حبوب غريبة في الحلوى تقلق إيران

18 ديسمبر 2019
هؤلاء عرضة للحلوى الملوّثة وغيرها (ريموند فرانكن/ Getty)
+ الخط -

ما زالت قضيّة الحبوب الغريبة المكتشفة في حلوى إيرانية وفي منتجات غذائية أخرى تتفاعل في البلاد. ويثير الأمر مخاوف بين أهالي التلاميذ الذين تضرروا وكذلك الذين لم يطاولهم الأمر بعد والجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية.

بدأت القصة بانتشار تسجيل فيديو حول اكتشاف تلاميذ حبوباً غريبة مشبوهة في حلوى بمدينة بندر عباس، مركز محافظة هرمزجان، جنوبي إيران، قبل عشرة أيام تقريباً. لم يُأخذ الموضوع على محمل الجدّ، بداية، وثمّة إيرانيون عدّوه مجرّد مزاح. لكن بعد انتشار تسجيلات فيديو مشابهة في محافظات أخرى، رأت السلطات في البلاد أنّها أمام قضية حقيقية ومرعبة. فمحتوى تلك التسجيلات راح يشغل الرأي العام الإيراني ويثير مخاوف كبيرة في الأسر الإيرانية.

وتظهر تصريحات رسمية وتقارير إعلامية أنّ اكتشاف مثل تلك الحبوب الغريبة لم يعد مقتصراً على الحلوى، علماً أنّ جامعة العلوم الطبية في محافظة كهكيلويه وبوير أحمد كانت قد أعلنت في وقت سابق عن اكتشاف حبوب غريبة مماثلة في "البفك" (منفخات الذرة) بإحدى مدن المحافظة. كذلك أفاد نادي "المراسلين الشباب" الإيراني التابع إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية يوم الإثنين الماضي، بأنّه عُثر على حبوب غريبة مماثلة في عبوات حليب أطفال. ولم يسمّ النادي المدينة حيث اكتشف الحليب الملوّث، معلناً أنّ وزارة الصحّة الإيرانية لم تؤكد بعد مدى صحّة الخبر وأنّ مراسليه يتابعون ذلك ويتواصلون مع الوزارة. 

تفيد المعطيات الأخيرة بأنّ السلطات المعنية أعلنت عن اكتشاف حلوى ملوّثة بمثل تلك الحبوب الغريبة في محافظات هرمزجان، وسيستان وبلوشستان، وكرمان، وبوشهر، وكرمانشاه، وآذربايجان الغربية، وألبرز، وإيلام، وزنجان، وكردستان، وكهكيلويه وبوير أحمد، وهمدان، ولرستان، أي في 13 محافظة من أصل 31، وقد يطاول الأمر محافظات أخرى في خلال الأيام المقبلة. أمّا عن نوع الحبوب الغريبة التي عُثر عليها في الحلوى أو "البفك" أو غيرهما من سلع غذائية، فقد زعمت حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي أنّها حبوب إدمان وهلوسة من قبيل "ترامادول" أو "فوسفيد الألومنيوم" القاتل. لكنّ رئيس شرطة مكافحة المخدرات محمد مسعود زاهديان نفى ذلك، بحسب ما أوضح موقع الشرطة الإيرانية، مؤكداً أنّ الاختبارات والتحاليل المختبرية تظهر أنّ الحبوب المعبأة ليست مخدّرة وإنّما هي حبوب "هيوسين" (دواء مضاد للتقيّؤ). وهو ما أكّده كذلك رئيس قسم العلاقات العامة في وزارة الصحة الإيرانية كيانوش جهانبور لوكالة "إيسنا" الإيرانية، قائلاً إنّ الحبوب ليست مخدّرة ولا فوسفيد الألومنيوم بل هي حبوب طبيّة متوفّرة في كلّ منزل.




وبحسب ما نقلت وكالات أنباء وصحف إيرانية حتى الآن، فقد تسبّبت الحلوى الملوّثة بعشرات حالات التسمّم بين تلاميذ مدارس إيرانية. وقد أفادت صحيفة "همشهري" الإيرانية في تقرير نشرته يوم الأحد الماضي، نقلاً عن رئيس جامعة العلوم الطبية في محافظة آذربايجان الغربية، جواد آقازادة، قوله إنّ 18 تلميذاً أصيبوا بتسمّم في إحدى مدارس مدينة أورومية، مركز المحافظة، بعد تناولهم حلوى ملوّثة، ونقلوا على الأثر إلى المستشفى. من جهتها، كانت جامعة العلوم الطبية في محافظة كرمان، قد كشفت في الأسبوع الماضي عن تسمّم سبعة أشخاص نتيجة تناول حلوى ملوّثة. ويوم الإثنين الماضي، نقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن رئيس مركز الصحة والعلاج في مدينة كوهدشت بمحافظة لرستان، قوله إنّ أربعة تلاميذ مدرسة نقلوا إلى المستشفى بسبب تسمّم ناتج عن الحبوب الغريبة في الحلوى.

في تعليق أوّل على تسجيلات فيديو منتشرة حول اكتشاف حبوب غريبة داخل حلوى في جنوب إيران، نفت وزارة الصحة الإيرانية صحّة ما هو متداول، لكنّها عادت لتؤكد الموضوع معلنة أنّه عُثر على مثل تلك الحبوب في حلوى مُنتجة من قبل 12 شركة إيرانية معروفة. وقد أشارت إلى أنّه لم تتّضح بعد هوية الجهات التي تقف وراء هذا الأمر ودوافعها. كذلك نقلت وكالة "إيسنا" الإيرانية عن وزير الصحة الإيراني مسعود نمكي تصريحاً يوم الأحد الماضي، قال فيه إنّ "أيّ حالة تسمّم حاد لم تُسجَّل حتى الآن لحسن الحظ". وبينما يتساءل الإيرانيون عن الجهات التي تقف وراء ذلك، أكّد نمكي أنّ إيران تواجه "قضيّة أمنيّة"، موضحاً أنّ وزارة الصحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تتابع الموضوع للوصول إلى الجهات المتورّطة في ذلك. أضاف نمكي أنّ "شبكة تعمل بشكل منظم على شلّ الصناعات الغذائية الناجحة في البلاد"، وأنّها تهدف إلى "ضرب الرأي العام الإيراني".

من جهته، صرّح قائد الشرطة الإيرانية حسين أشتري يوم الأحد الماضي بأنّ الشرطة تتابع الموضوع بجدية وبأنّها سوف تعلن عن نتائج تحقيقاتها قريباً، بحسب ما نقلت عنه وكالة "فارس" الإيرانية. أمّا المتحدث باسم السلطة القضائية غلامحسين إسماعيلي فقد وصف الأمر بأنّه "مؤامرة"، مشيراً إلى تحقيقات قضائية حوله، ولافتاً إلى أنّ أيّ شخص لم يُعتقَل بعد على خلفية الحلوى الملوّثة، لكن "سوف يتمّ التعرف عليهم والقبض عليهم حتماً".



وتُطرح تساؤلات عما إذا كانت الحبوب الغريبة قد وضعت في الحلوى وفي مواد غذائية أخرى في أثناء عملية الإنتاج أو بعد ذلك، فيما تنفي السلطات الإيرانية أن يكون الأمر قد تمّ في خلال الإنتاج. وقد أكّد المدير العام لدائرة الرقابة على المنتجات الغذائية في وزارة الصحة الإيرانية، محمد حسين عزيزي، أنّ "أيّ مشكلات لم تُسجَّل في خط إنتاج هذه الحلوى، لأنّه من المستحيل أن تبقى الأقراص أو الكبسولات على حالها في خلال عملية الإنتاج". وهذا ما قاله كذلك وزير الصحة أمس الثلاثاء، إذ صرّح بأنّ ذلك "لم يحدث في خطوط الإنتاج ولم نعثر على أيّ شيء في شبكة التوزيع كذلك"، واصفاً ما حصل بأنّه "عمل مخرّب ومنظّم". أمّا وزير التعليم والتربية الإيراني محسن حاجي ميرزايي فصرّح بأنّ "التحقيقات تشير إلى أنّ الحبوب أضيفت بعد إنتاج الحلوى لأنّ لونها لم يتغيّر وكذلك شكلها".