"لم يكن هناك قَطّ حرب جيدة أو سلام سيّئ"، تلك مقولة الكاتب والفنان بنجامين فرانكلين، التي قد تنطبق على واقع السوريين في منطقة شرق الفرات بشتى طوائفهم وأعراقهم. لكن حتى مع إعلان إنهاء تركيا لعملياتها العسكرية ووقف إطلاق النار هناك، برزت لدى الأهالي مخاوف جديدة، في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور ومنطقة منبج الواقعة في الريف الشرقي لمحافظة حلب السورية.
تتجسد تلك المخاوف بكون مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" أدخلت قوات النظام السوري والقوات الروسية إلى بعض المناطق الخاضعة لسيطرتها، بعد غيابها لسنوات عن تلك المناطق. وعبّر أهالي بلدات ريف دير الزور الغربي عن رفضهم لدخول قوات النظام، عبر مظاهرات واحتجاجات خلال اليومين الماضيين، أما في باقي المناطق كمدينة منبج، فلم يكن لدى الأهالي هذا الخيار، إذ دخلت قوات النظام برفقة الشرطة العسكرية الروسية دون سابق إنذار بالاتفاق مع "قسد".
والحياة في منبج اليوم ليست على طبيعتها كما كانت قبل بدء تركيا بعمليتها العسكرية شرق الفرات. وكما ينقل محمد العميري (36 عاماً) لـ"العربي الجديد" فإن "الحياة في المدينة شبه مشلولة في الوقت الحالي، حيث المحال التجارية مغلقة، وجميع الطرق المؤدية إلى داخل منبج وخارجها شبه مقطوعة، والوضع سيئ للغاية داخل المدينة".
وأضاف العميري: "النظام موجود في مدينة منبج حالياً، لكن السطوة والقوة بيد قوات سورية الديمقراطية، وأكثر ما يثير قلقنا ومخاوفنا، تمكّن النظام من السيطرة على المدينة وبسط قوته، وهذا سيسبّب كارثة حقيقية للأهالي الذين يخشون من تعرضهم للملاحقة الأمنية من جانب قوات النظام وأجهزته الأمنية بسبب مواقفهم السياسية أو لسوقهم إلى الخدمة العسكرية".
وتابع: "حالياً عناصر النظام الموجودون في المدينة ليس لديهم صلاحيات بالتعرض لأحد من الأهالي أو اعتقال أي شخص، لكن في الأيام المقبلة لا نعلم ماذا يمكن أن يفعلوا، فقد يلاحقون الأهالي أو يشنون حملات اعتقال".
وتحدث أيضاً فراس صلاح، من مدينة منبج عن مخاوفه، إذا قويت شوكة النظام في المدينة. وقال لـ"العربي الجديد": "يبدو أننا نحن أهالي منبج، الوحيدون الذين وقعنا في الورطة. ولو بقينا تحت حكم قسد، لكان أهون علينا، كنا متعايشين مع الظروف التي نمرّ بها، رغم صعوبتها".
وأضاف: "حتى الآن لم يحدث شيء، ولم يبدر شيء من طرف النظام باتجاهنا كمدنيين. لكن الخوف من الأيام المقبلة، وبالنسبة إليّ البقاء في المدينة ليس خياراً أبداً في الوقت الحالي، فأخشى أن أعتقل من قبل النظام في حال قبضِ قواته على زمام الأمور في المدينة. قد أبيع ممتلكاتي وأغادر، وهذا أنسب حلّ لي، لكن سأترقب قليلاً لأعلم ماذا سيجري".
أما محمد عبد الله، الناشط من دير الزور، فأوضح لـ"العربي الجديد" أن "قوات سورية الديمقراطية لاقت ذريعة لإدخال قوات النظام لبعض المناطق، وبالنسبة إلى أهالي بلدات ريف دير الزور ومدنه التي تخضع لسيطرة قسد، فهناك حالة من الإرباك، فإذا دخلت قوات النظام قد ترافقها الميليشيات الإيرانية، وهذه أيضاً مشكلة أخرى، لذلك يصرّ الأهالي على رفض دخول النظام لمناطق دير الزور، ويتطلعون إلى حلّ يريحهم من ممارسات قسد والنظام معاً".