خوف من شيخوخة تركيا

28 فبراير 2019
مسنّ في تركيا (مصطفى سيفتسي/الأناضول)
+ الخط -
ارتفع عدد سكّان تركيا في عام 2018 بنسبة فاقت 14 بالألف. واستناداً إلى هذا الرقم، وارتفاع عدد كبار السن إلى أكثر من ستة ملايين تركي، يشير مراقبون إلى تغيّر في الهرم السكاني. ويطرحون تساؤلات من قبيل: "هل تركيا مستعدة لهذا الرقم كما يجب، لناحية التأمين الصحي والرعاية الاجتماعية ورواتب التقاعد؟". يشار إلى أن تركيا لم تُصنّف بعد دولة عجوزاً بحسب المعايير الدولية.

ويُعتقد أنّ تركيا ستعرف الشيخوخة في عام 2023، بعد أن تصل نسبة المسنّين إلى 10 في المائة، (أي 8 ملايين و600 ألف عجوز). ويُتوقع، بحسب مصادر رسمية، أن يصل هذا الرقم إلى 19.5 مليون نسمة في عام 2050. وأصدرت مؤسسة الإحصاء التركي، في الأول من فبراير/شباط، إحصاء سكانياً جديداً في تركيا، قالت خلاله إن إجمالي عدد السكان بلغ 82 مليونا و3 آلاف و882 نسمة، خلال عام 2018، بزيادة مليون و193 ألفا و357، بالمقارنة مع عام 2017، الذي بلغ خلاله عدد سكان تركيا 80 مليوناً و810 آلاف و525 نسمة.

وبحسب المؤسسة التركية الرسمية، بلغت نسبة الذكور 50.2 في المائة (41 مليونا و139 ألفا و980)، والإناث 49.8 في المائة (40 مليونا و863 ألفا و902). كما زاد معدل النمو السنوي للسكان في تركيا من 12.4 في الألف في عام 2017 إلى 14.7 في الألف في عام 2018.

ولا يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة ابن خلدون في إسطنبول، رجب شان تورك، أي خطورة ناتجة عن ارتفاع عدد السكان، لأن بلاده تتمتع بثروات اقتصادية، ما يجعل الزيادة عامل قوة وليس ضعفاً. يضيف أن "الزيادة تعكس حيوية في المجتمع التركي، لأن المجتمع الأوروبي يعاني بسبب تراجع عدد السكان، ما يسبّب مشاكل اقتصادية وتعليمية واجتماعية، جعلت بعض الدول تستقبل شباباً من جنسيات أخرى".

وحول مخاطر ارتفاع نسبة كبار السن، وتحوّل تركيا إلى دولة عجوز، يقول الأكاديمي التركي لـ "العربي الجديد" إنّ "تركيا ليست دولة عجوزا. كما أن نظام الصحة والرعاية الاجتماعية يطيل عمر الأتراك"، معتبراً أن "الخوف من تحوّل تركيا إلى دولة عجوز غير منطقي، لأن نسبة الولادات بدأت ترتفع بعد خطوات الحكومة التشجيعية للزواج والإنجاب، وتقديم القروض والهدايا، الأمر الذي يقلل من احتمال شيخوخة تركيا".



وبحسب إحصائيات رسمية، تصل نسبة المسنين في تركيا (فوق 65 عاماً) إلى 8.5 بالمائة من إجمالي عدد السكان، أي نحو 6 ملايين و895 ألفاً و385 مسناً، ما يفوق عدد سكان 62 دولة، من بينها سنغافورة والدنمارك والنرويج وإيرلندا وفنلندا وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول. وتشير الإحصائيات التركية إلى أن عدد المسنين في العالم بلغ 657 مليوناً و257 ألفاً و923 مسناً، ويشكّل ما نسبته 8.9 من إجمالي سكان العالم البالغ 7 مليارات و405 ملايين و107 آلاف و650 نسمة. وتبين احتمال وصول نسبة المسنين في تركيا إلى 10.2 في المائة من إجمالي عدد سكّان البلاد بحلول عام 2023.

تضيف أن موناكو تُعد الدولة الأكثر شيخوخة، إذ بلغت نسبة كبار السن فيها نحو 32.2 في المائة من إجمالي عدد السكّان، تليها اليابان بـ 27.9 في المائة، ثم ألمانيا التي سجّلت 22.1 في المائة، في حين تحتل تركيا المرتبة السادسة والستين من بين 167 دولة حول العالم، لناحية نسبة كبار السن.

ويقول الباحث التركي شوكت أقصوي، لـ "العربي الجديد": "التخويف من تحوّل تركيا إلى دولة عجوز مبالغ فيه. لكن في الوقت نفسه، لا يجب الاستهتار بالتحضير للتغيّر في عمر الأتراك، بعد الارتفاع في أعمار الوفيات من 65 إلى 75 عاماً، في ظل الغذاء الجيد والرعاية الصحية. ومع تراجع نسبة الإنجاب، قد تتحول تركيا إلى دولة عجوز". ويلفت إلى أن بلاده رفعت سن التقاعد من 60 إلى 65 سنة، موضحاً أن العائلات في تركيا ما زالت شرقية وتفضل الإنجاب. إلا أن ارتفاع تكاليف الحياة وزيادة الهجرة من الريف إلى المدينة ساهم في انخفاض معدل الولادات، الأمر الذي تسعى الحكومة إلى حله من خلال القروض والمنح والهدايا وتشجيع الزواج والإنجاب.

وكان معهد الإحصاء التركي "توك" قد توقع أن يصل التعداد السكاني إلى 86.9 مليون شخص في عام 2023، و100.3 مليون نسمة في عام 2040، استناداً إلى توقعات نظام تسجيل عناوين السكان في عام 2017.

ووفقاً للتوقعات، سيستمر عدد السكان في الزيادة حتى عام 2069، ليصل إلى 107.7 ملايين نسمة. لكن التوقعات تشير أيضاً إلى أن عدد السكان سينخفض بعدها، ومن المحتمل أن يصبح 107.1 ملايين نسمة عام 2080.



وبحسب معهد الإحصاء التركي، ففي وقت تشير التوقعات إلى زيادة عدد السكان في 68 ولاية، سينخفض عدد السكان في 13 ولاية في عام 2023، بالمقارنة مع عام 2017. لكنّ ترتيب المدن الخمس الأولى لناحية التعداد السكاني لن يتغير في تلك الفترة.

على هذا المنوال، فإن إسطنبول ستبقى الأولى على قائمة المدن الأكثر ازدحاماً بالسكان، وسيبلغ العدد 16.3 مليون نسمة، تتبعها العاصمة أنقرة بـ 6.1 ملايين نسمة، ثم ولاية إزمير على بحر إيجة بـ 4.6 ملايين نسمة، تليها بورصة على بحر مرمرة بـ 3.2 ملايين نسمة، وفي المركز الخامس ولاية أنطاليا على البحر المتوسط بتعداد سكاني يصل إلى 2.7 مليون نسمة في عام 2023.

وذكرت التوقعات أن العمر المتوقع عند الولادة سيزداد، إضافة إلى استمرار ارتفاع نسبة الشيخوخة في تركيا. ويعدّ هذا المقياس مؤشراً هاماً لهرم الأعمار في البلاد. في هذا السياق، تشير التوقعات إلى أن متوسط الأعمار للسكان سيبلغ 32 في عام 2018، و33.5 في عام 2023، و38.5 في عام 2040، و42.3 في عام 2060، و45 في عام 2080.
وبحسب التوقعات، فإنّ نسبة السكان المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاما يشكلون العام الجاري 8.7 في المائة، وسيشكلون 10.2 في المائة عام 2023، و16.3 في المائة عام 2040، و22.6 في المائة عام 2060، و25.6 في المائة عام 2080.