محاولة انتحار أخيرة لطالب فرنسي أحرق نفسه في ليون بسبب عدم قدرته على سداد إيجار السكن، سلطت الضوء مجدداً على مشاكل كبيرة جداً يعاني منها هذا القطاع العريض من الشباب
يكثر الحديث حول ظروف الطلاب الجامعيين القاسية في فرنسا، فيذهب التفكير بسرعة، نحو الطلاب الأجانب، لا سيما المغاربيين والأفارقة، فبلدان الصين والهند واليابان تنفق أموالاً طائلة على طلابها في فرنسا، لأجل إقناعهم بالعودة بعد تخرجهم والمساهمة في التنمية، على العكس من دول أخرى.
كان من المقرر أن تزداد، هذه السنة، 2019- 2020، رسوم تسجيل هؤلاء الطلاب، بِنسب غير مسبوقة، فيدفع طالب الإجازة الأجنبي 2270 يورو، سنوياً، بدلاً من 180 يورو. أما طالب الماجستير فيتوجب عليه دفع 3770 يورو، سنوياً، بدلاً 243 يورو. لكنّ جامعات كثيرة رفضت تطبيق هذه الزيادة التي أعلن عنها رئيس الحكومة إدوار فيليب، كما أنّ المجلس الدستوري، في قرار أصدره يوم 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، استهجن هذه الزيادة الباهظة، مشدداً على مجانية التعليم العالي العمومي، ومتقبلاً فكرة فرض رسوم تسجيل متواضعة.
لكنّ الطلاب الأجانب ليسوا وحدهم من يعيشون ظروفاً صعبة كثيراً ما يضطرون معها للتوقف عن الدراسة من أجل العمل، ثم يجدون أنفسهم في وضع غير قانوني، فكثير من الطلاب الفرنسيين بالذات يواجهون صعوبات كبيرة في متابعة دراستهم.
وقد جاء الحادث المأساوي، يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، للطالب أنس كاف (22 عاماً) من جامعة "ليون"، الذي أشعل النار في جسده، ليكشف بعض جوانب الحياة الجامعية الصعبة، علماً أنّ كاف ما زال في المستشفى بين الحياة والموت. وقد اعترف رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، بالظروف القاسية التي يعيشها بعض الطلاب، مشيراً إلى أنّ معاناة الطالب الذي حاوَل الانتحار حرقاً "تذكّرنا بصعوبة الحياة الجامعية".
اقــرأ أيضاً
ومن مظاهر صعوبة حياة العديد من الطلاب هو أنّ طالباً واحداً من بين كلّ خمسة، يعيش تحت عتبة الفقر. كذلك، فإنّ صعوبة الحصول على سكن جامعي، وهو الأرخص مقارنة بالسكن خارجه، وأيضاً ارتفاع كلفة النقل، يدفعان كثيراً من الطلاب للتغيب عن الدروس، وأحياناً الخروج من النظام التعليمي.
أعقبت محاولة الانتحار تظاهرات طلابية عديدة وإغلاق جامعات، وهو ما أثار مخاوف السلطات من انضمام الطلاب إلى الاحتجاجات التي تشهدها فرنسا، والتي ستزداد قوة، مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، مع الإضراب الوطني المفتوح. وعلى الفور، قررت الحكومة بعد اتصال النقابات الطلابية بها، أن تشمل "الهدنة الشتوية" السكن الجامعي، أيضاً.
وبفضل هذه الهدنة يستمر الطالب في سكنه، على الرغم من عدم دفع الإيجار، وعلى الرغم من صدور أوامر قضائية بالإخلاء، بالإضافة إلى وضع رقم هاتفي سريع من أجل الوصول إلى المساعدات الطارئة، في انتظار تقييم للمنح، وظهور ما يسمى "الدخل الشامل" للشباب، وهي أجوبة تراها جميع النقابات الطلابية غير كافية.
وقد جاء تحقيق أجراه معهد "سي إس ايه" لصالح اتحاد تعاضد الطلاب، ليصبّ في توجهات النقابات الطلابية ويدعمها في التفاوض مع الحكومة. وقد استطلع هذا المعهد 5800 طالب فكانت الأجوبة مقلقَة للغاية. وفي حين أنّ الطالب الذي حاول الانتحار حُرمَ من السكن الجامعي، فحاول الانتحار بالقرب منه، فإن التقرير يكشف أنّ ثلث الطلاب صادفتهم مشاكل السكن، سواء الجامعي أو غيره. فإذا كان 67 في المائة لم يواجهوا هذه المشكلة، فالبقية عرفوها بالرغم اختلاف الأسباب، ومنها قلة العرض أو الوضع المالي للطالب، أو لأنّ العروض غير مناسبة بسبب مخاطر على الصحة. أما في ما يخص الصحة، فعلى الرغم من أنّ 89 في المائة، ممن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاماً، يتحدثون عن تمتعهم بصحة جيدة، فإنّ كثيرين من بينهم يتحدثون عن اضطراب في حياتهم. ويكشف التقرير أنّ صحتهم الذهنية ضعيفة، إذ إنّ 68 في المائة يكشفون عن نزوع للحطّ من قيمتهم، فيشعرون بالحزن والإحباط، خلال فترة طويلة من النهار، وهو ما يتكرر يومياً تقريباً. وفي هذا الصدد، يرى التقرير أنّ 65 في المائة من الطلاب يعيشون وضعا نفسيا صعبا.
اقــرأ أيضاً
أما في ما يخص العلاقة بين تلقي الدروس والضغط النفسي، يكشف 42 في المائة من المستطلعين أنّهم يشعرون بالضغط في معظم الأحيان، في حين أنّ 7 في المائة يأتيهم بشكل منتظم، و43 في المائة يشعرون به من حين إلى آخر. وفي السؤال عن الأسباب الرئيسة التي تسبب التوتر والضغط لدى الطلاب، تختلف الإجابات، فـ86 في المائة يعزونها إلى الدراسة، بينما يرى 34 في المائة أنّها بسبب العمل، و30 في المائة بسبب الشعور بالعزلة، و29 في المائة لأسباب مالية، و23 في المائة لأسباب لها علاقة بالبيئة، كالتلوث والضجيج، و15 في المائة لمشاكل صحية، و14 في المائة لصعوبات النقل، وأخيراً، 4 في المائة، بسبب مختلف أنواع الإدمان، كالقمار والخمر والمخدرات.
كذلك، يعاني كثير من الطلاب صحيا، وفي تلقي العلاج الضروري، ويوضح التقرير أنّ 42 في المائة من الطلاب قرروا التخلي عن العلاج، خلال الأشهر الـ12 الأخيرة، لأسباب مختلفة: 54 في المائة لأنّهم لم يجدوا الوقت المناسب، و40 في المائة لأسباب مالية، و39 في المائة لأنّهم لجأوا إلى العلاج الذاتي، و28 في المائة لصعوبة العثور على طبيب، و13 في المائة بسبب البعد والنقل، وأخيراً 11 في المائة، لصعوبة التواجد في النظام الصحي.
كان من المقرر أن تزداد، هذه السنة، 2019- 2020، رسوم تسجيل هؤلاء الطلاب، بِنسب غير مسبوقة، فيدفع طالب الإجازة الأجنبي 2270 يورو، سنوياً، بدلاً من 180 يورو. أما طالب الماجستير فيتوجب عليه دفع 3770 يورو، سنوياً، بدلاً 243 يورو. لكنّ جامعات كثيرة رفضت تطبيق هذه الزيادة التي أعلن عنها رئيس الحكومة إدوار فيليب، كما أنّ المجلس الدستوري، في قرار أصدره يوم 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، استهجن هذه الزيادة الباهظة، مشدداً على مجانية التعليم العالي العمومي، ومتقبلاً فكرة فرض رسوم تسجيل متواضعة.
لكنّ الطلاب الأجانب ليسوا وحدهم من يعيشون ظروفاً صعبة كثيراً ما يضطرون معها للتوقف عن الدراسة من أجل العمل، ثم يجدون أنفسهم في وضع غير قانوني، فكثير من الطلاب الفرنسيين بالذات يواجهون صعوبات كبيرة في متابعة دراستهم.
وقد جاء الحادث المأساوي، يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، للطالب أنس كاف (22 عاماً) من جامعة "ليون"، الذي أشعل النار في جسده، ليكشف بعض جوانب الحياة الجامعية الصعبة، علماً أنّ كاف ما زال في المستشفى بين الحياة والموت. وقد اعترف رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، بالظروف القاسية التي يعيشها بعض الطلاب، مشيراً إلى أنّ معاناة الطالب الذي حاوَل الانتحار حرقاً "تذكّرنا بصعوبة الحياة الجامعية".
ومن مظاهر صعوبة حياة العديد من الطلاب هو أنّ طالباً واحداً من بين كلّ خمسة، يعيش تحت عتبة الفقر. كذلك، فإنّ صعوبة الحصول على سكن جامعي، وهو الأرخص مقارنة بالسكن خارجه، وأيضاً ارتفاع كلفة النقل، يدفعان كثيراً من الطلاب للتغيب عن الدروس، وأحياناً الخروج من النظام التعليمي.
أعقبت محاولة الانتحار تظاهرات طلابية عديدة وإغلاق جامعات، وهو ما أثار مخاوف السلطات من انضمام الطلاب إلى الاحتجاجات التي تشهدها فرنسا، والتي ستزداد قوة، مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، مع الإضراب الوطني المفتوح. وعلى الفور، قررت الحكومة بعد اتصال النقابات الطلابية بها، أن تشمل "الهدنة الشتوية" السكن الجامعي، أيضاً.
وبفضل هذه الهدنة يستمر الطالب في سكنه، على الرغم من عدم دفع الإيجار، وعلى الرغم من صدور أوامر قضائية بالإخلاء، بالإضافة إلى وضع رقم هاتفي سريع من أجل الوصول إلى المساعدات الطارئة، في انتظار تقييم للمنح، وظهور ما يسمى "الدخل الشامل" للشباب، وهي أجوبة تراها جميع النقابات الطلابية غير كافية.
وقد جاء تحقيق أجراه معهد "سي إس ايه" لصالح اتحاد تعاضد الطلاب، ليصبّ في توجهات النقابات الطلابية ويدعمها في التفاوض مع الحكومة. وقد استطلع هذا المعهد 5800 طالب فكانت الأجوبة مقلقَة للغاية. وفي حين أنّ الطالب الذي حاول الانتحار حُرمَ من السكن الجامعي، فحاول الانتحار بالقرب منه، فإن التقرير يكشف أنّ ثلث الطلاب صادفتهم مشاكل السكن، سواء الجامعي أو غيره. فإذا كان 67 في المائة لم يواجهوا هذه المشكلة، فالبقية عرفوها بالرغم اختلاف الأسباب، ومنها قلة العرض أو الوضع المالي للطالب، أو لأنّ العروض غير مناسبة بسبب مخاطر على الصحة. أما في ما يخص الصحة، فعلى الرغم من أنّ 89 في المائة، ممن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاماً، يتحدثون عن تمتعهم بصحة جيدة، فإنّ كثيرين من بينهم يتحدثون عن اضطراب في حياتهم. ويكشف التقرير أنّ صحتهم الذهنية ضعيفة، إذ إنّ 68 في المائة يكشفون عن نزوع للحطّ من قيمتهم، فيشعرون بالحزن والإحباط، خلال فترة طويلة من النهار، وهو ما يتكرر يومياً تقريباً. وفي هذا الصدد، يرى التقرير أنّ 65 في المائة من الطلاب يعيشون وضعا نفسيا صعبا.
أما في ما يخص العلاقة بين تلقي الدروس والضغط النفسي، يكشف 42 في المائة من المستطلعين أنّهم يشعرون بالضغط في معظم الأحيان، في حين أنّ 7 في المائة يأتيهم بشكل منتظم، و43 في المائة يشعرون به من حين إلى آخر. وفي السؤال عن الأسباب الرئيسة التي تسبب التوتر والضغط لدى الطلاب، تختلف الإجابات، فـ86 في المائة يعزونها إلى الدراسة، بينما يرى 34 في المائة أنّها بسبب العمل، و30 في المائة بسبب الشعور بالعزلة، و29 في المائة لأسباب مالية، و23 في المائة لأسباب لها علاقة بالبيئة، كالتلوث والضجيج، و15 في المائة لمشاكل صحية، و14 في المائة لصعوبات النقل، وأخيراً، 4 في المائة، بسبب مختلف أنواع الإدمان، كالقمار والخمر والمخدرات.
كذلك، يعاني كثير من الطلاب صحيا، وفي تلقي العلاج الضروري، ويوضح التقرير أنّ 42 في المائة من الطلاب قرروا التخلي عن العلاج، خلال الأشهر الـ12 الأخيرة، لأسباب مختلفة: 54 في المائة لأنّهم لم يجدوا الوقت المناسب، و40 في المائة لأسباب مالية، و39 في المائة لأنّهم لجأوا إلى العلاج الذاتي، و28 في المائة لصعوبة العثور على طبيب، و13 في المائة بسبب البعد والنقل، وأخيراً 11 في المائة، لصعوبة التواجد في النظام الصحي.