لا تتذكر إسراء الحاج فلسطين قبل النكبة، لكن الأكيد أنها تتذكر التهجير والحروب في لبنان والتنقل مكان إلى آخر
لم تخرج إسراء الحاج من بلدتها الناعمة في فلسطين (قضاء صفد)، كلاجئة مع أهلها إلى لبنان، لكنّها ولدت لاجئة في بلدة مرجعيون (جنوب لبنان). ولدت عام 1954، وعاشت مع أمها وأبيها في مرجعيون مدة خمسة أعوام. تقول: "كان والدي يعمل في الباطون، لكنه كان يبقى من دون عمل نحو عشرة أيام، نتيجة عوامل الطقس وغيرها. بعد ذلك، انتقلنا للعيش في مخيم تل الزعتر، لكننا لم نستطع التكيف في بيروت، وماتت جدتي لأبي".
تتابع الحاج: "بعد تلّ الزعتر، جئنا إلى مخيم النبطية (جنوب لبنان)، وعشنا في بيت من باطون وسقفه من الزينكو، حتى عام 1974. ثم قصفت طائرات العدو الصهيوني المخيم بحجة وجود فدائيين فيه، ما أدى إلى تدمير بيتنا. وقتل جدي داخل البيت بعدما أصابته شظايا القصف، وتهدّم المنزل".
لم تكن الحياة في مخيم النبطية هانئة، وكنّا نعاني الأمرّين. كذلك فإن الحياة المعيشية كانت صعبة جداً، والبيوت غير صالحة للسكن تقريباً. تذكر أن المراحيض كانت بعيدة عن البيوت. "وحين نستخدم المرحاض نقف في طابور. وإذا أردنا الذهاب إليه ليلاً، كان يرافقنا شخص كبير في السن". تذكر أن أمها أنجبت أربعة أولاد في مخيم النبطية.
وبعد هدم المخيم، توجهت وعائلتها إلى بلدة كفررمان (جنوب لبنان). تضيف أنه "في عام 1976، دخل الجيش السوري إلى لبنان، ووصل إلى كفررمان. في ذلك الوقت، كان شقيقي يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، وكان تلميذاً. اعتقله السوريون. وفي عام 1979، قصف طيران العدو الصهيوني المنطقة، ففرّ أهلي من المنطقة نحو مدينة صيدا (جنوب لبنان)، لكن لم نترك المنزل الذي استأجرناه في كفررمان، بل كنا نذهب إليه لنطمئن على أغراضنا، ثم نعود إلى صيدا. بعد ذلك، انتقل أهلي إلى منطقة القناية في صيدا للسكن، ثم عادوا للعيش في مخيم عين الحلوة، في مجمّع بُني لعدد من العائلات الفلسطينية، حيث ما زلت أعيش".
تزوّجت حين كانت في العشرين من عمرها، وشهدت الاجتياح الإسرائلي للبنان عام 1982. "زوجي كان منظّماً في حركة فتح. وبعد الاجتياح، سافر إلى السودان ولحقت به وعشنا حياة صعبة. ثم انتقلنا إلى ليبيا. وبعد اتفاق أوسلو، توجه زوجي مع فتح إلى غزة، وانتظرت في مصر ريثما أحصل على أوراقي للحاق به. وبعد حصولي على تصريح، دخلت إلى قطاع غزة، ثم عدت إلى لبنان لتجديد جواز سفري. علمت أن زوجي قد تزوج امرأة أخرى، ففضلت البقاء في لبنان والعيش مع أهلي، إذ لم أُرزق أولاداً. كان علي تأمين عمل. عملت في مستشفى شعيب في مدينة صيدا في المطبخ لمدة ثماني سنوات، ثم انتقلت للعمل في مدرسة عاملة تنظيفات، وبقيت أعمل مدة طويلة ثم توقفت".
تضيف أنها كانت قد وفرت مبلغاً من راتبها الذي كانت تتقاضاه، "وهو ما بقي لي. أعيش اليوم في البيت الذي كان لأهلي في المخيم".