مقتل 148 شخصاً ونزوح 200 ألف في معرة النعمان

25 ديسمبر 2019
كارثة إنسانية ودمار (Getty)
+ الخط -

تتواصل عمليات النزوح من مناطق مختلفة في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي جراء الحملة العسكرية والقصف من طرف قوات النظام والطيران الحربي الروسي منذ نحو 10 أيام، باتجاه مدينة معرة النعمان، ما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين وتهجير أكثر من 200 ألف شخص، بحسب الدفاع المدني.

ووثّق الدفاع المدني في بيان له، أنه منذ بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي حتى 23 منه قُتل 148 شخصاً، بينهم 34 طفلاً، 29 امرأة، و3 متطوعين من صفوف الخوذ البيضاء، فيما تمكنت فرقه من إنقاذ وإسعاف 273 شخصاً، بينهم 83 طفلاً و74 امرأة، جراء أكثر من 4500 هجوم، من ضمنها أكثر من 700 غارة جوية، 3500 عملية قصف مدفعي وصاروخي، و350 برميلاً متفجراً.

وأكد البيان أن الاستهداف الممنهج للجسور ومفارق الطرقات وقوافل المهجرين جعل النزوح حلماً بعيد المنال ومحفوفاً بالمخاطر للكثيرين، مشيراً إلى تجاهل روسيا والنظام السوري لنداءات 130 منظمة من منظمات المجتمع المدني التي طالبت بوقف القتل وضرورة تأمين هدنة إنسانية لإخلاء المدنيين من المناطق المستهدفة.

واعتبر الدفاع المدني أن موقف الأمم المتحدة كان خجولاً جدّاً حيال المأساة والكارثة الإنسانية بحق أهالي إدلب، إذ أرسل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى المنظمات العاملة في إدلب، يقول فيها إنه تمكّنَ من الحصول على موافقة على إيقاف مؤقت لاستهداف طريقين رئيسين في إدلب، الطريق M5 من معرة النعمان شمالاً إلى سراقب، والطريق من معرة النعمان إلى أريحا في الشمال الغربي، وذلك حتى الساعة السادسة من مساء أمس الثلاثاء، داعياً إلى مشاركة هذه المعلومات حتى يتمكن أكبر قدر ممكن من الناس من الاستفادة منها، والنزوح من المناطق المستهدفة خلال المهلة المحددة بعد مفاوضات أجرتها الأمم المتحدة مع روسيا.

لكن طائرات النظام استهدفت طريق معرة النعمان سراقب ظهر أمس، بعد إرسال هذه الرسائل وقبل نهاية المهلة المحددة، كذلك استهدفت الطائرات الحربية الروسية مخيماً عشوائياً للنازحين ومدرسة في قرية جوباس قرب سراقب على مقربة من الطريق M5 في الوقت نفسه تقريباً، ما أدى إلى سقوط 10 قتلى من المدنيين.

وأعلن مدير الدفاع المدني في مدينة معرة النعمان، عبادة ذكرى، المدينة منكوبة بشكل كامل نتيجة القصف الجوي والمدفعي الذي لم يتوقف منذ أيام.

وقال ذكرى في تصريح لتلفزيون محلي، إنّ أكثر من 180 ألف نسمة تركوا منازلهم ومناطقهم في معرة النعمان وما حولها، مشيراً إلى أن فرق الدفاع المدني واجهت صعوبات خلال عملية إخلاء المدنيين من المناطق التي تتعرض لقصف جوي ومدفعي، وذلك نتيجة استهداف الطائرات الحربية للآليات المخصصة لنقل المدنيين.

من جهته، قال المجلس المحلي لمدينة كفرنبل جنوب مدينة إدلب، إن 95 بالمائة من سكان مدينة كفرنبل نزحوا نتيجة الحملة العسكرية لروسيا وقوات النظام السوري.

وأضاف رئيس المجلس المحلي، هيثم الخطيب، في تصريح لوكالة "سمارت" المحلية، أن المدينة كان يقطنها 35000 نسمة (7000 عائلة)، نزحوا بسبب القصف المكثف بمختلف أنواع الأسلحة، مشيراً إلى أن نسبة الدمار في المدينة وصلت إلى قرابة خمسين بالمائة.

وأغلقت المدارس في إدلب أبوابها اليوم الأربعاء، تضامناً مع الطلاب المهجرين من ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، جراء عمليات القصف الجوي والأرض، فيما بدأت العديد من المدارس تتحول إلى مراكز إيواء للنازحين في المناطق الأكثر أماناً، فيما يزداد الضغط من الشارع الذي يغصّ بالنازحين الحائرين لتحويل ما بقي من مدارس إلى مراكز إيواء، الأمر الذي يهدد بتوقف العملية التعليمية، التي تعاني في الأصل من توقف الدعم.

وقال مصطفى محمد، مدرس من بلدة بنش في ريف إدلب، لـ"العربي الجديد": "أمس قصف النظام مدرسة في بلدة جوباس بالقرب من سراقب، كانت قد تحولت إلى مركز إيواء. الوضع سيئ جداً، والنازحون في كل مكان، في الأراضي الزراعية والشوارع، وفي المناطق الشمالية لم يعد هناك مكان لتسير فيه السيارة".

وأضاف: "قرار تعليق الدوام صدر من قبل مديرية التربية، بسبب التخوف من الأوضاع الأمنية على الأغلب"، وأوضح أن "الأهالي في مناطقنا، وهي بعيدة نسبياً عن القصف، لا تخوفات أمنية لديهم، إلا أن الناس يرون أن الأولويات في إسكان النازحين بالمدارس، وهناك دعوات لذلك من قبل الناس على الأقل حين يشتد البرد".

وكانت مديرية التربية والتعليم في إدلب قد أصدرت أمس الثلاثاء أمراً إدارياً اطلع عليه "العربي الجديد"، جاء فيه: "بناءً على مقتضيات المصلحة العامة، وحرصاً على حسن سير العمل، وتضامناً مع أبنائنا الذين هجرتهم آلة القتل وحرمتهم حقهم في الحياة والتعلّم، والذين تجاوز عددهم 113 ألف طالب وطالبة، يعلَّق الدوام في مدارس محافظة إدلب كافة يوم الأربعاء 25-12-2019، وينتهي يوم الجمعة 27-12-2019".

ومن جانبه، قال مشرف مجمّع إدلب التربوي أبو أحمد العبسي، لـ"العربي الجديد": "تنديداً بحملة القصف الروسي على المدنيين التي طاولت بعض المدارس، وتضامناً مع الطلاب النازحين من بلدانهم، الذين توقفوا عن التعلّم، أردنا أن نوصل رسالة إلى العالم بتحمل مسؤولياته الأخلاقية تجاه ما يجري".

وأضاف: "لقد تحول الكثير من المدارس إلى مراكز إيواء، وتوقفت العملية التعليمية فيها، إذ لم يكن هناك بد من فتح المدارس أمام النازحين، جراء الضغط الهائل من الناس الذين نزحوا ولم يتمكنوا من تأمين مأوى، فيما لا يزال النزوح مستمراً".

ولفت إلى أن "الخيارات صعبة، والعملية التعليمية مهددة بالتوقف بشكل كامل، لأننا أمام ضغط كبير من قبل المجتمع المحلي، وليس لدينا خيار آخر إلا إيقاف المدارس واعتمادها مراكز إيواء، بالرغم من أنها لم تسلم من القصف، وآخرها كان أمس عندما قُصفت مدرسة في جوباس، وكانت تؤوي نازحين، ما سبّب سقوط عشرة شهداء، وعشرات الجرحى، معظمهم نساء وأطفال".

ومن جهته، قال رئيس دائرة الإعلام في مديرية التربية والتعليم بإدلب مصطفى حاج علي، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار كان بطلب من المجمّعات التربوية، لإظهار الوضع السيئ في إدلب، وترك المجمعات ترتب بيتها الداخلي بعد موجة النزوح من المجمّعات وإليها، ورسالة للمجتمع الدولي بأن التعليم يقترب من وضع كارثي".

وحول مسألة تقديم الامتحانات النصفية، قال حاج علي إن "الامتحانات موضوع حساس، ويعود تحديد الموعد بحسب الوضع الأمني بالمجمّع، ولكن تجري مناقشته الآن في مجلس الإدارة بالتربية مع مراعاة الوضع الصعب للمجمّعات الجنوبية".

وأضاف: "نناشد اليوم ما قبل الكارثة الكبرى جميع المنظمات العمل على إيقاف الحملة العسكرية على ريف إدلب الجنوبي".

وبين أن "مديرية التربية تدرس الوضع الحالي، لوضع تصور ما قد يكون عليه المستقبل القريب، وهناك أولوية لإيواء النازحين في المدارس، وعدم إبقائهم في العراء، إن لم تتوافر المخيمات اللازمة".  



المساهمون