نيوزيلندا تبدأ تشييع الضحايا...أذان ودقيقتا صمت يوم الجمعة ونصب تذكاري وطني

20 مارس 2019
تشييع 6 من ضحايا مذبحة المسجدين (كارل كورت/Getty)
+ الخط -
بدأت مراسم تشييع ضحايا مذبحة المسجدين في مدينة كريس تشيرش النيوزيلندية اليوم الأربعاء، كما أعلنت رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن، رفع الأذان والوقوف دقيقتيْ صمت يوم الجمعة المقبل، في ذكرى مرور أسبوع على المذبحة المروعة، وإقامة حفل تأبين للضحايا الخمسين، مؤكدة أن نصباً تذكارياً وطنياً سيقام تخليداً لذكراهم.

وجاء ذلك خلال زيارة أردرن اليوم الأربعاء، إلى مدينة كرايس تشيرتش التي شهدت، الهجوم الإرهابي الدامي يوم الجمعة الماضي وإلى مدرستها، وسط معطيات أكدت أن 21 ضحية تم التعرف على هوياتها، وأن التحقيق بالمذبحة تحول إلى تحقيق دولي تشارك به أكثر من دولة.

تشييع 6 جثامين والحراسة مشددة

حمل مشيعون جثامين ضحايا سقطوا في الهجوم المسلح على المسجدين في نعوش مفتوحة وتوجهوا إلى مقبرة ميموريال بارك في مدينة كرايست تشيرش اليوم الأربعاء لإجراء أول مراسم دفن لضحايا من بين 50 شخصا قتلوا في الهجوم.

وقال جولشاد علي الذي جاء من أوكلاند للمشاركة في الجنازة الأولى "رؤية الجثمان وهو يوارى الثرى من اللحظات المؤثرة للغاية بالنسبة لي". وتجمع مئات الرجال والنساء لحضور مراسم الدفن. ومعظم الضحايا من المهاجرين أو اللاجئين من بلدان مثل باكستان والهند وماليزيا وإندونيسيا وتركيا والصومال وأفغانستان وبنغلادش وأكثر من دولة عربية، وكان أصغرهم طفلاً في الثالثة من العمر وُلد في نيوزيلندا لأبوين مهاجرين من الصومال.

وكان أب سوري يدعى خالد وابنه حمزة أول المدفونين. وقالت رئيسة الوزراء جاسيندا أردرن، التي تزور المدينة لثاني مرة منذ الهجوم "لا أستطيع أن أخبركم بمدى ألمي... أسرة تأتي إلى هنا طلباً للأمان وكان ينبغي أن يكونوا في مأمن هنا".

وجرت مراسم الدفن تحت حراسة أمنية مشددة. ودُفن ستة من الضحايا اليوم الأربعاء ومن المتوقع دفن المزيد خلال الأسبوع.

ويجرى ترميم مسجد النور استعدادا لصلاة الجمعة المقبلة بعد أن خلف الرصاص آثارا على جدرانه وشهد سقوط أكثر من 40 قتيلا. وعلى مقربة من المسجد، أدى بعض السكان الأصليين رقصة الهاكا التقليدية المحلية وتجمع حشد من الناس ورددوا النشيد الوطني لنيوزيلندا وقت غروب الشمس.

مجلس الأئمة الوطني في أستراليا

ودعا مجلس الأئمة الوطني في أستراليا أئمة المساجد إلى تخصيص خطبة الجمعة المقبلة لحادث إطلاق النار في كرايس تشيرش.

وقال المجلس في بيان "الاعتداء على أي مسلم أو أي شخص بريء في أي مكان في أنحاء العالم هو اعتداء على جميع المسلمين وجميع الشعوب". وأضاف "إنها مأساة إنسانية وعالمية وليست فقط إسلامية ونيوزيلندية".

التحقق من هويات الضحايا

وأفادت الشرطة بأنه جرى التعرف على هوية 21 ضحية حتى مساء أمس الثلاثاء ومن المتوقع استكمال التعرف على بقية الضحايا اليوم الأربعاء قبل تسليم الجثث لدفنها. ويشعر أقارب الضحايا بالإحباط من تأجيل الدفن الذي عادة ما يتم خلال 24 ساعة وفقا للشريعة الإسلامية. وقال بوش إنه يتعين على الشرطة إثبات سبب الوفاة تلبية لطلب الطبيب الشرعي والقاضي الذي ينظر القضية. وأضاف "لا تستطيع إدانة القاتل دون سبب الوفاة. لذلك فهذه عملية شاملة للغاية يتعين إتمامها وفق أعلى المعايير".




تأبين وصلاة وطنية ونصب تذكاري

نقلت صحيفة "نيوزيلاند هيرالد" المحلية عن رئيسة الوزراء قولها: "سنقف دقيقتي صمت يوم الجمعة"، في ذكرى مرور أسبوع على المجزرة. وأضافت: "كما سنبث الأذان على نطاق البلاد عبر التلفزيون والإذاعة الوطنيين".

وذكرت الصحيفة أنه تم اختيار الوقوف دقيقتي صمت بدلاً من دقيقة واحدة كالمعتاد، بسبب حجم المأساة.

وقالت أردرن، في مقابلة خاصة مع "الجزيرة"، إن مذبحة "كرايس تشيرتش"هي عمل "إرهابي" فردي وصادم، استهدف مجموعة من الأشخاص تجمعوا للصلاة في مكان آمن، مبينة أن الأيديولوجية التي حملها منفذ الهجوم أيديولوجية مدانة ومرفوضة. وأضافت أردرن إنها تعمل منذ اللحظة الأولى للمذبحة على توفير بيئة آمنة للمسلمين في مساجد نيوزيلندا.

وبخصوص إعادة جثامين قتلى المجزرة، أوضحت أردرن أن الأمر يمثل أولوية للسلطات، مضيفة "ندرك تعاليم الدين الإسلامي بخصوص عملية دفن الجثامين، ونعمل مع قادة الجالية الإسلامية لاحترام رغبات أهالي الضحايا".


وذكرت أن وسائل الإعلام في بلادها ستبث مباشرة الأذان يوم الجمعة المقبل بعد أسبوع من المجزرة، كما ستكون هناك وقفة صمت لمدة دقيقتين، وبعد ذلك سيقام حفل تأبين يتوقع أن يشارك فيه قادة من دول العالم.

واعترفت أردرن بأن هناك أقلية في نيوزيلندا تتشارك أيديولوجية منفذ المجزرة نفسها رغم أنه مواطن أسترالي، مشددة على أن السلطات ستتحمل مسؤوليتها لحفظ سمعة نيوزيلندا بصفتها أمة مسالمة جامعة لكل الفئات.

وأوضحت أنها أطلقت وصف "الإرهابي" على المهاجم منذ اللحظة الأولى، لأن ما قام به عمل "إرهابي" مباشر متعمد على المسلمين في البلاد، وهو الوصف المناسب لما حدث، مشيرة إلى أن حكومتها ستعدل قوانين حيازة السلاح لأن هناك ثغرات فيها استُغلت لتنفيذ مجزرة المسجدين، وأضافت أن من يملكون الأسلحة لأغراض شرعية في نيوزيلندا سيدعمون تعديل هذه القوانين.


في مدرسة كشمير في كريس تشيرش

ونقلت الصحافة المحلية وقائع زيارة أردرن إلى مدرسة كشمير في مدينة كريس تشيرش، والتي فقدت اثنين من طلابها في المذبحة وهما سيد ميلن وحمزة مصطفى، فضلاً عن خالد والد حمزة وطالب سابق من طلبتها يدعى طارق عمر، وذلك بحضور الهيئة التعليمية ونحو 200 طالب.

وذكرت صحيفة "نيوز ناو" أن رئيسة الوزراء أجابت عن أسئلة الطلاب عن الأمن، ووسائل التواصل الاجتماعي، والصحة العقلية، والتهم الموجهة للقاتل، وتأثيرات المذبحة على المستوى الأمني لنيوزيلندا وعلى قوانين السفر والتسلح، والتداعيات المحتملة بعد الهجوم الإرهابي.

ورداً على الأسئلة قالت للطلاب: "الشعور بالأمان يعني الشعور بالأمان من العنف، ويعني أيضًا تهيئة مكان لا توجد فيه بيئة يمكن أن يزدهر فيها العنف، مكان لا عنصرية فيه لأن العنصرية تولد التطرف".


وأضافت: "أنا وحدي لا أستطيع تحقيق هذه الأمور، أحتاج إلى مساعدة من كل واحد منا. إذا أردنا أن نشعر بأننا نفعل شيئًا لإحداث فرق، أظهروا الحب، اجتمعوا، ولتكن تلك رسالتكم، لنعتنِ بعضنا ببعض". واعتبرت أن "جعل نيوزيلندا مكانًا فيه تسامح وليس العنصرية. هذا شيء يمكننا القيام به جميعًا".

وطلبت أردرن من الطلاب تكريم ضحايا يوم الجمعة الماضي. وقالت: "نعم، سيكون هناك محاكمة للإرهابي الذي نفذ الجريمة. لا تقولوا اسمه. لا تتحدثوا عن سيرته ومن هو". وتابعت "أنتم تعرفون بعض الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم يوم الجمعة، إنها أسماؤهم وقصصهم التي نحتاج أن نرويها".

كما أثنت على الطلاب لاستخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي "من أجل الخير". لكنها انتقدت منصات التواصل الاجتماعي التي سمحت ببث لحظات الهجوم الإرهابي، قائلة: "هناك حاجة إلى مزيد من المسؤولية من المنصات التي تمكن من نشر أفكار ولغة الانقسام والكراهية".

وأضافت "أعرف أننا كنيوزيلنديين، نريد على الفور أن نفعل شيئًا لدعم أولئك الذين تأثروا، لنشعر بأننا نساهم في إحداث الفرق". وتابعت "لهذا السبب ترى مئات ومئات الرسائل والزهور خارج المساجد. لهذا السبب ترى أن مدرستك تقدم الكعك والشاي صباحاً لدعم الطلاب المتأثرين، لأن هذا هو ما نفعله. هذا ما نحن عليه. عندما نرى من يحتاجنا، نحاول أن نلبي".

كما تحدثت إلى الطلاب حول "الثغرات" في قوانين الأسلحة في نيوزيلندا، والنوايا التي كان على الحكومة إصلاحها. وأكدت أنه ستتم إقامة نصب تذكاري وطني، لكنها قالت إن المزيد من التفاصيل سيأتي لاحقاً.

تحقيق دولي

وقال قائد الشرطة النيوزيلندية إن أجهزة مخابرات عالمية، بما في ذلك مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي وأجهزة من أستراليا وكندا وبريطانيا، تعد ملفا عن المهاجم المزعوم. وقال مفوض الشرطة مايك بوش في إفادة إعلامية في العاصمة ولنغتون "أستطيع أن أؤكد لكم أن هذا تحقيق دولي".

وتم توجيه تهمة القتل إلى الأسترالي برينتون تارانت (28 عاما)، المشتبه بكونه من المتطرفين المعتقدين بتميز العرق الأبيض وكان يقطن في ديوندين في ساوث أيلاند. وأمرت السلطات بحبسه على ذمة القضية ومن المقرر أن يعود للمثول أمام المحكمة في الخامس من إبريل/ نيسان حيث قالت الشرطة إنه سيواجه المزيد من الاتهامات على الأرجح.

ولا يزال 29 شخصا أصيبوا في الهجومين بالمستشفى، بينهم ثمانية في وحدة العناية المركزة. وتعين إجراء عدة عمليات جراحية للبعض بسبب إصاباتهم المعقدة.