البرلمان المصري يمهد لإخلاء نزلة السمان: مرتع للبلطجة والتحرش

24 فبراير 2019
اتهمت عجمي الجمالين والخيالة بالسلوك غير اللائق (فرانس برس)
+ الخط -
تقدمت البرلمانية المصرية غادة عجمي، الأحد، بطلب إحاطة موجه إلى وزير الآثار خالد العناني، ووزيرة السياحة رانيا المشاط، قالت فيه إنّ "منطقة الأهرامات الأثرية تشهد حالة من الإهمال الملحوظ، والسلوك غير اللائق، والذي من شأنه إثارة الذعر والريبة في نفس الزائر، سواء كان مصرياً أو أجنبياً"، معتبرة أنّ "المنطقة أصبحت مرتعاً لأعمال البلطجة والتحرش، نتيجة عدم تدخل أفراد الأمن رغم وجودهم".

وأضافت عجمي، في طلبها، أنّ "منطقة الأهرامات تعد من أبرز المزارات السياحية في البلاد، وعلى ذلك تحولت إلى مكان يؤوي البلطجية، ومعتادي السرقات، ما تسبب في انتشار وقائع التعدي على السائحين"، زاعمة أنّ "أصحاب الجمال والخيول يتصرفون بشكل مؤذٍ وغير لائق مع الأجانب في منطقة نزلة السمان، ويحاولون إجبارهم على ركوب الجمال والخيول، وتقاضي الأموال نظير ذلك".




وتابعت في طلب الإحاطة: "الأمر لا يقتصر على سلوكيات الخيالة، الذين يتعمدون محاصرة ومضايقة جميع زائري المنطقة، بل هناك من يتبعون الطريقة ذاتها مع جميع السيارات التي تتجه نحو بوابة الأهرامات". وقالت: "الحكومات المتعاقبة تتحدث عن مشروع تطوير منطقة الأهرامات منذ عام 2011، واستحداث منظومة جديدة للتأمين والتنظيم والإدارة باستخدام التكنولوجيا الحديثة، بهدف تقديم خدمات متميزة للسائحين والزائرين، بشكل يليق بمنطقة تعكس عظمة الحضارة المصرية" مستدركة أنّ "هذا المشروع لن ينجح وسط وجود هؤلاء البلطجية، الذين يرفضون التعامل مع السائحين بشكل لائق" على حد زعمها.

ووجهت عجمي تساؤلات عدة إلى الحكومة، من بينها: "ما هي نسبة تنفيذ مشروع تطوير منطقة الأهرامات حتى الآن؟ ولماذا تتجاهل وزارتا السياحة والآثار وقائع الاعتداء على السائحين؟ وما هي إجراءات مواجهة المواطنين عديمي خبرة في التعامل مع السائحين بالمنطقة".

وعجمي هي صاحبة مقطع الفيديو الشهير نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي وجهت فيه كلمات سوقية في مواجهتها مع الناشطة الفرنسية كلير تالون على قناة "فرانس 24" العربية، وزعمت خلاله أنّ هناك 40 ألف شهيد من الجيش والشرطة، إذ قالت مخاطبة الناشطة: "سنظل وراء الرئيس السيسي بكل قوتنا، سواء رضيتم أم لا... وتقولي بقى مسرحية أو فيلم، ده عند maman (أمك).. لكن عندنا إحنا بالقوة!".

وفي سياق قريب، قررت لجنة الثقافة والإعلام والآثار في مجلس النواب، اليوم، إرجاء مناقشة طلب الإحاطة المقدم من النائب، إيهاب غطاطي، بشأن استعراض خطة الدولة إزاء تطوير منطقة نزلة السمان، واستدعاء وزير الآثار، خالد العناني، ووزير التنمية المحلية محمود شعراوي، لعرض خطتهما للتعامل مع مشكلات المنطقة. وشهد الاجتماع انتقادات واسعة من النواب لضعف التمثيل الحكومي، وعدم وجود إجابات واضحة لدى المسؤولين الحاضرين في الاجتماع، حول أعمال الإزالة التي تجري للمنازل والمحال المخالفة في منطقة نزلة السمان. وقال غطاطي: "أهالي نزلة السمان ليسوا ضد التطوير، لكن يجب تعويض أصحاب مستندات الملكية بشكل مناسب، في حال ما قررت الحكومة نقلهم إلى مكان آخر".

من جهته، قال مدير عام منطقة آثار الهرم، أشرف محيي، إنّ الإزالات تحدث لأبنية مخالفة للقانون، نظراً لخضوع المنطقة لقانون يمنع البناء والحفر والتعلية، مبيناً أنّ قرارات الإزالة تنفذها القيادات المحلية بعد دراسة أمنية. واستشهد بما كشف عنه قبل أسابيع: "أحد الأشخاص كان يحفر تحت منزله من أسبوعين، ووجد مقبرة فرعونية، ولم يعرف كيف يتصرف في المقبرة، فقطع رؤوس المومياءات تمهيداً لبيعها، وكانت فضيحة لمصر أمام العالم".

يعيش أهالي نزلة السمان في حالة ترقب، على ضوء خطط التطوير الحكومية المتواترة بشأن المنطقة، التي تعتبر بوابة دخول منطقة الأهرامات، وينتشر بها محال بيع التحف الأثرية والسلع التراثية، خصوصاً أنّ شركة "أوراسكوم" التي يمتلكها رجل الأعمال نجيب ساويرس، وقعت أخيراً مع وزارة الآثار المصرية عقداً يمنحها حق الانتفاع بمنطقة الأهرامات، ووضعت خططاً لتنظيم أوضاع أصحاب الخيول والجمال، والباعة الجائلين.

وفي 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، قمعت الأجهزة الأمنية في مصر اعتراض أهالي نزلة السمان على إزالة منازل ومحال تجارية وبازارات بالمنطقة، خلال الحملة التي نفذتها الشرطة كجزء من موجة إزالة التعديات على أراضي الدولة، والتي يسعى من خلالها النظام الحاكم إلى استعادة ملايين الفدادين التي أقيمت عليها منازل بشكل مخالف لقواعد البناء، حتى وإن كان قد تم تقنينها بعد بنائها.




وأسفرت أحداث نزلة السمان عن اعتقال نحو 40 مواطناً، خرج بعضهم من قسم شرطة الأهرام بعد قضاء ساعات من دون تحقيق، فيما وجهت اتهامات بمقاومة السلطات إلى بعضهم الآخر. وتداول المتضررون من الأهالي، والذين يعملون جميعاً في الأنشطة السياحية، معلومات تفيد آنذاك بأن المناطق التي ستشملها الإزالات من النزلة مدروسة ومختارة بعناية، لضمها إلى مشروع تطوير منطقة الأهرامات سياحياً.