جامعات تركية في شمال سورية

10 أكتوبر 2019
طلاب هندسة بجامعة إدلب (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

في شمال سورية، حاجة ماسة إلى كليات جامعية تقدّم مختلف الاختصاصات، إذ إنّ ما هو متوافر لا يلبي احتياجات الطلاب الذين يضطرون للانتساب إلى مؤسسات جامعية غير مرخصة، وهو ما دفع تركيا إلى افتتاح فروع لجامعاتها.

يصف الطالب الجامعي، حافظ عبود، افتتاح كليات تركية جديدة، في الشمال السوري، بأنّها خطوة متأخرة وناقصة، إذ جاءت بعد سبع سنوات من حرمان مؤيدي الثورة السورية الدراسة في الجامعات التابعة للحكومة السورية، كما يقول، وهو ما دفعهم إلى الاغتراب أو إكمال تحصيلهم العلمي العالي، في جامعات غير معترف بها دولياً، فأضاعوا المال والوقت، ولم تسعفهم شهاداتهم الجامعية في العثور على فرص عمل، وخصوصاً في تركيا.

يعتبر عبود، وهو من مدينة سرمين في ريف إدلب المحرر، في حديثه إلى "العربي الجديد" أنّ الكليات التي افتتحتها تركيا قبل أيام، لا تناسب أحلام الطلاب جميعاً، لأنّها تقتصر على الدراسة الشرعية والاقتصاد والتربية، فيما تغيب كليات العلوم التطبيقية، كالطب والهندسة، ولا مكان لدراستهما، إلا في جامعات تابعة للحكومة المؤقتة أو فروع الجامعات الدولية، وجميع تلك الجامعات تفتقر إلى الاعتراف الدولي بالشهادات الصادرة عنها. وعن تكاليف الدراسة في المناطق السورية الخارجة عن سيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، يضيف عبود: "تختلف من جامعة إلى أخرى، ومن كلية إلى كلية، ومن اختصاص إلى اختصاص. فهي تبدأ من رسوم رمزية للجامعة التابعة للحكومة المؤقتة، ثم 110 دولارات سنوياً لفروع الجامعات التركية، وتصل إلى نحو 300 دولار سنوياً لفروع جامعات أخرى مرتبطة بجامعات دولية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أصدر قبل أيام مرسوماً بإنشاء ثلاث كليات جديدة في سورية، تتبع لجامعة "غازي عنتاب" التي تأسست عام 1987، وتعتبر من أفضل الجامعات التركية، علماً أنّ ترتيبها العالمي هو 1452 والمحلي التركي 22. وتضمّن مرسوم الرئيس التركي إنشاء كلية العلوم الاقتصادية والإدارية في مدينة الباب، وكلية العلوم الإسلامية في مدينة أعزاز، وكلية التربية والتعليم في مدينة عفرين.




يقول الأستاذ الجامعي فاتح شعبان لـ"العربي الجديد" إنّ إطلاق كليات تركية في شمال سورية، له إيجابيات وسلبيات، موضحاً أنّ أهم الإيجابيات تتمثل باستيعاب الطلاب، في شمال سورية المحرر وفتح المجال لمتابعة الدراسة بتكاليف رمزية، وربما الأهم، الطمأنة التي سيحققها الطالب السوري، بعد حالات التلاعب والاحتيال التي تعرض لها البعض، من جراء فتح "دكاكين" جامعية تمنح الشهادات من دون أي اعتراف دولي. أما السلبيات، برأي المحاضر السابق في جامعة "غازي عنتاب"، فهو تأخر تركيا بهذا القرار، إذ جاءت عشرات الجامعات إلى شمال سورية، واستقطبت الطلاب في أرياف إدلب وحلب وحماة، ومن الصعب لكثيرين الانسحاب الآن لمتابعة الدراسة في الكليات الجديدة، كذلك فإنّ الكليات لا تغطي اهتمام الشباب السوري وتطلعاته، فهي تقتصر على الشريعة والاقتصاد والتربية. يشير شعبان إلى أن كثيراً من الطلاب السوريين انخرطوا بكليات أو فروع في شمال سورية، بالرغم من معرفتهم المسبقة بعدم الاعتراف بالشهادة، لأنّ فرص العمل في سورية أو حتى في تركيا، تتطلب الخبرة أولاً، كذلك فإنّ الشهادات الصادرة عن الكليات في محافظة إدلب وحلب، معترف بها بالداخل، وتعتمد في التدريس وبعض الوظائف.

وكانت جامعة "غازي عنتاب" التركية، قد أطلقت العام الماضي في جرابلس وأعزاز ومارع في شمال سورية، معاهد ركزت على التعليم المهني وعلى الخدمات والرعاية الصحية والتربية، لقاء كلفة رمزية لا تزيد سنوياً على 90 دولاراً أميركياً. وتحدث "العربي الجديد" إلى عضو لجنة قبول المحاضرين بالكليات الجديدة، الدكتور عبد الله حمادة، الذي يؤكد أنّ إطلاق كليات تتبع للحكومة التركية في شمال سورية، خطوة جيدة ومهمة، وإن كنا نتمناها قبل افتتاح الجامعات السورية الحرة "إدلب" و"حلب" أو فروع الجامعات الدولية، وهي معهد "باشاك شهير" التركي التابع لجامعة اليرموك الأردنية، و"الزهراء" التابعة لجامعة نيجيرية، و"الجامعة الدولية" التي وقّعت توأمة مع جامعات سودانية، و"جامعة الشام" الممولة من منظمة "اي هاها" التركية، لأن تلك الجامعات خلال السنوات الماضية استقطبت معظم الطلاب السوريين في المناطق المحررة، ليكونوا أمام حقيقة عدم الاعتراف بشهاداتهم دولياً.

يتابع حمادة: "الآن بعد اختيار الكادر التعليمي للكليات الجديدة، وجميعهم سوريون من رابطة مدرسي الجامعات السورية التي تضم مائة أستاذ جامعي من حاملي الدكتوراه، عدا عن معلمي مادة اللغة التركية، وهم أتراك، ستبدأ مقابلات الطلاب السوريين خلال الأيام القليلة المقبلة، لقبولهم بعد اختبار "يوز" الذي يتضمن رياضيات وأسئلة ذكاء". وحول القدرة الاستيعابية للكليات الجديدة وإمكانية التوسع خلال السنوات المقبلة، يضيف الأكاديمي السوري: "كلية الاقتصاد تتضمن ثلاثة أقسام قدرتها الاستيعابية 120 طالباً، ومثلها الشريعة والتربية والتعليم. وأتوقع أنّ السنوات المقبلة ستشهد افتتاح كليات في العلوم التطبيقية تابعة للحكومة التركية، أو فروع لجامعات خاصة تركية، لأنّ دراسة الطب مسعى معظم الشباب في شمال سورية، لكنّ عدم توافر البنية التحتية، وخصوصاً المستشفيات التي تتيح للطلاب مجال التدريب، يعرقل افتتاح كليات علمية، وأولها الطب البشري والأسنان.



وتشهد تركيا منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم نهضة تعليمية كبيرة، إذ ارتفعت موازنة التعليم على المستوى الوطني من مليار و890 مليون دولار أميركي في عام 2002 إلى 23 مليار دولار في عام 2018، بل يتجاوز الرقم الأخير 150 مليار ليرة (25.7 مليار دولار) مع مساهمات الوزارات الأخرى والمتبرعين. وكان عدد الجامعات في تركيا عام 2002 مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة 76 جامعة، وارتفع اليوم إلى 202 جامعة، كذلك هناك 15 جامعة جديدة في طور الإنشاء.
المساهمون