المنشور الذي يحمل تاريخ يوم الإثنين 25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، يقول إنه لوحظ استمرار بعض الأشخاص في تعاطي النصب داخل فضاء المحاكم أو بالأماكن العمومية القريبة من محيطها، "مستغلين هشاشة بعض المتقاضين وظروفهم لادعاء قدرتهم على إيجاد حلول لقضاياهم المعروضة على المحاكم، أو التدخل لفائدتهم لدى بعض الجهات القضائية مقابل مبالغ مالية مختلفة".
وأضافت الوثيقة، أن احتراف بعض الأشخاص لعمليات النصب على المتقاضين، بادعاء كونهم سماسرة لبعض المنتمين للمهن القانونية والقضائية، "لا تزال تخدش صورة العدالة لدى الرأي العام، وتمس بسمعة القضاة وباقي ممتهني العدالة، وهي بلا شك تؤثر في مستوى ثقة المتقاضين بالقضاء".
وبناء على هذه الملاحظات، وجّه رئيس النيابة العامة كلا من الوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك، بتشديد المراقبة على الأشخاص الوافدين على المحاكم، والذين لا تكون لديهم قضايا تخصهم، وتتبع سلوكهم واتصالاتهم داخل المحاكم، من أجل ضبط المخالفين منهم.
كما أمر رئيس النيابة العامة مرؤوسيه بتكليف مصالح الشرطة القضائية بالقيام بنفس المهام بمحيط المحاكم، وبالأماكن العمومية القريبة منها، بهدف ضبط الأشخاص الذين يتعاطون مثل هذه الأفعال.
وشدّد رئيس النيابة، على أهمية التنسيق مع رؤساء المحاكم والشرطة القضائية، لتحصين وتنظيم الدخول إلى المحاكم، "دون المساس بعلانية الجلسات، ومراقبة محيطها الخارجي لضبط الأشخاص الذين يترددون على جنبات المحاكم دون أن تكون لهم أغراض تخصهم، ويهدفون إلى استغلال حاجات المتقاضين وادعاء إمكانية التدخل لفائدتهم مقابل مبالغ مالية، ملحقين بهم وبسمعة القضاء ضررا فادحا".
كما أمر رئيس النيابة العامة بتحسيس مرتفقي المحاكم بكل الوسائل المتاحة بخطورة الوقوع في شراك النصب، "وتوجيههم إلى ضرورة العمل وفق المساطر القانونية لاقتضاء حقوقهم، مع إيلاء تبليغاتهم بهذا الخصوص العناية اللازمة ومباشرة الإجراءات القانونية فورا، واتخاذ القرارات الصارمة التي من شأنها تحقيق الردع العام والخاص".
وكان مقطع فيديو جرى تداوله منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قد سبّب استنفارا لدى السلطات الأمنية والقضائية المغربية، بسبب مضمونه الذي ينطوي على مساومة صريحة حول حكم قضائي بهدف تخفيضه حكما بالحبس لمدة 8 أشهر إلى شهرين فقط، مقابل مبلغ مالي يناهز 4 آلاف دولار.
وظهر الوسيط المفترض في الفيديو، وهو يجري على ما يبدو اتصالات هاتفية مع قضاة أو أعضاء في هيئة قضائية، من أجل طلب انتظار التفاهم مع ابنة المتهمة، قبل النطق بالحكم، فيما تجري الابنة اتصالاً هاتفياً مع والدتها الموقوفة، التي يفترض قانوناً أنّها لا تستطيع الحصول على هاتف، لتبلّغها بضرورة قبول عقوبة شهرين حبساً.
وبعدما جرى التعرّف إلى هوية الشخص الذي يظهر في الفيديو عقب انتشاره الواسع، تمكّنت مصالح الشرطة القضائية تحت الإشراف المباشر للنيابة العامة، من إيقاف الفاعل يوم 15 من هذا الشهر. وأوضح بيان أصدرته النيابة العامة المغربية حينها، أنّ "الشخص الموقوف كان مبحوثاً عنه بموجب برقيتي بحث على الصعيد الوطني من أجل تورّطه في ارتكاب جنحة النصب".
وانطلقت يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني بمدينة الدار البيضاء المغربية، محاكمة أربعة متهمين على خلفية هذا الفيديو، وهم كل من المتهم الرئيس الذي يظهر في الفيديو، فضلاً عن رجلي أمن، وشخص رابع يشتبه في ارتباطه بالنصب وانتحال صفة ومساعدة المتهم الرئيسي على الاختفاء.