسياسة المفرغة التي تدور بها البلاد منذ نحو 16 عاما، تفاعل هذا العام مع المناسبتين، وبدا ذلك واضحا في الأسواق والحدائق والمناطق العامة ببغداد وعدد من المدن، وهو ما دفع الحكومة إلى إعلان اليوم الخميس عطلة رسمية.
وتقول سرى حازم (26 عامًا)، لـ"العربي الجديد": "منذ نحو ثلاث سنوات بدأت بتقديم الهدايا لوالدتي أسوة بباقي الأصدقاء، إذ نقوم بشراء هدايا رمزية أو مصوغات ذهبية كل حسب إمكانياته المادية لنقدمها لأمهاتنا بمناسبة عيد الأم، والبعض يقوم بعمل مقطع مونتاج لأغان عن الأم وإرسالها لها عبر حسابها أو نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعبيرا عن امتناننا كأبناء لأمهاتنا اللاتي قدمن لنا الكثير".
وتضيف الشابة، "عيد الأم يمثل فرصة لتكريم الأمهات خاصة في العراق، إذ عانت الأم العراقية أكثر من نظيراتها في الدول الأخرى، ومثل هذه المناسبة تدخل الفرح إلى قلبها، واهتمام الأبناء يتحول إلى مصدر سعادة كبيرة لجميع الأمهات".
من جانبه، أكد الطالب الجامعي كيلان علي، أنّ الأم العراقية تختلف كثيرا عن باقي الأمهات في العالم أجمع، فمنذ أكثر من 40 عامًا وهي تعيش مختلف أنواع الأسى نتيجة الحروب الَتي مرت بها بلادنا، فهي المعيل لأسرتها وأبنائها بعد أن فقدت الأب والزوج والأخ والابن"، مشيرا إلى إنّ لكل أم فاجعة وحكاية مؤلمة وهذا ما يجعلها وريثة للحزن والألم؛ حتى أن الكثير منهن في يوم عيد الأم لا يسعهن إلا أن يتذكرن أبناءهن الذين قتلوا ولم يتسنَّ لهم الاحتفاء بأمهاتهم أو البقاء إلى جانبهن كما كن يتمنين.
وأوضح علي لـ"العربي الجديد"، أنّ الإقبال على شراء الهدايا يزداد سنويا، "حتى أني أحرص في كل عام على تقديم الهدايا لوالدتي وخالاتي لأن الخالة كالأم، وأيضا لوالدة صديق لي كان قد قتل في انفجار سيارة ملغومة قبل عدة سنوات، في محاولة لإسعادها كما لو كان ابنها حيا فلن يتوانى عن الاحتفال بها بهذه المناسبة.
الاحتفالات بعيد الأمّ تواكبها رحلات إلى الطبيعة تبدأ خلال موسم الربيع، إذ تحرص الكثير من العائلات على الخروج في هذه النزهات للاحتفاء بالنوروز بين أحضان الطبيعة خاصة في المناطق الَتي تكثر فيها الأشجار والمياه، بحسب ما يقول أبو آمنة لـ"العربي الجديد".
ويتابع أبو آمنة الذي يسكن في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد، أن استغلال مثل هذه المناسبات للتنزه من قبل العائلات، هو أيضا فرصة للباعة المتجولين وأصحاب المتاجر القريبة من أماكن الاحتفال، كمنطقة الصدور السياحي الواقعة في بلدة المقدادية الّتي كان يقصدها الكثير من السياح في مثل هذا اليوم للاستمتاع بالمناظر الطبيعية من التلال والبساتين وسد الصدور ومياه النهر ما يجعل الكثير من الباعة المتجولين ينتشرون في تلك المنطقة لبيع المشروبات الغازية والحلويات ومختلف الأطعمة، كما يغتنم أصحاب البساتين الفرصة لبيع ثمار بساتينهم وبأسعار أعلى من الأيام العادية وقد أخذت المنطقة تستعيد عافيتها مطلع هذا العام بعد أن هجرها ونزح عنها سكانها منتصف عام 2014 وبدؤوا الآن يعودون إليها ويعيدون زراعة بساتينهم الَتي أحرقت خلال الأعوام السابقة.
وفي 21 مارس/آذار من كل عام، يحتفل أكراد العراق بالنوروز، كما يحتفل الكثير من العراقيين بهذه المناسبة وتمنح الحكومة العراقية عطلة رسمية ليوم أو أكثر بحسب الحكومات المحلية لبعض المحافظات ومنها شمال العراق، إذ تمنح عطلة لمدة ثلاثة أيام للاحتفال بهذه المناسبة، ويعتبر يوم النوروز الحد الفاصل بين الشتاء والربيع هو يوم مميز تحتفل به بعض الشعوب على مختلف مسمياته ومنها يوم نوروز، والّذي يعني يوما جديدا.