100 ألف تلميذ تونسي انقطعوا عن الدراسة في 2018

01 مارس 2019
ظاهرة التسرب المدرسي تؤرق تونس (Getty)
+ الخط -
أعلن وزير التعليم التونسي، حاتم بن سالم، خلال جلسة مساءلة في البرلمان، مساء أمس الخميس، أنّ عدد التلاميذ المنقطعين عن التعليم يناهز 280 تلميذا في اليوم الواحد، مشيراً إلى أنّ الوزارة سجّلت غياب أكثر من 100 ألف تلميذ عن مقاعد الدراسة خلال العام 2018.


وأضاف الوزير أمام أعضاء لجنة شؤون المرأة والأسرة والطفولة، أنّ تونس شهدت مغادرة أكثر من 526 ألف تلميذ المدرسة خلال الخمس سنوات الماضية، لافتا إلى أن هذه الحصيلة كارثية ومعضلة حقيقية تحتاج تعاضد جميع مؤسسات الدولة وهياكلها لمجابهتها.

وقال وزير التعليم إنّ أكثر نسب من الانقطاع المدرسي سجّلت بالنسبة لمرحلة التعليم الابتدائي في السنة الرابعة والخامسة والسادسة من المرحلة الأساسية، فيما تتوزع نسب المنقطعين بين السنة الثالثة ابتدائي إلى غاية البكالوريا، مبينا أن الدراسة سجلت ذروة الانقطاع لدى تلاميذ السنة السابعة من التعليم الإعدادي بنسبة 41 بالمائة من جملة المنقطعين، في وقت بلغت نسب  مغادري مقاعد الدراسة من السنة الأولى ثانوي قرابة 49 بالمائة.

وبيّن بن سالم أن ظاهرة الانقطاع عن التعليم تمس أساسا الذكور وتكبد الدولة 1135 مليون دينار، أي ما يمثل نسبة 20 بالمائة من ميزانية وزارة التربية، وتستوجب ضبط استراتيجية وطنية شمولية لمقاومتها.

ودقّ الوزير ناقوس الخطر بسبب ارتفاع عدد المغادرين لمقاعد الدراسة وعجز الوزارة بمفردها عن مجابهة هذه الظاهرة، إلى جانب غياب أي وسيلة لمتابعة المنقطعين، مشيرا إلى عدم وجود تنسيق بين وزارة التكوين المهني والتشغيل وبالخصوص منذ فصل الوزارتين عن بعضهما.

وأضاف بن سالم، أن المنقطعين عن الدراسة أصبحوا يمثلون خطرا كبيرا على المجتمع التونسي ونقطة استفهام كبيرة بسبب التسكع في محيط المدارس واستهلاكهم المخدرات وترويجها، إلى جانب عزوفهم عن الالتحاق بمؤسسات التكوين المهني.

وتحدث الوزير عن الحلول المتاحة من خلال برنامج "مدرسة الفرصة الثانية" الذي تمت تجربته في عدد من الدول الأخرى، مشيرا إلى أنه يمثل حلا من الحلول وقد تأخرت تونس في إرسائه، وعلل الوزير التأخير في إرساء هذه المدارس إلى ما جابهته خلال الأشهر الأخيرة من إضرابات وتعليق للدروس ورفض تسليم الأعداد والمفاوضات...

وبين بن سالم أنه سيتم افتتاح مدرسة نموذجية في إطار برنامج مدرسة الفرصة الثانية خلال سبتمبر/أيلول المقبل، إذ شرعت السلطات في تهيئة مدرسة مثالية في منطقة حي الخضراء شمال العاصمة، مشيرا إلى أنه تم اختيار منطقة شعبية كثيفة السكان، إذ يكثر الانقطاع المدرسي لتفرض إشعاعها في محيطها ثم سيتم تعميم التجربة على محافظات أخرى.

وبين الوزير أن مدرسة الفرصة الأخرى ليست مؤسسات تعليمية موازية بل هي مدرسة نموذجية تم إحداثها في إطار استراتيجية مجابهة الانقطاع المدرسي، مشيرا إلى أنها مخالفة للتجربة السابقة التي باءت بالفشل في إطار برنامج "المدرسة تستعيد أبناءها".

وبخصوص إشكالية الأقسام التحضيرية التي أثارها النواب، أفاد الوزير التونسي بأن 88 بالمائة من التلاميذ بالسنة الأولى ابتدائي قد مروا بالأقسام التحضيرية، و12 بالمائة لم يمروا بها نتيجة لتوزع الأقسام التحضيرية بالمناطق الداخلية النائية والريفية البعيدة الموجودة في ظروف طبيعية صعبة وفي قرى تعرف تشتتا سكانيا كبيرا.

ولفت الوزير إلى أن وزارة التعليم تتعهد بـ36 بالمائة من الأقسام التحضيرية، فيما تحظى وزارة شؤون المرأة والطفولة والأسرة بالنصيب الأكبر بما يقارب 46 بالمائة من الأقسام التحضيرية في إطار رياض الأطفال، فيما يلتحق البقية بالكتاتيب التابعة لوزارة الشؤون الدينية بما يترجم تشتت المرحلة التحضيرية بين أكثر من وزارة.

وشدد وزير التعليم على أن الرهان الرئيسي في هذا الشأن يفرض منهاجا خاصا بالأقسام التحضيرية يعمم على كافة المتدخلين، والقيام بتكوين خاص لكل المربين الذين سيشرفون على هذه الأقسام، مشيرا إلى أن الوزارة بصدد إحداث 30 قسما تحضيريا للسنة الدراسية القادمة ضمن منهاج واحد، تحت مسؤولية إطارات وزارة التعليم.

وحول التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخصوصية والمصابين بالتوحد، لفت الوزير إلى غياب مقاربة شاملة للتعامل مع هذه الفئة التي كان في السابق يتم التعامل معها بشكل موسمي وظرفي ومناسبتي، ولذلك كان تأثير تدخلات الدولة المنجزة سابقا محدودا.

وبين الوزير أن الحكومة رفضت خيار فصل ذوي الاحتياجات الخصوصية من منظومة التعليم وهو معتمد في دول أخرى على غرار اليابان، وتمسكت بخيار الدمج والتعامل معهم كأشخاص طبيعيين لكن بتوفير إحاطة خاصة.

ولفت بن سالم إلى أن الوزارة تتعامل مع أطفال التوحد ليس على أساس أنهم مرضى، بل في إطار الإحاطة بتلاميذ يعانون من اضطرابات وهو ما يفرض حاجة لانتداب مختصين نفسيين.

وبين أنه كان هناك 23 مختصا نفسيا واليوم بلغ عددهم 63 في إطار استراتيجية الوزارة للإحاطة هذه الفئة، وقد طالبت رئاسة الحكومة بانتداب 76 مختصا نفسيا آخرين لتوفير الإحاطة اللازمة وبعث هيكل رسمي مكلف بمتابعتهم.

وتطرق البرلمانيون من مختلف الكتل في تدخلاتهم لمواضيع تعميم السنوات التحضيرية على المدارس الابتدائية ونظام ومراكز تكوين الأطفال المصابين بمرض التوحّد، واستفحال ظاهرة الانقطاع المدرسي، ودعوا إلى ضرورة وضع حلول عملية وناجعة واقتراح مقاربة متكاملة  وإلى مزيد التنسيق بين مختلف هياكل الدولة والوزارات المعنية بهذه الملفات المترابطة.

المساهمون